قالت صحيفة
الغارديان البريطانية، إن الخطوات التي قام بها الرئيس
التونسي،
قيس سعيد، "لا شك أنها تحول دفء
الربيع العربي إلى شتاء قارس".
وأوضحت الصحيفة في مقال ترجمته "عربي21" أن تونس كانت أول بلد
يطيح بطاغوته، وكان البلد الوحيد الذي عمرت فيه الديمقراطية الحقيقية. إلا أن
الأحداث في العاصمة، تونس، تشير إلى أن البلد يمر بثورة مضادة.
ولفتت إلى تعطيل سعيد للبرلمان والحكومة، وقالت إن مداهمة قوات الأمن
للقنوات التلفزيونية، "لا يبشر بخير على الإطلاق".
وشددت على أن وصف حركة النهضة وهي "حزب إسلامي معتدل" والمعارضة
بشكل أساسي إجراءات سعيد بالانقلاب، هو "وصف يصعب على المرء ألا يتفق
معه"، وأضافت: "إلا أن الكثير من التونسيين إما أنهم غير عابئين أو،
وذلك هو الأسوأ، تجدهم يجرون وراء الغوغائيين والمتشددين الدينيين وأولئك الذين
يكيلون المديح للدكتاتور السابق في البلاد".
"والسبب في أن قطاعات من الناس يروق لها إما عدم المبالاة أو الأفكار
المناهضة للحرية هو أن الحرية والديمقراطية في تونس لم تجلب الاستقرار السياسي ولا
الرخاء الاقتصادي".
وأضافت: "بدلاً من ذلك استمر الفساد والتضخم والبطالة، الأمر الذي دفع
بالتونسيين خلال السنوات القليلة الماضية إلى الخروج إلى الشوارع للتعبير عن
سخطهم، وكان ذلك التعبير عنيفاً في بعض الأحيان".
وقالت الصحيفة إن الجائحة كشفت عن مدى العطل الذي حل بمؤسسات الدولة
التونسية. وطبقاً لاستطلاع أجراه المعهد الوطني للإحصاء في تونس فإن ثلث العائلات
كانت تخشى في العام الماضي من نفاد الطعام. ومع ذلك، فإنه بحسب ما ورد في وثائق مسربة، فقد
بدت الحكومة على استعداد لرفع الدعم عن الخبز بينما كانت تتفاوض مع صندوق النقد
الدولي على قرض بأربعة مليارات دولار، وهو القرض الرابع خلال عشر سنين.
ولفتت إلى أن سوء تعامل الحكومة مع الجائحة أصبح أشد وطأة بسبب ارتفاع
مستوى الدين الوطني، حيث بلغت أقساط سداد القروض ستة أضعاف حجم ميزانية الصحة في
البلاد.
وأضافت: "يسهل على المرء رؤية كيف يتحجج البعض بأن المؤسسات
الديمقراطية في تونس لا تفي باحتياجات الشعب. إلا أن النظام الرئاسي الذي يقوم على
شخصية رجل قوي واحد انهار قبل عقد من الزمن لأنه أثبت عجزه عن الوفاء بمتطلبات
الشعب".
وقالت إن "الدكتاتورية عمّرت في تونس من خلال لجوئها إلى القمع الوحشي، وما
تحتاج إليه تونس هو أن يتبنى السياسيون نظرة أكثر واقعية تجاه الوجهة التي تحتاج
البلاد الذهاب إليها. ولن تضمن عودة الاستبداد استقرار النظام. ولقد تحدى الرئيس
سعيد الدستور لكي يعلق
البرلمان، وعدم قدرته على العمل مع رئيس الوزراء الذي
اختاره بنفسه يشير إلى أنه غير مؤهل للتعامل مع وضع سياسي معقد، كما أن إشادته
بالدكتاتورية العسكرية في مصر لا تبعث على الطمأنينة".
ورأت الصحيفة أن ديمقراطية تونس "لا تزال تمثل انتصاراً لسياسة الإجماع، إلا
أن الحكم الائتلافي عادة ما يعني التراجع عن القرارات خشية إحداث تصدع في
التحالفات، وهذا أدى، وبشكل خاص بعد انتخابات عام 2019، إلى ارتفاع التأييد الذي
تحظى به أحزاب جديدة أكثر تطرفاً حينما لم تحظ المطالبات بتحسين مستوى المعيشة والعدالة
الاجتماعية بأي اهتمام".
ومن خلال التضافر معاً بشكل أوثق، بدا النواب المنتخبون كما لو أنهم يشجعون
انعدام الاستقرار السياسي الذي طالما رغبوا في تجنبه. ولكن البلد لا يخلو من
السياسيين المراوغين.
وقالت إن راشد الغنوشي، الرئيس الحالي للبرلمان والمشارك في تأسيس حركة
النهضة، تمكن من إنقاذ التحول الديمقراطي التونسي في مرحلته المبكرة والحيلولة دون
انهياره من قبل في عام 2013.
وشددت على أن ثمة أزمة في تونس. ويمكن حلها من خلال رؤية الوضع الاستثنائي
كما ينبغي والتعامل مع مسبباته، وليس من خلال الإصرار على المقولات المناهضة
للديمقراطية رغم انتهاء صلاحيتها قبل وقت طويل.