نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرًا تحدثت فيه عن عملية التقارب الدبلوماسي بين السعودية وإيران.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي
ترجمته "عربي21"، إن كلا البلدين يطمحان إلى فرض هيمنتهما الخاصة على المنطقة
ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التقارب مؤقتا وعابرا أو إذا كان سيساهم حقا في إعادة
الاستقرار إلى الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أن وزير الخارجية
الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أعلن يوم الخميس الماضي أن المحادثات بين بلاده والسعودية
تسير على "المسار الصحيح". ولكن هذه العبارات وإن كانت ترضي بعض دول الشرق
الأوسط إلا أنها تثير قلق دول أخرى، خاصة إسرائيل والدول المنافسة لإيران التي ستحاول
قدر الإمكان "نسف" التقارب بين طهران والرياض.
أكد وزير الخارجية الإيراني
يوم الجمعة أن بلاده اقترحت في لقاءاته الأخيرة مع كبار المسؤولين السعوديين
"أفكارًا بناءة جديدة" من أجل تكوين علاقات ثنائية طبيعية لم تكن موجودة
منذ الثورة الإسلامية في سنة 1979 – حيث كانت العلاقات طيلة تلك الفترة متوترة.
الاتصالات المباشرة
خلال زيارته لبيروت، لم يرغب
وزير الخارجية الإيراني بالتعليق أكثر على هذه المفاوضات، باستثناء الإشارة إلى أنها
على "المسار الصحيح"، وهي يمكن أن تكون مفيدة للمنطقة ككل إذا نجحت.
في اليوم التالي، في القاهرة،
أوضح الوزير الإيراني أنه تم بالفعل التوصل إلى بعض الاتفاقات لكنه لم يكتشف فحواها.
بدأت المفاوضات المباشرة في أوائل نيسان/ أبريل في بغداد، وكانت هناك جولات عديدة منذ
ذلك الحين. وبعد نصف عام، يواصل الطرفان الحوار في إطار سري للغاية ودون الإعلان عن
نتائج ملموسة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتصالات
المباشرة تمت بفضل تغيير الإدارة في الولايات المتحدة الأمريكية. ومع أن الرئيس جو
بايدن لم يتوسط لتسهيل هذه المفاوضات، إلا أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تلقى
رسائل واضحة من واشنطن فيما يتعلق بسياساته السابقة المزعزعة للاستقرار، التي لم تحظ
بترحيب من قبل الولايات المتحدة.
في الجولة الأخيرة التي عقدت
في بغداد في نهاية أيلول/ سبتمبر، وهي الأولى منذ تنصيب الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي،
تحدث الجانبان عن أهمية إعادة فتح التمثيل الدبلوماسي في الرياض وطهران، وهو موضوع
رئيسي حتى يتحرك تطبيع العلاقات في الاتجاه الصحيح.
اقرأ أيضا: مسؤول إيراني: لا خيار للسعودية سوى التفاوض بشأن اليمن
وأوضحت الصحيفة أن التنافس الإقليمي
تفاقم بين البلدين في كانون الثاني/ يناير 2016، عندما هاجم متظاهرون إيرانيون السفارة
السعودية في طهران والقنصلية في مدينة مشهد، إثر إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر
في السعودية، في إطار توترات مشتركة بين حكومة الرياض والسكان الشيعة في الشرق. في
الأثناء، قطعت الرياض العلاقات بين البلدين.
من الصعب تصديق أن موقف ابن سلمان
الجديد صادق وليس موقفا ظاهريا يريد من خلاله أن يخرج به من حالة العزلة، خاصة بسبب
مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في عهد دونالد ترامب.
وأبرزت الصحيفة أن التوترات
تنبع من عدة جبهات. في البداية، تطمح كل من الرياض وطهران إلى التصرف كقوى مهيمنة في
العالم الإسلامي. ويقدم كل طرف تفسيرا مختلفا للإسلام. وتعد إيران دولة ذات أغلبية
شيعية بينما غالبية سكان المملكة العربية السعودية
من السنة.
على الصعيد الاقتصادي، يعد كلا
البلدين من كبار منتجي النفط واستراتيجياتهما في هذا المجال مختلفة. تجلى التنافس الشديد
بينهما في الحرب في اليمن وأيضًا في سوريا، حيث دعم كل طرف مجموعات مختلفة: بينما تدعم
طهران حكومة الرئيس بشار الأسد، دعمت الرياض الجماعات الإسلامية المتطرفة والجهادية
التي حصلت على دعم مالي وعسكري من الغرب.
الإدارة الأمريكية
وأضافت الصحيفة أن تغيير الإدارة
في واشنطن أجبر الأمير محمد بن سلمان على إعادة التفكير في بعض جوانب سياسته الخارجية،
وليس فقط في علاقة بلاده بإيران. في هذا السياق، يتعين على ابن سلمان أن يخفف التوتر
القائم بين البلدين وربما يلعب ورقة التطبيع مع إيران للتكيف مع الظروف الجديدة.
وأكدت الصحيفة أن احتضان الرياض
لإسرائيل، مثل احتضان الإمارات لها، يعد سيفا ذا حدين. لقد قدمت هذه الدول الثلاث أدلة
وافرة على أن هدفها الاستراتيجي يتمثل في زعزعة استقرار المنطقة ومكافحة الإسلام السياسي
بلا هوادة. وقد نجحت هذه الحرب المفتوحة والسرية في نفس الوقت حتى الآن، على الرغم
من أنها قد تأتي بنتائج عكسية على المدى المتوسط.
وتطرقت الصحيفة إلى عامل آخر
مثير للاهتمام في علاقة إيران والمملكة العربية السعودية وهو تركيا، الدولة التي لديها
أيضا طموحات جيوسياسية في الشرق الأوسط. وقد حافظت أنقرة على علاقة مستقرة مع طهران،
لكن العلاقات مع الرياض تدهورت بشكل خاص منذ اغتيال خاشقجي.
وأشارت الصحيفة إلى أن رجب طيب
أردوغان ينتظر تحركات جو بايدن، لكنه في نفس الوقت يحاول إصلاح علاقاته مع دول أخرى
في المنطقة مثل السعودية والإمارات. إذا نجحت كل هذه التحركات يمكن أن تصبح منطقة الشرق
الأوسط أكثر استقرارا طالما أن بايدن في البيت الأبيض. ولكن عند انتهاء فترة ولايته،
يمكن أن تستأنف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلى جانب إسرائيل،
خططها لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
بلومبيرغ: إيران تدفع بهدوء لاستئناف العلاقات مع السعودية
NYT: ترامب حصل على هدايا مزيفة من السعودية
الغارديان: ما شعور أنصار نيوكاسل تجاه انتهاكات السعودية؟