قالت صحيفة "
واشنطن بوست" إنه كان من
الصعب تصديق، أنه يمكن لأمريكا وحركة
طالبان الأفغانية إبرام اتفاق سلام، لكنّ
المستحيل أصبح حقيقة في عام 2020.
وأوضحت الصحيفة أنه من الصعب اليوم تصديق أن
الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، "يمكنها التعامل مع طالبان أفغانستان،
الذين أثبتو كراهيتهم للديمقراطية. لكن ظهرت مؤخرا في وسائل الإعلام روايات عن
اتصالات سرية، وبينما أنكر المسؤولون الهنود هذه الروايات، فإن هناك أسبابا وجيهة للشك
في ذلك.
وأضافت أنه "في الواقع، لدى الهند تاريخ
طويل من التعامل مع طالبان، والذي غالبا ما أثار غضب الحكومة في
باكستان، التي
تحرص على تقليل تدخل دلهي في أفغانستان. ومع ذلك، وكما يثبت التاريخ، فإن هذا قصر
نظر. يجب على جميع اللاعبين الإقليميين بذل جهد مشترك لتجنب الحرب الأهلية وضمان
بعض الحقوق الأساسية للأفغان".
وأجرى المسؤولون الهنود أول اتصال مباشر لهم مع
طالبان في عام 2003، عندما أصدروا تأشيرة دخول إلى زعيم طالبان البارز، عبد السلام
ضعيف، لحضور مؤتمر. وكان ضعيف سفير طالبان في باكستان، ولكن بعد 11 أيلول/ سبتمبر
اعتقلته الحكومة الباكستانية وسلمته إلى أمريكا. وفي وقت لاحق، نُشر كتابه
"حياتي مع طالبان" في الهند عام 2010. وحذف اسمه أيضا من قائمة الإرهاب
التابعة للأمم المتحدة، وفي مرحلة ما بعد ذلك ظهر في الهند. بقي سؤال كبير: لماذا
وافق على زيارة الهند ولماذا سمحت له الهند بالدخول؟
لم تكن حركة طالبان الأفغانية سعيدة بالتحول
الباكستاني بعد 11 أيلول/ سبتمبر. وأعرب ضعيف في كتابه صراحة عن استيائه من
المؤسسة الأمنية الباكستانية. وكتب: "لهم لسانان في فم واحد ووجهان على رأس
واحد حتى يتكلموا لغة الجميع ويستغلوا الجميع ويخدعوا الجميع". وانتقد طريقة
تعذيب زملائه في السجون الباكستانية.
وقُبض على أحد كبار قادة طالبان، عبد الغني
برادار، في باكستان عام 2010. وكان هذا الاعتقال نقطة تحول. كان برادر على اتصال
بالرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، الذي كان يدفع بهدوء كل من روسيا وإيران
والهند إلى بدء حوار مع طالبان. وكانت باكستان غير راضية عن اتصالات برادار مع كرزاي
واعتقلته.
وقالت الصحيفة إن هذا الإذلال على يد باكستان
أجبر طالبان على فتح قنوات مع روسيا وإيران والهند. لقد تعاملوا مع روسيا وإيران
بذكاء شديد من خلال طمأنتهم بأن طالبان فقط هي القادرة على وقف تنظيم الدولة في
أفغانستان. كانوا حريصين في التعامل مع الهند.
وأطلقت باكستان سراح برادار في عام 2018،
وعينته طالبان رئيسا لفريق التفاوض في قطر. وفي نفس العام التقى بعض كبار قادة
طالبان بممثلين هنود في موسكو. أرادوا تحييد الهند لأن الهنود دعموا القوات
المناهضة لطالبان في الماضي. وفي نفس الوقت، كانت الهند مهتمة بإشراك طالبان لأن
الرئيس الأفغاني أشرف غني فشل في تشكيل جبهة موحدة ضدهم. واستثمرت الهند مليارات
الدولارات في أفغانستان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حتى إنها شيدت مبنى
برلمان جديدا في كابول..
كما أنها قامت ببناء السدود والطرق والمدارس
والجامعات والمستشفيات والملاعب الرياضية في أجزاء مختلفة من البلاد. كل هذا سيضيع
هباء إذا لم تتعامل مع طالبان.
وفي العام الماضي، طلبت أمريكا أيضا من الهند
التعامل مع طالبان. وكان الهنود قلقين من أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان
قد يشجع التشدد في جامو وكشمير كما فعل الانسحاب الروسي من أفغانستان في عام 1989.
وأوضحت طالبان للهند أنها لن تتدخل في كشمير. وعلمت طالبان أيضا أن الهند كانت تقدم
دعما عسكريا لنظام غني. وطالبوا الهند بأن تلتزم الحياد.
وفي الشهر الماضي، كشف مسؤول قطري كبير أن
مسؤولين هنودا وقادة طالبان عقدوا اجتماعا في الدوحة. لم تكن باكستان راضية عن هذه
التقارير. وفي الواقع، رفضت باكستان إشراك الهنود في محادثات السلام الأفغانية.
وعلى الرغم من أن باكستان نفسها قامت مؤخرا بالتفاوض مع الهند، إلا أن باكستان لم
تكن أبدا حريصة على وجود علاقات بين طالبان والهند. وفي الآونة الأخيرة، قال
مسؤولون أمنيون باكستانيون للبرلمانيين في اجتماع مغلق إن حركة طالبان الأفغانية
لم تعد متعاونة وإنها تسعى للسيطرة على كابول بالقوة.
وقال المسؤولون في هذا الاجتماع أيضا إنه لا
فرق بين حركة طالبان الأفغانية والباكستانية، التي تهاجم قوات الأمن الباكستانية
منذ فترة طويلة. ولطالما اتهمت باكستان حركة طالبان الباكستانية بتلقي الدعم من
الهند.
ويعتبر البعض في باكستان أن التفاعل بين طالبان
والهند يمثل إحراجا دبلوماسيا لإسلام أباد. ويمكن سماع وجهات نظر مماثلة في الهند،
حيث قال حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم دائما إنه لن يقوم بـ"محادثات مع
الإرهاب"، ورفض طالبان باعتبارها وكيلا لباكستان. ولكن أجبرهم السيناريو
المتغير في أفغانستان على التحدث مع الإرهابيين في المحصلة. وقال رئيس الوزراء
الباكستاني عمران خان مؤخرا إن الهند هي الخاسر الأكبر في أفغانستان، ولكن من
المهم ضمان عدم خسارة الأفغان في حال اندلاع حرب أهلية.