نشرت صحيفة "صنداي تايمز"، تقريرا أعدته مراسلتها في الشرق الأوسط لويز كالاغان، تحدثت فيه عن المخاوف المتزايدة على حياة الأميرة بسمة بنت سعود وابنتها سهود الشريف، المعتقلتين منذ 2019.
وكانت سهود تدرس الأفلام في سن 21 عاما، وتعيش مع إخوتها ووالدتها الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز، أصغر بنات الملك الثاني للسعودية، الملك سعود. وكانت الأميرة، سيدة الأعمال، تملك قهوتين في شارع راق بلندن، وتدعو لحقوق المرأة، وأحبت سهود أمها حتى العبادة.
وفي 28 شباط/ فبراير 2019، اعتقلت هي ووالدتها في مدينة جدة. وفي المكالمات المتقطعة خلال الأشهر التي تلت عملية الاعتقال، أخبرتا العائلة أنهما تشتركان في غرفة بسجن الحائر سيئ السمعة، قرب الرياض.
وأصبح اعتقالهما معروفا في نيسان/ أبريل 2020، عندما قام الفريق في بريطانيا الذي يدير حساب بسمة على "تويتر" ونيابة عنها، بنشر سلسلة من التغريدات اليائسة تستعطف الملك سلمان وابنه ولي العهد، محمد بن سلمان، للإفراج عنها وابنتها.
اقرأ أيضا: مكتب الأميرة بسمة بنت سعود: الاتصال معها ومع ابنتها مقطوع
وفي تغريدة قالت فيها: "تم اختطافي ورميي في السجن مع ابنتي، دون سبب"، مضيفة أن حالتها الصحية في تدهور مستمر، وقد تموت.
ومنذ ذلك الوقت، تقول المصادر المقربة من الأميرة (58 عاما) وابنتها (28 عاما) إنهما لم تتصلا مع العالم الخارجي.
ولم يتم توضيح سبب اعتقالهما أو توجيه اتهامات لهما. وقال مصدر للصحيفة: "لقد توقفوا عن الرد، وتوقفوا بشكل مطلق، وكل الاتصالات قطعت، ولم يخبرونا إن ظلت في السجن نفسه أم لا، ومضت سبعة أشهر بعدها، وبصدق فهي فترة صعبة".
وعبّر من هم على علاقة بالعائلة عن دهشتهم من اعتقال سهود، الشابة التي لا يعرفها الكثيرون، ولا يعرف عنها أنها مصدر تهديد. وكانت تجربتها الوحيدة في العمل العام قبل اعتقالها منذ عامين هو عملها المتقطع في مجال التسويق بمؤسسة والدتها.
وقال هنري إسترامانت، الخبير في الدبلوماسية، والمقرب من الأميرة عن سهود: "كانت مجرد طالبة، طالبة أفلام، ولا علاقة لها بأي شيء، ولا علاقات لها، كانت طالبة، ووضعوها في السجن".
ورفضت السفارة السعودية في لندن التعليق، أما ممثل المملكة في الأمم المتحدة فقد رفض اتهامات التغييب القسري والاعتقال التعسفي، وقال إن بسمة وابنتها اعتقلتا لارتكاب جرائم جنائية.
وتعد بسمة وابنتها جزءا من أمراء سعوديين اختفوا بعد سجنهم في المملكة. ومع أن سبب اعتقالهم معقد وله علاقة بخلافات حول الميراث والخلافات الداخلية في العائلة المالكة، إلا أن ما يجمع كل الاعتقالات هو أنهم لم يعودوا مقبولين من محمد بن سلمان.
وفي العام الماضي، اعتقل الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق الذي دعمته واشنطن بسبب دوره في مكافحة الإرهاب، إلى جانب عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي نظر إليه مرة كثقل مواز لمحمد بن سلمان.
وفي 2018، تم اعتقال الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود في الرياض. وزعمت الحكومة السعودية أنه اعتقل مع عدد من الأمراء بعدما رفضوا دفعوا فواتير الكهرباء، وهو ما ينفيه المقربون منه.
وكان سلمان يعيش في باريس، ويملك عقارات بـ60 مليون جنيه إسترليني، وكان شخصية معروفة، وأراد الظهور بمظهر من يقيم علاقات مع المشاهير والنجوم، والتقط الصور في رحلاته، ووضع صوره معهم على صفحته في "إنستغرام". ويقول المقربون منه إنه ربما أزعج محمد بن سلمان، الذي اعتقد أنه حاول الدخول في السياسة.
اقرأ أيضا: NBC: حياة الأميرة بسمة بنت سعود في خطر
وبحسب الصحيفة، فإنه "لا يوجد أمل بالإفراج سريعا عن بسمة، فقد ولدت بالرياض عام 1964، وكان والدها الملك سعود بن عبد العزيز وأمها سورية. ومنذ ولادتها شهدت حياتها اضطرابا، بعدما أجبر الملك فيصل والدها على التنحي عن السلطة".
