نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"
مقالا لأمين عام المجلس النرويجي للاجئين، جان إيغلاند، قال فيه: "عندما كنت
أتجول حول كابول قبل بضعة أسابيع، شعرت أن المدينة مختلفة تماما عن زيارتي السابقة في عام 2019، وليس فقط لأن حربا استمرت 20 عاما قد انتهت أخيرا. الاقتصاد يخرج عن نطاق السيطرة.
وما لم تبدأ الأموال في التدفق قريبا، فإن انهيارا اقتصاديا شاملا سيغرق الأفغان
في كارثة إنسانية".
وأضاف أن اليأس في كل مكان، و"أخبرتني
الأمهات اللاتي جلست معهن في خيام مؤقتة أن عائلاتهن ليس لديهن دخل ولا احتياطيات،
وأنهن قلقات من أن أطفالهن سيجوعون ويتجمدون حتى الموت هذا الشتاء".
و"قابلت معلمين وعاملين في مجال
الصحة ومهندسي مياه لم يتقاضوا رواتبهم منذ أيار/ مايو. لم يعد بإمكانهم إعالة
أسرهم الممتدة أو الحفاظ على الخدمات العامة الحيوية قائمة. من دون وجود بنوك عاملة
وسيولة، فإن الأفغان العاديين معزولون عن مدخرات حياتهم، وليس لديهم وسيلة للبقاء
على قيد الحياة".
وقال إنه عندما أطاحت طالبان بالحكومة الأفغانية
في آب/ أغسطس، فقدت البلاد فجأة الوصول إلى أكثر من 9 مليارات دولار من احتياطيات
البنك المركزي، التي جمدتها إدارة بايدن. وأدى ذلك إلى تداعيات في النظام المصرفي، ما دفع قادة طالبان الجدد إلى اتخاذ تدابير للسيطرة على حركة الأموال، ما أدى
إلى إغلاق البنوك وتوقف الاقتصاد.
وحذر قائلا من أنه يجب ألا يؤدي الصراع السياسي
مع طالبان إلى معاقبة السكان المدنيين. ويجب على المجتمع الدولي أن يتدخل على وجه
السرعة في الاتفاقات متعددة الأطراف لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد وتمويل
الخدمات العامة، وهذا يعني إيجاد قنوات دفع آمنة لتدفق المساعدات وحماية العمل
الإنساني من العقوبات الدولية وغيرها من تدابير مكافحة تمويل الإرهاب.
وعلق قائلا: "منظمتنا، المجلس النرويجي
للاجئين، هي واحدة من العديد من المنظمات التي تحاول تقديم المساعدة في هذه البيئة
الجديدة والصعبة. لم نتمكن من نقل أموال المساعدات بشكل آمن إلى البلاد لشراء
إمدادات الطوارئ للأسر التي تواجه التشرد والجوع هذا الشتاء. أدت الأزمة المصرفية
إلى إغلاق العديد من البنوك الأفغانية، وتعمل بنوك أخرى بقدرة محدودة. لقد تركنا
هذا نواجه صعوبات في دفع رواتب موظفينا وموردينا في أفغانستان. وبدلا من ذلك، نضطر
إلى شراء الخيام والبطانيات والمواد الغذائية في باكستان المجاورة".
اقرأ أيضا: بوليتكو: بايدين يعيّن مسؤولة لإعادة توطين الأفغان في أمريكا
وقال: "تخيل الآن هذه المعضلة تتضاعف لكل
صاحب عمل لديه موظفين في جميع أنحاء أفغانستان".
بالإضافة إلى حالة الطوارئ المتعلقة
بالسيولة، فقد ساهم تجميد تمويل المانحين في شل الخدمات العامة. وتم تمويل حوالي
75% من الإنفاق العام لأفغانستان في السنوات الأخيرة من خلال المساعدات الخارجية.
وتم قطع شريان الحياة هذا إلى حد كبير؛ لأن المجتمع الدولي يكافح في كيفية العمل مع
حكومة تديرها طالبان، بما في ذلك الوزراء على قوائم العقوبات الدولية.
وحث قائلا من أن هناك حاجة ماسة إلى إنشاء آليات
لدفع رواتب مئات الآلاف من موظفي البلديات والدولة مباشرة عن طريق تحويل أموال
البنك الدولي المجمدة من خلال وكالات الأمم المتحدة. هذا ما أثرتُه في رسالة إلى
الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي تحثهم على اتخاذ إجراء ما، مقترحا إنشاء صناديق تديرها الأمم المتحدة لدفع رواتب موظفي القطاع العام مباشرة.
