عاد من جديد الجدل حول ما اصطلح على تسميته إعلاميا بـ"قصر بوتين"، حيث كشفت مجلة تايم الأمريكية، معلومات جديدة حول القصر، بعد نحو 90 مليون مشاهدة للفيديو الذي انتشر عنه لأول مرة.
وقالت التايم إن التحقيق المصور والذي نشره المعارض الروسي المحكوم بالسجن 3 سنوات، أليكسي نافالني، قد بدأ الإعداد له بعد أيام فقط من إفاقة نافالني من غيبوبته التي دخل فيها بعد حادث تسميم مفترض اتهمت موسكو بتدبيره.
وقالت المجلة في تحقيق موسع بشأن الفيديو بعد يومين من اعتقال نافالني بعد عودته لموسكو، إن "الفيديو صنع بالتعاون مع سيرغي كوليسنيكوف، الذي كان مسؤولا عن بناء العقار".
وكوليسنيكوف كان قد نشر في عام 2010 رسالة مفتوحة إلى الرئيس الروسي آنذاك، ديمتري مدفيديف، يطالبه فيها بـ"وضع حد لفساد بوتين"، بعد خمس سنوات من عمله كمسؤول عن القصر الذي بدأ تصوره على أنه "منزل صغير" قبل أن يتحول إلى قصر ضخم.
والعقار الذي أثار الكثير من الجدل هو قصر ضخم في منطقة كراسنودار جنوب روسيا، ويتهم نافالني الرئيس بوتين ببناء القصر بـ"أموال غير مشروعة" تصل قيمتها إلى 1.35 مليار دولار "قدمها أعضاء من الدائرة الداخلية للرئيس".
وخلال سنوات، تلقى فريق منظمة مكافحة الفساد التي يرأسها نافالني معلومات مسربة حول القصر مثل صور ومخططات بناء، جاءت بحسب تقرير التايم من عدد من العمال المشاركين في بناء القصر وامتداداته.
كيف قام فريق نافالني بتصوير القصر؟
وتنقل Time عن ماريا بيفشيك رئيسة التحقيقات في منظمة مكافحة الفساد أن القصر صور باستخدام طائرة بدون طيار من قبل ثلاثة من موظفي المنظمة الذين قاموا بالتحايل على المراقبة الأمنية من خلال تبديل مكان هواتفهم التي كان الأمن يلاحقها عن طريق نظام تتبع.
وقالت ماريا إن هواتف الفريق أخذت إلى مدينة سوتشي على البحر الأسود، التي تبعد 250 كيلومترا عن مكان القصر.
واحتاج الفريق إلى إذن خاص للإبحار بزورق قرب القصر، لكن طلب منهم أن يبقوا على بعد ميل من الساحل ولا يقتربوا منه.
اقرأأيضا : فيديو لـ"قصر بوتين" يثير غضبا بروسيا.. 39 ضعف مساحة موناكو
أما بالنسبة للقصر من الداخل، فقد أنتجت المنظمة صورا عبر الغرافيك معتمدة على الأوصاف والصور من العمال في السكن، ومخططات البناء والعلامات التجارية للأثاث الذي تم شراؤه.
ونقلت المنظمة عن مصادرها أن بوتين يستضيف قادة عالميين في القصر أحيانا للحصول على "متعة حقيقية" بعد الاجتماعات الرسمية.
من قام بتمويل القصر ومن يملكه؟
وقالت بيفشيك إن المنظمة حللت أكثر من 100 ألف معاملة مصرفية عبر شبكات مالية معقدة، وقادتها هذه التحويلات إلى عملاق النفط الروسي روسنفت ورئيسه إيغور سيشين، وغينادي تيمتشينكو، الشريك التجاري لبوتين منذ عام 1990.
ونقلت التايم عن محققين عالميين قولهم إن "السمة المميزة لـ 21 عاما التي قضاها بوتين في السلطة هي عقده الضمني مع القلة الأغنياء من الروس والمتضمن الابتعاد عن السياسة، مقابل الاحتفاظ بمعظم الأموال".
ويقدر، أندرس ألوند، وهو خبير اقتصادي سويدي، أن صافي أملاك بوتين يتراوح بين 100 مليار دولار و160 مليار دولار، وهو ما قد يجعله ثالث أغنى رجل في العالم بعد جيف بيزوس وإلون ماسك.
ووفقا لنافالني فالقصر مسجل رسميا لشركة بينوم المساهمة، وهي شركة صغيرة مقرها في مكتب مساحته 100 قدم مربع في سانت بطرسبرغ.
وقال نافالني إن موظفي بينوم يعملون أيضا في شركة غامضة، هي أكتسيبت، التي يملكها ميخائيل شيلوموف، ابن عم بوتين.
وتمتلك شركة أكتسيبت ما قيمته 0.2 في المئة من شركة غازبروم، بأرباح سنوية تصل إلى أكثر من 7.6 ملايين، وفقا لتحقيق نافالني، لكن "المالك" شيلوموف لا يزال يعمل في وظيفة يومية في شركة شحن كبيرة، ويعيش في منزل متواضع نسبيا في سانت بطرسبرغ.
وتقول منظمة مكافحة الفساد في التحقيق إن هذا يؤكد أن الشركة في الحقيقة مملوكة لبوتين.
ما هي الخطوة التالية؟
ونقلت التايم عن بيفشيك قولها: "كان تحقيق القصر مجرد بداية. لقد فككنا الشيفرة، اكتشفنا كيف يدفعون ثمن الأشياء، ومن أين يحصلون على المال. نحن نعرف بالفعل أين نحفر أكثر من ذلك".
وكان نافالني، نشر مقطعا، اتهم فيه الرئيس فلاديمير بوتين بصرف مبلغ ضخم على القصر، وقال في الفيديو الذي نشره إن مساحة القصر والأبنية التابعة له والحدائق والغابات الملحقة به تبلغ 39 ضعف مساحة إمارة موناكو الفرنسية، بتكلفة بلغت 1.37 مليار دولار، واصفا ذلك بأنه نتاج "أكبر رشوة في التاريخ".
وبحسب مقطع الفيديو، فقد جرى بناء القصر في منتجع غليندزيك، "باستخدام أموال غير مشروعة" قدمها أشخاص من الدائرة المقربة لبوتين، بمن فيهم رؤساء شركات نفط وأصحاب المليارات.
ويصف التقرير تفاصيل مختلفة عن القصر، منها أنه يضم كازينو وملعب هوكي الجليد تحت الأرض وحقل عنب كبير.
ويضيف نافالني: "للقصر أسوار منيعة وميناء خاص وقوات أمن خاصة وكنيسة ونظام تصاريح خاص ومنطقة حظر طيران، وحتى نقطة تفتيش حدودية خاصة به".
ويتابع: "إنها دولة منفصلة داخل روسيا. وفي هذه الدولة هناك قيصر واحد لا غنى عنه.. إنه بوتين".
وأعقبت عملية اعتقال ومحاكمة نافالني خروج مظاهرات وتعزيزات أمنية مشددة في موسكو والساحة الحمراء الشهيرة اعتراضا على اعتقال المعارض الذي أثارت محاكمته رفضا دوليا كبيرا طالبت موسكو بسرعة الإفراج عنه.