وأخذتها والدتها إلى بيروت حتى اندلاع الحرب الأهلية في 1975. وبعد انتقالها إلى لندن، تعلمت بسمة في سويسرا وبريطانيا، منها عامان في مدرسة خاصة بجنوب غرب لندن. ثم عادت إلى السعودية، وتزوجت من رجل ينتمي إلى عائلة سعودية معروفة، وأنجبت منه خمسة أولاد.
وبعد طلاقها بأربعة أعوام، انتقلت إلى لندن. واندمجت جيدا في النخبة البريطانية، حيث عرفت بمظهرها من خلال منديلها الفضفاض وزيها الغربي، وألقت محاضرات في كامبريدج وأكسفورد، وكانت داعمة قوية لمؤسسة تشيري بلير للمرأة (وهي زوجة رئيس الوزراء السابق توني بلير).
وفي 2011، انتقلت إلى بيت كبير في تشيلسي مع 3 من أولادها، بمن فيهم سهود. ويقول مقربون إنها كانت تذهب في نهاية الأسبوع مع أولادها إلى السينما "كل جمعة وكل أحد هو يوم العائلة".
ودعت بسمة إلى إصلاح وضع المرأة، مع أنها كانت حذرة في نقد أفراد العائلة، ووجهت النقد للوزراء.
وانتقدت الشرطة الدينية التي تم الحد من سلطاتها، لكن دعوتها إلى ملكية دستورية لم تتحقق.
وتدهورت حالة الأميرة الصحية في السنوات الأخيرة، حيث عادت إلى السعودية، لكنها كانت تقضي نصف عام في سويسرا. وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة، فقد تلقت العلاج من عدة ظروف صحية.
وفي نهاية 2018، تم رفض تأشيرتها للسفر إلى سويسرا. وبحسب محاميها السابق عبد اللطيف بينت، لم يستمع لمناشداتها إلى الأمراء البارزين في العائلة الحاكمة، بمن فيهم محمد بن سلمان.
وقال: "كعضو في العائلة المالكة، عليها الحصول على إذن بالسفر إلى الخارج، لكنها لم تحصل على نعم أو لا، ولم تحصل على رفض أو أي شيء، فقط تم التجاهل".
ونظرا لحالتها الطارئة، فقد استأجرت طائرة تركية خاصة لنقلها وابنتها سهود إلى سويسرا. وعندما كانتا في مدرج جدة يوم 22 كانون الأول/ ديسمبر 2018، لم يتم السماح بالإقلاع النهائي. وبعد أربع ساعات ونصف ومكالمات عبثية للمسؤولين، عادتا إلى بيتهما في جدة.
وقال بينت: "كان هذا صادما لها، لأنها تعرضت للضغط من تلك اللحظة، لحظة مغادرة المطار والعودة إلى البيت، حيث تعرضت وابنتها لضغط". وتم معاملتها وابنتها وكأنهما كانتا تحاولان الهرب إلى المنفى.
ويقترح بينت أن مرور الطائرة عبر تركيا إلى سويسرا ربما كان سببا في الاعتقال، خاصة أن تركيا تعد مركز المنفيين السعوديين، وقتل فيها الصحافي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
وسجلت كاميرات المراقبة ما حديث بعد شهرين من محاولة السفر إلى جنيف، فقد حضر إلى البيت مجموعة من الرجال كانوا بزي مدني، وقدموا أنفسهم على أنهم حرس الأمير محمد بن سلمان.
وقالوا لها إن عليها مرافقتهم إلى قصر الأمير في مقابلة خاصة معه. وبحسب مصدر، فإنها لم تصدقهم، وقالت لهم إن المقابلة تحتاج إلى رسالة أو مكالمة هاتفية.
وبعد نقاش استمر ساعتين، غادرت بسمة وابنتها في سيارتها الخاصة التي أحاطتها سيارات الأمن. وانتهت الأم وابنتها في صباح اليوم التالي في سجن الحائر.
وقال مصدر للصحيفة: "بدلا من أخذها إلى القصر، نقلت حالا إلى السجن، وقطعت عن العالم".
وقال المصدر إن "سهود لم ترض أن تترك والدتها، وقالت إنها ستذهب معها وذهبت، ووضعتا في السجن معا".
وبعد عامين من الاعتقال وعشرة أشهر من الصمت، لا يزال العارفون بالأم وابنتها يبحثون عن أجوبة. وقال جوشوا كوبر، مديرة منظمة القسط الحقوقية في لندن: "هذا أمر مثير للقلق. لم يوجه لهما تهم ولم يحدد موعد للمحاكمة".
الغارديان: إطلاق سراح الهذلول محاولة سعودية لإرضاء واشنطن
FP: على بايدن منح السعودية فرصة.. ومكافحة انتهاكاتها
مجلة فرنسية تكشف كواليس وأسرار صعود ابن سلمان للسلطة