تشهد العاصمة الصومالية مقديشو توترا شديدا بين الحكومة والمعارضة، دفع بسكان عدد من أحيائها إلى مغادرتها، فيما دعت ثلاث من أصل خمس ولايات فيدرالية إلى رفض تمديد ولاية الهيئات التشريعية والتنفيذية لمدة عامين.
وشهدت مقديشو خلال الأيام الماضية اشتباكات بين قوات حكومية ومؤيدين للمعارضة، التي تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
وزادت حدة التوتر منذ انتهاء ولاية الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو في الثامن من شباط/فبراير دون تنظيم انتخابات جديدة. وفي 12 نيسان/أبريل، أقر البرلمان الصومالي قانونا يمدد ولاية الرئيس الصومالي سنتين بعد انقضائها وينص على إجراء انتخابات عامة مباشرة عام 2023 ما أثار غضب المعارضة.
وتوقف تبادل إطلاق النار الاثنين بعد أن أسفر عن مقتل شرطيين ومقاتل معارض وفقا لحصيلة للشرطة، لكن الوضع كان لا يزال هشا في العاصمة، الثلاثاء، حيث عزز كل طرف مواقعه.
ولم تشهد الصومال أعمال عنف ذات طابع سياسي منذ سنوات، فالبلد يشهد توازنا هشا ويواجه تمردا من حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة.
وقال رؤساء ولايات "هيرشبيلى"، علي عبد الله حسين، و"جلمدغ"، أحمد عبدي كاريي، و"جنوب غرب الصومال"، عبد العزيز حسن محمد، في بيان مشترك، إنهم توصلوا إلى ضرورة التخلص من كافة أشكال التمديد لولاية المؤسسات التشريعية والتنفيذية.
وأكد رؤساء الولايات الثلاث على أهمية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بشكل عاجل، وفق اتفاق 17 سبتمبر/أيلول الماضي بين رؤساء الولايات والحكومة الفيدرالية.
اقرأ أيضا: انتخابات بالصومال بغضون عامين.. وإقالة قائد شرطة مقديشو
وفي هذا التاريخ، توصل الطرفان إلى اتفاق لإجراء انتخابات "غير مباشرة" (عبر ممثلين قبليين)، لكن خلافات حول تفاصيل آلية إجراء الانتخابات أدت إلى تأجيلها أكثر من مرة، ثم أقر البرلمان إجراء انتخابات "مباشرة" خلال عامين.
وخلا البيان من موقف ولايتي جوبالاندا وبونتلاند، حيث يتكون الصومال من خمس ولايات.
ويعني بيان رؤساء الولايات الثلاث أنهم تراجعوا عن دعمهم لموقف الحكومة في إجراء انتخابات مباشرة، خلال عامين.
ورحب رئيس الوزراء الصومالي، محمد حسين روبلي، ببيان رؤساء الولايات الفيدرالية الثلاث.
وقال روبلي، في بيان، إنه مستعد لإيصال البلاد إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق مخرجات اتفاق 17 أيلول/ سبتمبر الماضي.
وجاء بيان رؤساء الولايات الثلاث قبل خطاب من المقرر أن يوجهه فرماجو إلى الشعب الصومالي الثلاثاء، بشأن آخر التطورات والانتخابات المقبلة، وفق وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.
"تفكك الجيش"
وقالت بعثة الأمم المتحدة في الصومال في بيان صدر الثلاثاء إنها "قلقة بشكل خاص من التفكك الناشئ في صفوف الجيش الوطني الصومالي وفقا للتوجهات العشائرية".
وذكرت أن "اللجوء إلى قوات الأمن لتحقيق أهداف سياسية غير مقبول".
وأعلن عمر محمود المحلل في مجموعة الأزمات الدولية أن هذا الانقسام قد يدفع بالبلاد إلى "الهاوية.. عندما نتحدث عن انهيار قوات الأمن وفقا لتوجهات عشائرية، يذكرنا ذلك بالحرب الأهلية التي بدأت في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات".
اقرأ أيضا: مخاوف أممية من مأزق الانتخابات في الصومال
وعام 1991، أدى سقوط نظام سياد بري العسكري إلى دخول الصومال في حرب عشائرية اشتبكت خلالها الميليشيات على مدى سنوات في شوارع مقديشو، قبل ظهور حركة الشباب الإسلامية التي سيطرت على العاصمة حتى 2011 قبل أن تطردها منها قوات أميسوم الأفريقية.
ولا تزال حركة الشباب تسيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي الصومالية وتشن بانتظام هجمات على أهداف حكومية وعسكرية ومدنية في مقديشو وفي العديد من المدن الكبرى في البلاد.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان الاثنين إنه يشعر "بقلق عميق" من الاشتباكات الأخيرة. وأضاف أنه "يحض جميع الأطراف الصومالية المعنية على استئناف المفاوضات على الفور" للخروج من الأزمة.
وعبرت الولايات المتحدة عن قلقها مشيرة إلى أنها "تدرس كافة الوسائل المتاحة بما فيها العقوبات".
"وضع مخيف"
أعاد استئناف أعمال العنف شبح المعارك في المدن بين فصائل قبلية متنافسة دمرت مقديشو في أوج الحرب الأهلية.
وفي أحياء من العاصمة الصومالية شوهد سكان الثلاثاء يغادرون منازلهم ويكدسون ممتلكاتهم في عربات تجرها حمير أو يفرون في حافلات صغيرة أو عربات التوك توك.
وأفاد سكان من حي سيغال جنوب المدينة أن تعزيزات للمعارضة وصلت ليلا وانتشرت قبالة مواقع للقوات الحكومية، بحسب "فرانس برس".
ولمعظم الجهات السياسية الصومالية عُدة وعتاد.
وقاتل جنود من الجيش النظامي يتلقون رواتب زهيدة ولا يزالون يحتفظون بالولاء لعشيرتهم، في الاشتباكات الأخيرة في صفوف المعارضة. وتحدثت وكالة فرانس برس إلى قائد عسكري جاء للقتال من أجل المعارضة وتعهد بالبقاء في العاصمة حتى الإطاحة بالرئيس.
الرئيس الصومالي يمدد ولايته لسنتين.. وتحذير أمريكي