تتواصل وتيرة الأنباء والتقارير الأجنبية، حول احتمالية حصول ضربة أمريكية أو إسرائيلية لإيران، قبيل استلام إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم.
وحفلت العديد من الصحف الإسرائيلية والاجنبية بالحديث عن توقعات واحتمالات توجيه ضربة، في ظل تحركات عسكرية وتصريحات وتحذيرات وزيارات بينية غير مسبوقة من هنا وهناك.
ومع تزايد المؤشرات بعد اللقاء الذي جمع الأحد الماضي، ولي العهد السعودي مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والذي حرض بصورة مباشرة على ضرورة توجيه ضربة عسكرية لمصادر تخصيب اليورانيوم الإيرانية، بحضور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ارتفعت مؤشرات احتمالات توجيه الضربة.
وقال محللون في تصريحات لـ"عربي21"، إن فرص اندلاع حرب او توجيه ضربة عسكرية لإيران يعد مستبعدا، واصفينها "بالآمال الإسرائيلية بعيدة المنال خصوصا في الظرف الراهن"، إلا أنهم لم يستبعدوا حصول "حدث ما"، يربك حسابات الإدارة الجديدة المنفتحة نحو اتفاق جديد مع إيران.
كما رجحوا أنه وفي حال حصول تحرك عسكري ضد طهران، فإن المنطقة لن تشهد أي هجوم مباشر من قبل الولايات المتحدة، مشككين بإقدام "إسرائيل" على عمل مماثل لوحدها دون غطاء من البيت الأبيض.
الفرص والاحتمالات
وفي هذا الصدد قال الخبير العسكري الدكتور فايز الدويري لـ"عربي 21"، إن الحديث عن ضربة يعود لقبل أسبوعين، حينما استشار الرئيس الأمريكي خلال اجتماع موسع جمعه بوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وبعض مستشاريه، حول توجيه ضربة لإيران، لكنه لاقى رفضا من قبلهم للفكرة مما جعله يتبنى رأيهم، ولم يعد هناك حديث عن ذلك.
وتابع:"لا يمكن أن نستبعد حدوث ذلك بالمطلق لكن الاحتمال ضعيف جدا"، وأوضح أنه في حال حدوثه فستكون الهجمة بين أحد ثلاث احتمالات إما من خلال ضربة عسكرية مباشرة باستخدام سلاح الجو مثل طائرات بي 35 أو الشبح إم 35 أو صواريخ كروز"، لكن فرصها "متدنية" جدا أو "شبه معدومة"، على حد قوله، وعلل الدويري استبعاده للاحتمال الأول نظرا لخوف الولايات المتحدة من مغبة الرد الإيراني وطبيعته.
اقرأأيضا : بعد اجتماع "نيوم".. تأهب إسرائيلي لضربة أمريكية ضد إيران
وأما الاحتمال الثاني وهو "هجوم سيبراني واسع"، وهذا النوع تم تنفيذه عدة مرات في السابق، وأما الاحتمال الثالث "تفجير داخلي على غرار ما حدث سابقا في إحدى المنشئات النووية"، وبشأن الاحتمالين الآخيرين قال الدوريري إنهما الأكثر رجوحا في حال قيام الإدارة الأمريكية الحالية بشيء.
ولا يعتقد الدويري بأن تسمح الدولة العميقة والجنرالات وقيادات الجيش الأمريكي ورئاسة الأركان لترامب بالقيام بهكذا خطوة، وقال:"علينا أن نعود لتصريحات وزير الدفاع المقال الذي قال فيها بأنه لا يقسم لرئيس ولا لديكتاتور ولا لملك ولا لملكة إنما أقسم لدستور، ما عنى أن هناك أطراف لن تسمح بذلك".
واعتبر أن حدوث هكذا ضربة "سيربك المشهد الدولي"، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في طبيعة اتخاذ القرارات الأمريكي.
وأشار الدويري إلى أن هناك "أمورا قد لا يستطيع بايدن تخطيها في أي اتفاق قادم والتي تتعلق بالصواريخ الباليستية وحقوق الإنسان و يكمن القلق من أن يتخذ ترامب المسألتين كغطاء لتوجيه ضربة لإيران في سبيل عرقلة بايدن من ابرام أي اتفاق مع طهران".
اقرأأيضا : الولايات المتحدة ترسل قاذفة "بي52" للشرق الأوسط (شاهد)
من جهته علق المحلل السياسي ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد بالقول إن الاحتمالات التحشيدية قائمة وحصلت في الماضي، لكنها لن تغير المعادلة الأساسية في المنطقة وهذه النقطة الجوهرية في الموضوع"، مشيرا في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الإدارة الأمريكية وأعضاء من الحزب الجمهوري غير متحمسين إزاء رغبات ترامب.
