حذر تقرير برلماني بريطاني من أن التلاميذ البِيض من الطبقة العاملة والأكثر فقرا في بريطانيا يواجهون "إهمالا" من النظام التعليمي منذ عقود، مشيرا إلى أن وضعهم أسوأ من المجموعات الإثنية الأخرى.
واتهمت لجنة التعليم في البرلمان البريطاني؛ الحكومة بعدم تقديم الدعم للتلاميذ الأقل حظا من البِيض. وقالت إن استخدام مصطلح "امتياز البيض" يوحي بأن التلاميذ البيض لديهم ميزة إضافية، وهذا بعكس الواقع بالنسبة للتلاميذ البيض الفقراء. كما أن هذا المصطلح يروج للانقسام وعدم الانسجام في المجتمع و"يؤلب فئات على أخرى"، وفق التقرير.
وأشار التقرير، وفق ما تابعته "عربي21"، إلى أن التلاميذ البيض الذين يتلقون وجبات مجانية (في إشارة إلى تصنيفهم ضمن الفئات الأفقر) يحققون نتائج دراسية أقل مقارنة بأقرانهم من المجموعات الإثنية الأخرى.
ففي عام 2019، حقق 18 في المئة من التلاميذ البيض الفقراء نتائج مرتفعة في الرياضيات واللغة الإنكليزية في امتحانات نهاية المرحلة الإلزامية (GCSE)، مقارنة بـ23 في المئة بالنسبة لباقي أقرانهم من المجموعات الإثنية الأخرى.
كما حصل 16 في المئة منهم على مقاعد في الجامعات، مقارنة بـ59 في المئة من الأفارقة السود، و59 في المئة لمن هم من أصول بنغالية، و32 في المئة لذوي الأصول الكاريبية.
ووصف رئيس اللجنة روبرت هافون (من المحافظين) الحالة بأنها "ظلم اجتماعي كبير"، وأن القليل تم فعله لمعالجة هذه الفجوة.
وأضاف: "التلاميذ البيض الأكثر فقرا يتم تجاهلهم"، مشيرا إلى أن نحو مليون ممن هم في مقتبل العمر يتأثرون بذلك.
لكن عضو اللجنة عن حزب العمال المعارض، كيم جونسون، رفض إشارة التقرير إلى اعتبار مصطلع "امتياز البيض" مضللا، وألمح إلى أن هذه محاولة "لإشعال حرب ثقافية"، ولتجنب انتقاد نقص الاستثمار في المدارس والمجتمعات المحلية من جانب الحكومة.
وأوصت اللجنة بزيادة المخصصات المالية لمناطق البيض الأكثر فقرا، وجعل النظام التعليمي أكثر ارتباطا بثقافة هذه المجتمعات، حيث أشار التقرير إلى أن هناك عوامل ثقافية مرتبطة بتلك المجتمعات، ومنها ما قد يجعل حصول التلاميذ على دعم من عائلاتهم محدودا.
ونقلت "بي بي سي" عن شاب يدعى أوليفر (18 عاما) من منطقة نيوكاسل، عرف نفسه بأنه "أبيض من الطبقة العاملة" رغم عدم موافقته على ترسيخ هذه الصورة النمطية عنه، أن هناك توجها لعدم دخول الامتحانات، "فوالدي يستطيع تأمين عمل لنا".
وقال إنه يشعر أن النظام التعليمي "ليس لي"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن العوائق الأكبر أمام التعليم "هي خارج التعليم"، في ظل نقص فرص العمل، وسوء مستوى السكن، وضعف المواصلات العامة، إضافة إلى عدم قدرة العائلات على دعم الأطفال في المدارس.
وتقول كيري، وهي بيضاء وأم لولدين من منطقة مانسفيلد (ضمن الأكثر فقرا)، إنها تفكر بفرصة العمل التي ستكون متاحة لولديها في السنوات القادمة، مشيرة إلى أن والديها خرجا من المدرسة للعمل في مصنع يوفر وظيفة مضمونة.
وترى أن سوق العمل اليوم يبدو غير مستقر بشكل أكبر، مضيفة: "لا أرى وظائف جيدة في الأفق، لا أعتقد أن هناك الكثير من الفرص.. أريد لهما أن يذهبا إلى معهد (دون التعليم الجامعي) ثم الحصول على تدريب".
ولفتت إلى أن الهدف هو "عمل مضمون"، كما أنها قلقة بشأن تكاليف الدراسة الجامعية، "فأنا كأم لا أستطيع توفير التمويل لهما".
ويعكس هذا التفكير على ما يبدو نمطا سائدا في المناطق التي يصنفها التقرير ضمن المناطق التي يقطنها البيض من الطبقة العاملة، وتتركز في شمال إنكلترا. وهي مناطق كانت محسوبة على حزب العمال تاريخيا، قبل أن ينتزع المحافظون قسما كبيرا منها في الانتخابات الأخيرة عام 2019.
ويكرر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون؛ أنه يريد تنمية هذه المناطق وجعلها بمستوى مناطق الجنوب.
ويحذر مايكل ويلشو، المدير السابق لهيئة "أوفيستد" المسؤولة عن مراقبة جودة التعليم في بريطانيا، من أنه "ما لم يتم حل مشكلة التحصيل المتدني للتلاميذ البيض من الطبقة العاملة، فإن الهدف الأوسع لتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء سيؤول للفشل".
وأضاف: "اثنان من بين كل ثلاثة تلاميذ يتلقون وجبات مجانية (أي فقراء) يعيشون في تلك المجتمعات.. إننا لن نقلص من عدم المساواة ما لم نتعامل مع هذه المشكلة المزمنة".
من جانبها، رأت كيت جرين، وزيرة التعليم في حكومة الظل لحزب العمال، أن التقرير يظهر أن حزب المحافظين "أدار ظهره لهؤلاء التلاميذ الذين يحتاجون الدعم الأكبر، ابتداء من تقليص تمويل الرعاية المجانية للأطفال في السنوات المبكرة، إلى اقتطاع مخصصات التلاميذ (المبلغ المخصص من الحكومة لكل تلميذ في المدرسة)".
لكن متحدثا باسم وزارة التعليم قال إن الحكومة "تركز على رفع سوية الفرص بحيث لا يتم إهمال صغار السن".
وقال المتحدث إن الحكومة قدمت "أكبر زيادة في تمويل المدارس خلال عقد"، مع تخصيص ثلاثة مليارات جنيه إسترليني كتمويل طارئ إضافي لميزانية المدارس، كما يتوقع إضافة 2.5 مليار لمخصصات التلاميذ في السنة الجديدة لتقديم تدريس إضافي وزيادة الأنشطة المدرسية، بحسب المتحدث.
مساعد جونسون السابق ينشر رسائل واتساب لهما.. كلمات نابية
بريطانيا تنظر في دعوى معارض سعودي حول اختراق هاتفه
تراجع تأييد مسلمي بريطانيا لحزب العمال.. ماذا عن جونسون؟