قالت صحيفة
واشنطن بوست، إن تأخر الرئيس الأمريكي جو
بايدن في الاتصال برئيس الحكومة
الإسرائيلية بنيامين
نتنياهو، جعل وسائل الإعلام
والطبقة السياسية في إسرائيل تعيش حالة من الاضطراب العصبي.
وأضافت الصحيفة في مقال لها ترجمته "عربي21" أنه رغم تصريح البيت الأبيض أن تأخير الاتصال ليس إهانة مقصودة، إلا أن
"الإسرائيليين لم يقتنعوا بذلك، ويقول داني دايان وهو من معارضي نتنياهو وكان
قنصلا عاما لإسرائيل في نيويورك، إنها إشارة واضحة على امتعاض بايدن".
وفي ما يلي النص الكامل للمقال:
تعيش وسائل الإعلام والطبقة السياسية في إسرائيل هذه
الأيام حالة من الاضطراب العصبي بسبب التأخر في الاتصال بين رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو والرئيس بايدن. فخلال الأسابيع الأربعة الأولى من الإدارة الأمريكية
الجديدة، تحدث بايدن هاتفياً مع زعماء جميع حلفاء أمريكا الرئيسيين تقريباً،
بالإضافة إلى زعماء كل من روسيا والصين، ولكنه لم يتصل بنتنياهو حتى يوم الأربعاء.
ومع أن البيت الأبيض يقول إن التأخير "ليس إهانة مقصودة" إلا أن
الإسرائيليين لم يقتنعوا بذلك. يقول داني دايان، وهو من معارضي نتنياهو وشغل منصب
القنصل العام لإسرائيل في نيويورك: "إنها إشارة واضحة على امتعاض بايدن".
لو صح ذلك فإن لدى الرئيس بعضاً من الأسباب الوجيهة. فلنتنياهو
تاريخ طويل من التحالف مع الجمهوريين الأمريكيين والسعي لدعم ومساعدة المرشحين
الجمهوريين للرئاسة. فحينما أطلق دونالد ترامب حملة إعادة انتخابه في العام
الماضي، سافر الزعيم الإسرائيلي إلى واشنطن لإعلان مباركته لصفقة القرن التي أعلن
عنها ترامب وما لبثت أن ولدت ميتة. وهناك نعت ترامب بأنه "أعظم صديق حظيت به
إسرائيل داخل البيت الأبيض على الإطلاق."
والأكثر من ذلك أن نتنياهو، وفي تحرك استباقي تحسباً لأي سياسات محتملة قد تتبناها إدارة بايدن، أصدر موافقته على بناء المئات من
الوحدات السكنية في الضفة الغربية أثناء الفترة الانتقالية وألقى خطاباً رفض فيه
خطة بايدن للانضمام من جديد إلى الاتفاق الدولي الذي يحد من برنامج إيران النووي.
وفي مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي يوم الاثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي
المخضرم، الذي يستعد لخوض انتخابات تجري في بلاده الشهر القادم، إنه وبايدن لديهما
"خلافات حول إيران وحول القضية الفلسطينية" وقدم نفسه باعتباره الشخص
الأقدر على تحدي الرئيس الأمريكي الجديد من منافسه الليبرالي.
ما من شك في أن الشجار في إسرائيل مبالغ فيه، فالرئيس
بايدن يعرف نتنياهو منذ عقود ومن المؤكد أنه سيحافظ على العلاقات معه. ولكن
الاحتفاظ بمسافة بينه وبين الزعيم الإسرائيلي خطوة حكيمة. فعلى المدى القصير، من
شأن ذلك أن يضمن أن الإسرائيليين، الذين سيضطرون إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع
للمرة الرابعة خلال سنتين، سيكون لديهم فهم واضح للحالة السيئة التي تمر بها
العلاقات بين نتنياهو والحزب الذي يهيمن الآن على مجلسي الكونغرس وكذلك على البيت
الأبيض. وكانت شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي في أوساط الأمريكيين الديمقراطيين
قد وصلت إلى 14 بالمائة في عام 2019، وربما تدنت أكثر منذ ذلك الحين.
كما يحسن بالرئيس بايدن أن يتجنب الخطأ الذي وقع فيه باراك
أوباما حين ظن أن بإمكانه أن يعمل مع نتنياهو لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وظل
مصراً على ذلك الموقف حتى وقت طويل بعد أن تبين أن مساعيه كانت بلا جدوى. ولذلك
كان وزير خارجية بايدن، أنطوني بلينكن، محقاً حين حدد لنفسه هدفاً أكثر تواضعاً
يتمثل في الحفاظ على إمكانية تحقيق الدولة الفلسطينية في اليوم الذي يصبح فيه لدى
الإسرائيليين والفلسطينيين زعماء أفضل.
في هذه الأثناء، لا ينبغي أن يسمح بايدن لنتنياهو بإحباط
أمله في إعادة إحياء وتوسيع الاتفاق النووي مع إيران. وتصر إسرائيل على أنه ينبغي
على الولايات المتحدة الإبقاء على "العقوبات الخانقة" وعلى "تهديد
عسكري ذي مصداقية" ضد طهران، كما عبر عن ذلك هذا الأسبوع سفير إسرائيل لدى
الولايات المتحدة جلعاد إردان. إلا أن السياسة التي انتهجتها إدارة ترامب على مدى
ثلاث سنوات لتحقيق هذه الغاية لم تنجح إلا في جلب طهران إلى حافة التمكن من إنتاج
أسلحة نووية. من الوارد أن تبادر إيران نفسها إلى جعل انضمام بايدن من جديد إلى
الاتفاق أمراً مستحيلاً. ولكن لا ينبغي له السماح لنتنياهو بالوقوف في طريقه.