كشفت جماعة الحوثي في اليمن، عن مبادرة لوقف الهجوم على محافظة مأرب، شمال شرق البلاد، بعد عجزها عن اجتياحها عسكريا، وسط تصاعد التحذيرات الدولية من استمرار عملياتها على المحافظة التي تؤوي ما يزيد على المليوني نازح.
وتضمنت المبادرة المثيرة للجدل تسع نقاط، قال المتحدث باسم الحوثي محمد عبدالسلام، إنها تحقق شروط السلام، حيث تم عرضها على الوفد العماني الذي زار العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة جماعته، في الشهرين الماضيين، تحت مسمى "مبادرة مأرب".
وبحسب ما جاء في المبادرة، فإنها تشترط إدارة مشتركة لمحافظة مأرب مع السلطة اليمنية التابعة للحكومة الشرعية، بالإضافة إلى قوات أمنية مشتركة وإتاحة حرية التنقل لعناصرها من المحافظة وإليها، مع إطلاق الأسرى التابعين لها لدى السلطات الحكومية.
اقرأ أيضا: "الحوثي" تعلن تفاصيل مبادرتها للوفد العماني بشأن مأرب
وتشترط الحصول على حصص من النفط والغاز، إلى جانب إعادة تصدير النفط عبر خط التصدير الممتد من مأرب إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر، الذي يسيطرون عليه، في محافظة الحديدة، غرب اليمن.
ويرى يمنيون أن هذه الإملاءات التي تسميها الجماعة الحوثية مبادرة تعني "تسليم المحافظة الغنية بالنفط لمسلحيها، بعدما عجزت عن السيطرة عليها عسكريا، منذ أكثر من عام"، حيث يشن مسلحوها بشكل متواصل وبمختلف أنواع الأسلحة منها الصواريخ الباليستية والطائرات غير المأهولة.
فيما يذهب آخرون إلى أن ما لم يحققه الحوثيون بالقوة، يريدون تحقيقه بالسلم، وهو ما لن تقبل به الحكومة الشرعية.
"شروط مجحفة ومذلة"
وفي هذا السياق، يقول، رئيس مركز يمنيون للدراسات، فيصل علي، إن وصف إملاءات الحوثيين بأنها مبادرة "وصف غير مهني وغير دقيق".
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "هذه شروط مجحفة ومذلة، وليس فيها ما يشير من قريب أو من بعيد إلى مفهوم المبادرات".
وتساءل قائلا: "ماذا قدمت مليشيات الحوثي مقابل طلباتها وشروطها؟"، متابعا: "لا شيء، فنحن أمام دعاية تستغل بها وسائل الإعلام".
وبحسب علي، فإن ما تسميه الجماعة الحوثية مبادرة، توحي بالاستعجال في الطرح والإسراع في التفاوض، متسائلا في الوقت ذاته: "لماذا تأخر الحديث عنها أكثر من شهرين على مغادرة الوفد العماني صنعاء؟".
وبالنظر إلى ما طرح ضمن اشتراطات الحوثيين بخصوص مأرب، وفقا لرئيس مركز يمنيون للدراسات، فإنها تضمنت تسليم محافظة مأرب تحت مسميات تشكيل قيادة مشتركة للمحافظة، بجانب قوات أمنية ولجان فنية مشتركة.
وقال: "هذا يعني سلموا لنا مأرب يا شرعية ويا جيش وقبائل ومقاومة المحافظة، وسنشرككم في الأعمال الفنية واللجان.. فأين المبادرة في هذا الشرط؟ وكأنهم المنتصرون في المحافظة".
وأكد الباحث اليمني أنه "يبدو من صياغتها وجوهرها أنها كانت مبادرتهم حال انتصارهم، ولأنهم فشلوا في مأرب ولم يحققوا أي تقدمات، فقد عادوا للعمل الإعلامي بغرض الضجيج لا أكثر".
