نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للصحافي ديفيد إندرز، تساءل فيه عن ما إذا تم تحقيق العدالة للقمان سليم الذي اغتيل الأسبوع الماضي، أو أن جريمة قتله هي واحدة من جرائم سياسية في لبنان لم يتم حلها حتى الآن.
وقال إن الإغتيالات التي لا يتم الكشف عن مرتكبيها أو معاقبتهم أمر عادي في لبنان. ولهذا فلن يكون اغتيال الناشر والناشط سليم الذي عثر عليه ميتا في سيارته الأسبوع الماضي استثناء.
وتكهن البعض بضلوع حزب الله بالجريمة.
وكان الناشط البالغ من العمر 58 عاما مثقفا نادرا في نقده العلني لحزب الله ومن داخل الطائفة الشيعية. وولد في حارة حريك، في جنوب العاصمة بيروت التي يسيطر عليها حزب الله وعاش فيها حتى اغتياله.
إلا أن المجتمع اللبناني المنقسم والسياسة الطائفية تضمن عمليا عدم محاسبة أي شخص. وبحسب نديم حوري، مدير "مبادرة الإصلاح العربي" فإنه "لا أحد يثق بالنظام القضائي، ولم يحل أبدا أي جريمة اغتيال سياسي".
وأضاف حوري الذي كان صديقا لسليم: "فهم تبع للطائفية ولا يذهبون بعيدا لحل أي جريمة اغتيال سياسي". وطالما هدد أنصار حزب الله، سليم، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2020 أصدر بيانا حمل فيها قيادة الحزب والجيش اللبناني مسؤولية سلامته الشخصية. وألمحت شقيقته رشا الأمير إلى ضلوع الحزب في مقتله، واتهم آخرون الحزب علانية.
وبعد اغتيال سليم في جنوب بيروت بفترة قصيرة نشر واحد من أبناء زعيم الحزب حسن نصر الله تغريدة فسرت على أنها إشارة لاغتيال سليم مع هاشتاغ "لا ندم" قبل أن يحذفها.
وفي تقرير نشر على موقع قناة "العربية" السعودية جاء فيه أن سليم كان يحاول مساعدة أحد عناصر حزب الله على الانشقاق. وعندما اتصلت المجلة بكاتب التقرير فإنه رفض التعليق. وقال متحدث باسم قوات الأمن الداخلي اللبنانية إنه لا يملك معلومات عن مسار التحقيق.
وتساءل حوري قائلا: "بصدق لا أعرف لماذا الآن" و"هل كان لقمان يقوم بعمل تجاوز فيه الخط الأحمر؟ لا أعرف. وهذه مأساة ومن عليهم الإجابة عن هذا السؤال هم السلطات. وفي غياب التحقيق فإن هناك وضعا يضع فيه الناس نظرياتهم".
وتذكر اللبنانيون يوم عيد الحب انفجارا هز بيروت وقتل فيه رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 2005. من ثم اغتيال المحقق الذي أمسك التحقيق في 2008. ولم يتم التوصل لقرار في القضية التي أنشئت لها محكمة خاصة إلا بعد عام.
وأدانت المحكمة الخاصة بمقتل الحريري ثلاثة عناصر من حزب الله، لكن غيابيا. وكان زعيم الحزب نصر الله واضحا في رفضه للأحكام، ولم تتم معاقبة أحد على الجريمة.
اقرأ أيضا: شيخ شيعي لبناني يعتذر من أنصار حزب الله لمشاركته بعزاء سليم
ويعتبر اغتيال سليم الجريمة الـ13 في سلسلة اغتيالات لشخصيات معروفة وتضم سياسيين وصحافيين ومسؤولين أمنيين.
ولم يصدر حكم إلا التحقيق الدولي في مقتل الحريري.
ويقول حوري: "كان ضد حزب الله وضد الطبقة الحاكمة وكان يدفع لخلق مساحة أوسع وكان يدفع باتجاه شيعة مستقلين والقدرة على التحرك".
وما يؤكد التوتر من أي معارضة اعتذار الشيخ الذي حضر جنازة لقمان وقرأ الأدعية فيها.
فقد نشر شريط فيديو يعتذر فيه عن المشاركة بالجنازة زاعما أنه لم يكن يعرف على من سيصلي. وزاد على هذا تأكيد ولائه لحزب الله.
وبالإضافة لكونه ناشطا وناشرا فقد كان سليم مخرج أفلام وموثقا ومثقفا عاما.
وأدار منظمة غير حكومية اسمها "أمم".
وطالبت عائلته بتحقيق دقيق في الجريمة، مع أن البعض رأى أن أي تحقيق مثمر يجب أن يتم بمشاركة دولية. وجاء مقتله في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات اقتصادية وسياسية وتبعات كوفيد-19.. فعلى بعد أميال من العزاء له اجتمع الناشطون للمطالبة بالإفراج عن الناشطين الذي اعتقلوا في التظاهرات التي شهدها لبنان في الفترة الأخيرة.
ويقول حوري: "هناك حاجة ماسة لحماية الناشطين".
وأدى مقتل سليم إلى خفض الحماس من أجل تظاهرة في ذكرى مرور ستة أشهر على انفجار مرفأ بيروت، وهي جريمة لم تتم محاسبة أحد فيها بعد.
ورغم تعهد المسؤولين بتحقيق سريع في الانفجار الذي نتج عن اشتعال آلاف الأطنان من نترات الأمونيوم وقتل أكثر من 200 شخص ودمر مناطق واسعة في بيروت إلا أن التحقيق توقف في 2020 عندما حاول القاضي المسؤول عن التحقيق مساءلة رئيس الوزراء ووزيرين سابقين. وكان هذا مثالا واضحا على تقديم السياسة على المحاسبة.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)
التايمز: مصفحات بريطانية للبنان لمراقبة حدوده مع سوريا
موقع فرنسي: اغتيال لقمان سليم بلبنان.. لماذا الآن؟
FT: الفنزويليون اللبنانيون "بين نارين"