بدوره، قال المختص بالشأن الإيراني طلال عتريسي، إن أحد السيناريوهات المطروحة هو قيام الولايات المتحدة بشن ضربة لطهران قبل تسلم بايدن السلطة لارباك إدارته في التعاطي مع الملف النووي الإيراني، إضافة لوجود احتمال قيام اسرائيل بضربة خوفا من سياسة بايدن والعودة إلى الاتفاق السابق ، مضيفا بأن هذا السيناريو نوقش في اجتماع نيوم بين ولي العهد السعودي ورئيس الوزارء الاسرائيلي، لكنه من الأرجح أن لا تحصل هذه الضربة.
واستند عتريسي في حديثه لـ"عربي21"، إلى سياسة ترامب في المنطقة، القائمة على سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن قرار ترامب الأخير بهذا الصدد والذي قضى بسحب القوات من العراق وأفغانستان وإبقاء عدد محدود من الجنود الأمريكين في تلك القواعد يؤكد ذلك.
اقرأ أيضا: اغتيال عالم نووي ايراني.. طهران تتهم "إسرائيل" وتتوعد
الرد الإيراني
وحول إمكانية وطبيعة الرد الإيراني قال فايز الدويري إن طهران ستسخدم سلاحها الصاروخي في ضرب المواقع والمنشآت الأمريكية بالمنطقة، وتحديدا في السعودية والعراق والبحرين، كما سبق لها فعل ذلك كرد على استهدافها، إضافة إلى إمكانية توجهها بإغلاقها مضيق هرمز وخلق فوضى في سوق النفط العالمي.
ويرى بأن الرد الأقرب حدوثه سيأتي من قبل أذرعها في حال تعرضها لاعتداء أمريكي، مثل حزب الله في لبنان والميلشيات الشيعية في العراق وحماس والجهاد بغزة، منوها إلى أنه"سيؤدي إلى فوضى عارمة بالشرق الأوسط قد لا تتحملها أمريكا".
وأكد على أن "الرد الإيراني سيكون محسوبا بدقة ولن يكون الرد فوضويا ومفتوحا، واستدل على ذلك بالرد الإيراني حين مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
ويظن عتريسي بأنه "إذا شهدت مجريات الأمور حدثا عسكريا ضد إيران سنرى مشهدا خارج عن التوقعات، لأن حلفاء إيران لن يسكتوا أمام تعرضها لضربة، وذلك لأن نهاية إيران ستكتب نهايتهم أيضا".
الموقف الإسرائيلي
فيما يخص الموقف الإسرائيلي قال عتريسي إن "اسرائيل لن تذهب لوحدها لشن حرب لأنها بحاجة لغطاء ودعم أمريكي، كما أن الظروف الإقليمية والعالمية غير مهيأة لحصول حدث عسكري، كما أنه لن يقف أحد مع الولايات الأمريكية في خطوة كهذه"، وأكد على أن هناك "نقاشات قديمة في إسرائيل بهذا الشأن أفضت إلى عدم قدرتها للقيام بأي تحرك عسكري لوحدها ضد إيران"، مشيرا إلى أن إيران أرسلت رسائل عديدة للأوروبيين مفادها بأن ردها لن يستثني أحدا حتى إسرائيل".
الموقف الخليجي
وحول الموقف الخليجي من حدوث ضربة لإيران، عقب عتريسي بأن هناك قلقا وخوفا خليجيا من أي رد إيراني حيث أنه بعض الباحثين والمختصين الكويتيين والقطريين دعوا لإغلاق الأجواء والنأي عن أي حدث مماثل وإعادة ترتيب العلاقات الخليجية الإيرانية.
كما استبعد أي مشاركة خليجية مباشرة في أي حرب من هذا النوع لأنها ستكون الحلقة الأضعف لقربها من الصواريخ الإيرانية والتي ستستهدف منشآت حيوية ونفطية ستسبب ضررا كبيرا لها، بالتالي ستكون المشاركة أشبه بالمغامرة .
أما الدويري فقال من جهته إن هناك تسريبات إسرائيلية تشير إلى حصول لقاء بين نتنياهو وولي العهد السعودي في نيوم ألمح فيه لوجود ضربة، وأن رد ابن سلمان كان بأن بأن القوات السعودية تتدرب على ذلك"، مستدركا "هذا الخبر لا يعد موثوقا ولا نستطيع تبنيه ".
اقرأأيضا : ديفيد هيرست: ابن سلمان يعيش أوقاتا عصيبة بسبب فوز بايدن