نظرا لوجود الموارد بالفعل داخل البنك الدولي وقنوات الأمم المتحدة الموثوقة
متوفرة بالفعل في البلد، يمكن إنشاء هذه الأنواع من التحويلات بسرعة.
ونحن بحاجة إلى مزيد من التفكير خارج
الصندوق، كما يقول، كي تفتح البنوك أبوابها ثانية، وتعود الخدمات العامة للعمل.
فقد علق البنك الدولي 600 مليون دولار
من الأموال التي تشكل العمود الفقري للنظام الصحي في البلاد. إذا لم يتم دفع رواتب
الأطباء والممرضات، ستضطر المستشفيات إلى إغلاق أبوابها.
ويعد التحالف الذي شكلته مؤخرا منظمات
الإغاثة الرئيسية لمعالجة الأزمة الصحية خطوة في الاتجاه الصحيح. تم التوقيع على
اتفاقية خاصة من قبل أربع وكالات لإنشاء آليات من شأنها أن تسمح بالتمويل المباشر
للمستشفيات والعيادات في أفغانستان، لكن ذلك لن يكون كافيا. ليس لدى منظمات
الإغاثة الإمكانات التي تقترب حتى من سد الثغرات الهائلة المتبقية في النظام
الصحي.
وقال إن هناك حاجة إلى أدوات مالية
تمكّن المانحين من تجميع مبالغ كبيرة من أموال الإغاثة، لمساعدتنا على تجاوز
تعقيدات العقوبات والقيود الدولية التي تجعل من الصعب على مساعداتنا الوصول إلى من
هم في أمس الحاجة إليها.
حتى قبل التحول السياسي الزلزالي
الأخير في أفغانستان، واجهت البلاد أزمة إنسانية حادة. فكان أكثر من 18 مليون شخص
بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية. نزح حوالي 3.5 مليون أفغاني داخليا. أدى عدم هطول
الأمطار إلى ارتفاع مستويات الجوع؛ ثلث السكان لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم
التالية.
اقترحت بعض الدول والجهات الفاعلة
الفردية أنه يجب على طالبان تلبية شروط معينة في مقابل الأموال. كمنظمة إنسانية،
نحن لا ننادي بفرض شروط على المساعدات. نحن لسنا هنا للتأثير في القضايا السياسية
أو الحلول السياسية للأزمة الحالية. نحن بحاجة إلى أن يدرك المجتمع الدولي الضرورة
الملحة هنا: الأزمة الاقتصادية لن تؤدي إلا إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية.
وقال، أخبرت قادة طالبان الذين التقيت
بهم في كابول أنه لكي يكون العمل الإنساني أكثر فاعلية، نحتاج إلى أن يتمتع
زملاؤنا الذكور والإناث بحقوق متساوية، تماما كما أنه من المهم لكل من الفتيات
والفتيان أن يكونوا قادرين على الذهاب إلى المدرسة. لقد تلقينا ضمانات شفهية بشأن
هذه القضايا في معظم أنحاء البلاد، وسنواصل الضغط على طالبان للالتزام بالمبادئ
الإنسانية، والتأكد من قدرتنا على الوصول إلى من هم في أمس الحاجة للمساعدة.
وما إذا كنا سننجح في سباقنا مع الزمن
لتوسيع نشاطنا قبل الشتاء، سيعتمد ليس فقط على استعداد طالبان لتحويل أقوالهم إلى
أفعال، ولكن أيضا على المجتمع الدولي.
تم إنفاق تريليونات الدولارات خلال
العقدين الماضيين على الحرب في أفغانستان التي انتهت بضجة كبيرة عندما غادرت
أمريكا، تاركة حوالي 40 مليون شخص يدبرون شؤونهم بأنفسهم. في حين أن الكثيرين
فوجئوا بالتغير السريع في السلطة، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يستمر في الوقوف
مكتوف الأيدي ويشاهد السقوط الحر للبلاد.
يجب أن نتجنب الانهيار الاقتصادي
الكامل لأفغانستان، بغض النظر عمن يسيطر على أراضيها. وإلا فإن ملايين الأطفال
والنساء والرجال الأفغان سيدفعون ثمنا باهظا.
بوليتكو: بايدين يعيّن مسؤولة لإعادة توطين الأفغان في أمريكا
MEE: أمريكا تستمر في حربها بأفغانستان رغم مغادرتها
فورين أفيرز: أفغانستان ستتحول لنقطة صراع بين القاعدة و"داعش"