صحافة دولية

مسؤول أمريكي: التطبيع العربي مع الأسد ينقذه من المساءلة

المسؤول الأمريكي قال إن التطبيع مع دمشق سيخفف الضغط على النظام ويمكّنه من تعزيز سلطته- جيتي

قال المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، إن محاولة بعض الدول العربية إعادة التطبيع مع نظام الأسد تقوض احتمالات التغيير الحقيقي، وستسهم في تعزيز سيطرة الأسد ومساعدته في التهرب من المساءلة عن جرائم الحرب.

 

وأضاف في مقال على معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه في الأسابيع الأخيرة، ازدادت المساعي الرامية إلى إعادة دمج سوريا في "جامعة الدول العربية"، بعد تعليق عضويتها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، بسبب الجرائم الوحشية التي قام بها النظام السوري.

 

ولفت إلى أنه وبعد مرور عشر سنوات ومقتل ما يقدر بنحو 500 ألف شخص، تتخذ العديد من الدول العربية بتشجيع من روسيا خطوات لإنهاء عزلة بشار الأسد واستعادة عضوية سوريا التي استمرت عقداً من الزمن. 

 

وأشار إلى أنه على الرغم من أن "الجامعة العربية" هي منظمة قديمة وغير فعالة وغير جوهرية إلى حد كبير، إلا أن هذه الخطوة مهمة لما تحمله من معانٍ، واستعداد أكبر من قبل دول المنطقة للتعاون مع الأسد سياسياً واقتصادياً. 

 

وكانت الجامعة العربية، فرضت سلسلة من العقوبات التي شملت حظر السفر على بعض كبار مسؤولي النظام، ووضع قيود على الاستثمارات والتعامل مع "مصرف سوريا المركزي"، وباستثناء العراق ولبنان واليمن، قام جميع أعضاء "الجامعة العربية" بالمصادقة على هذه الإجراءات وفرضها جزئيا على الأقل على مدى عقد من الزمن.

 

وأضاف أن إدارة ترامب رفضت جهودا من عدة دول عربية بالضغط من أجل إنهاء تعليق عضوية سوريا، ورغم ذلك تكثفت الاتصالات بين عواصم عربية ودمشق بين عامي 2016 و2020، حيث أعادت عدة دول فتح سفاراتها المغلقة وأعادت تعيين كبار الدبلوماسيين، من بينها الإمارات التي أعادت فتح سفارتها في دمشق في كانون الأول/ديسمبر 2018.

 

اقرأ أيضا: مسؤول بالنظام السوري يعلق على "عودة العلاقات مع الرياض"

وأعادت تونس فتح سفارتها في عام 2015، حيث أرسلت دبلوماسيا متوسط الشأن إلى دمشق. فيما أعادت عُمان سفيرها إلى سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، لتكون أول دولة خليجية تقوم بذلك، وبعد خمسة أشهر، صرح السفير السوري المعتمد لدى مسقط بأن البلدين اتفقا على "تعزيز الاستثمارات" والتجارة.


وأرسل الأردن قائما بالأعمال إلى دمشق في عام 2019، ليملأ بذلك منصباً بقي شاغراً منذ عام 2012، فيما أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري الشهر الماضي أن القاهرة تدعم التطبيع العربي مع سوريا، بعد وقت قصير من لقائه مع لافروف.

 

والأسبوع الماضي، استضاف العراق وزير النفط السوري للتفاوض على صفقة لاستيراد الغاز الطبيعي المصري عبر سوريا، وأرسلت السعودية رئيس استخباراتها إلى دمشق لإجراء محادثات مع نظيره السوري في 3 أيار/مايو، في اجتماع وصفته صحيفة "الغارديان" البريطانية بأنه "الاجتماع العلني الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب".

 

ورأى المسؤول الأمريكي، أن مجموعة من الدوافع الضيقة تقود هذه الجهود، فبالنسبة لدولة الإمارات، إن إعادة دمج الأسد وإعادة بناء سوريا تحملان وعدا بإنهاء انتشار القوات التركية في إدلب، ويبدو أن الأردن مدفوع في المقام الأول من رغبته في دعم اقتصاده، وإعادة اللاجئين، واستئناف النشاط التجاري.

 

وتابع أن المسؤولين المصريين يؤيدون الفكرة غير المؤكدة بأن عودة سوريا إلى "الجامعة العربية" ستعزز "عروبتها" تدريجياً، وبالتالي تُبعِد دمشق عن إيران، ومن المحتمل أن تشارك دول أخرى في المنطقة وجهات نظر مماثلة.

 

ولفت إلى أن معظم الدول العربية وخاصة مصر مستعدة لتصديق مسرحية الانتخابات الرئاسية الوشيكة في سوريا كدليل على التحوّل السياسي.

 

وشدد على أن جهود إعادة تأهيل نظام الأسد تتعارض مع "قرار مجلس الأمن رقم 2254"، الذي ينص على ضرورة إجراء انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة المغتربين، وكتابة دستور جديد، فضلا عن متطلبات أخرى لم تحققها سوريا بعد.

 

وأشار إلى أن "مبادرة" إشراك الأسد، تتجاهل ضرورة محاسبة النظام على "انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي".

 

وتابع: "بعد عقد من الزمن، يبدو أن الرغبة في التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان تعود إلى الواجهة،  ففي 21 نيسان/ أبريل، جُردت سوريا من حقوقها في التصويت في "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية"، وهو قرار أيدته 87 دولة عضوا في "المنظمة"، ومع ذلك، امتنعت ثماني دول أعضاء في "الجامعة العربية" عن التصويت، من بينها الأردن، والعراق".

 

وشدد على أن سوريا تحت حكم الأسد لن تكون أبداً ملاذا آمنا لعودة الملايين من المنفيين، وإعادة قبول سوريا في "الجامعة العربية" وتمويل إعادة الإعمار بعد الحرب لن يدفع الأسد إلى قطع العلاقة الاستراتيجية للنظام مع طهران التي استمرت أربعين عاماً.

 

وشدد على أن التطبيع مع دمشق سيخفف ببساطة الضغط على النظام ويمكّنه من تعزيز سلطته.