وأوضح فيصل علي أن رغبة قيادات الحوثي واضحة في الاستيلاء على النفط والغاز لصالح شخوصهم، وخاصة أن قياداتهم هي التي تملك الأسواق السوداء لبيع مشتقات النفط، وذلك من خلال مطلبها التشارك في النفط والغاز الذي يستخرج من المدينة.
واعتبر أن هذا شرط تربح وتكسب للقيادات المنتفعة والمتاجرة بالحرب.
اقرأ أيضا: الجيش اليمني يسيطر على مواقع جديدة غرب مأرب
وأشار إلى أن "ما تشترطه الحوثي من ’إتاحة تنقل المليشيات من وإلى مأرب‘ يذكرنا بشرطهم القديم منذ 2004 في الحروب الست (حروب صعدة التي دارت ما بين 2004 و2009 بين الحوثيين وبين قوات الجيش).. يضعون شرط التنقل لمنحهم حرية التنقل عبر الخط الأسود ـ الطريق الأسفلتي ـ كما يسمونه، كونها مليشيات جبلية لا تعرف الخطوط والطرقات، ولا جديد فيه".
أما شرط إطلاق أسرى المليشيات من سجون الجيش الوطني التابع للشرعية، فإنه يعيد إلى الواجهة رفض الجماعة لفكرة إطلاق جميع الأسرى والمعتقلين التي طرحها مبعوثا الأمم المتحدة مارتن غريفيث وإسماعيل ولد الشيخ ووسطاء محليون.
"مناورة وسلاح"
من جانبه، رأى الصحفي والناشط السياسي اليمني، همدان العليي أن ما طرحه الحوثيون ليست مبادرة وإنما مناورة معروفة.
وقال في حديث لـ"عربي21": "هذا الأسلوب من الحوثيين، يعرفه اليمنيون، كلما عجزوا عن تحقيق أهدافهم عسكريا".
وأشار العليي إلى أن هذا السلاح، أي المبادرات والوساطات، تستخدمه الجماعة الحوثية بين الوقت والآخر، ثم ترفض تنفيذها.
وأضاف: "كم هي المبادرات التي قدمها الحوثيون ولم ينفذوها؟ آخرها المبادرة الاقتصادية التي قدموها في الحديدة، والتي تضمن تسليم مرتبات الموظفين الحكوميين من خلال إنشاء صندق خاص تابع للبنك المركزي في المحافظة ذاتها، بحيث توضع فيه الأموال المتحصلة من تجارة النفط، لكنهم لم ينفذوها".
ووفقا للصحفي اليمني، فإن "الحوثي" تستخدم هذه المبادرة، كأسلوب للمناورة، وكسلاح يحقق منه الحوثيون ما لم يستطيعوا تحقيقه من وراء العمل العسكري.
وأكد العليي أن الحوثيين نجحوا في السابق في استخدام هذا السلاح، لكن اليوم لم يعد ذلك متاحا لأن هذا الأمر بات مكشوفا.
يشار إلى أن جماعة الحوثي لا تتعاطى عادة مع الإعلام، وتكتفي بمنصاتها الإعلامية للتعبير عن وجهة نظرها.
ومنذ مطلع العام الجاري، كثف الحوثيون هجماتهم في مأرب للسيطرة عليها، كونها أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيس لوزارة الدفاع، إضافة إلى تمتعها بثروات النفط والغاز، ومحطة مأرب للكهرباء.
وجاء الإفصاح عن المبادرة الحوثية من كبير مفاوضيها، بعد أيام، من تعيين السويدي، هانس غوندبيرغ، مبعوثا أمميا جديدا إلى اليمن، خلفا للدبلوماسي البريطاني، مارتن غريفيث.
الجيش اليمني يسيطر على مواقع جديدة غرب مأرب
"الحوثي" تعلن تفاصيل مبادرتها للوفد العماني بشأن مأرب
الجيش اليمني: قواتنا تتقدم وتستعيد مواقع جديدة بمأرب