تناولت مجلة "إيكونوميست" في
عددها الأخير تداعيات رفض الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بهزيمته في الانتخابات
الرئاسية.
وقالت إن عبارة "أوقفوا
السرقة" أصبحت شعار الجمهوريين الغاضبين الذين صدقوا مزاعمه بأن الديمقراطيين
سرقوا فرص انتخابه من خلال عملية تزوير واسعة. وتحولت إلى وسم على منصات التواصل الاجتماعي
وإلى هتاف يصرخون به حينما يتدفقون إلى الشوارع كما فعلوا في 14 تشرين
الثاني/نوفمبر عندما تظاهروا في العاصمة واشنطن، وتوقف موكب الرئيس لكي يحييهم.
لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي
استخدم فيها أنصار الرئيس هذا الشعار، فقد أنشأ روجر ستون أحد مستشاري الرئيس الذي
أوقفت مدة سجنه جرائم جماعة بهذا الاسم في نيسان/إبريل 2016 لفضح السناتور
تيد كروز المتهم في حينه بمحاولة سرقة المرشح الجمهوري. وتم القيام بمحاولات
وقائية حول سرقة الانتخابات قبل الانتخابات العامة ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري
كلينتون عام 2016. والآن وقد خسر ترامب الانتخابات فقد تم استخدام الشعار بشكل
واسع.
وظل ترامب يبدي ميلا لعدم الاعتراف
بالهزيمة أو أي خطأ. وهو ما أدى لسيناريو
غير مسبوق: رئيس أمريكي لا يزال في منصبه يرفض تسليم السلطة بناء على مزاعم لا
أساس لها عن تزوير في الانتخابات. وهي اتهامات خطيرة لمؤسسة لا يمكن الدوس عليها
ومن الصعب التقليل من شأنها بسبب ثقة الرأي العام بأن المؤسسات الأخرى، مثل
المحاكم والمؤسسة العسكرية لن توافق على أماني ترامب.
اقرأ أيضا: تأكد فوز بايدن في إعادة فرز الأصوات بولاية جورجيا
وترى المجلة أن فرصة عكس نتائج الانتخابات
متدنية. وفشلت كل الدعاوى القضائية التي قدمها فريق ترامب في الولايات المتأرجحة
التي خسر فيها. ورغم التغيير في قيادة المؤسسة المدنية في وزارة الدفاع إلا أن فرص
القيام بانقلاب شخصي تظل قليلة. وحتى في غياب تنظيم زعيم البلد محاولة انقلابية
إلا أن تصرفات ترامب تثير القلق. فعملية الانتقال الرئاسي تحتاج إلى عدد كبير من
موظفي الخدمة المدنية، حوالي 4.000 موظف منهم 1.200 يجب أن يوافق عليهم مجلس
الشيوخ.
وبعدم اعترافه بالهزيمة فقد أوقف ترامب العملية.
ولا يحصل بايدن على إيجازات يومية. وليس لفريقه منافذ على الاتصالات الحكومية
المؤمنة ويعتمد بدلا من ذلك على تطبيقات هاتفية مشفرة.
وأشارت المجلة إلى تقرير لجنة التحقيق في 9/11
حيث وجدت أن العملية الانتقالية القصيرة عام 2000 والتي جاءت بسبب الخلاف على
أصوات فلوريدا، ربما ساهمت في الهجمات الإرهابية.
وبالمقارنة فالعملية الانتقالية
المنظمة بين إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما والتي جاءت وسط الأزمة المالية
العالمية، أسهمت في تطبيق سياسات مساعدة اقتصادية.
وعندما سئل بايدن عما يمكن أن يحدث هذه المرة
أجاب "موت مزيد من الناس" لو رفضت إدارة ترامب التعاون والتنسيق في جهود
مكافحة فيروس كورونا وتوزيع اللقاحات. وقالت المجلة إن العملية الانتقالية
المتوقفة هي امتحان لحزب الرئيس. فقد عبر المعارضون لترامب في الحزب أن يوجه
الناخبون له توبيخا شديدا بشكل يؤدي لمحاسبة من حاولوا التعايش مع ترامب. ولم يحدث
هذا، فقد استفاد الجمهوريون من المشاركة الواسعة لأنصار ترامب وربما احتفظوا بمجلس
الشيوخ وزادوا من مقاعدهم في مجلس النواب.
وواصل الجمهوريون الذين احتفظوا
بمقاعدهم إسعاد الرئيس بأنه "يجب عد كل الأصوات القانونية ورمي كل الأصوات
غير القانونية" كما قال ميتش ماكونيل، زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس
الشيوخ.
ولكن اقتراح وجود أعداد من الأصوات المزورة
الكافية لتغيير نتائج الانتخابات لم يكن صحيحا. وهناك قلة من الجمهوريين مثل ميت
رومني وسوزان كولينز قبلوا النتائج وهنأوا بايدن. وذهب آخرون أبعد من بيان ماكونيل
الحذر، فبراد رفنسيبرغر، الجمهوري المكلف بإدارة الانتخابات في جورجيا التي ربحها
بايدن بهامش ضيق تعرض لنقد شديد من أفراد حزبه لرفضه حرف النتيجة لصالح ترامب.
ودعا كل من كيلي لوفير وديفيد بيردو
اللذين سيواجهان جولة إعادة في جورجيا إلى استقالته. واتصل ليندزي غراهام الموالي
لترامب برفنسيبرغر وعارض الأصوات التي تم إرسالها بالبريد.
وتقول "إيكونوميست" إن
الواقع سيفرض نفسه في مرحلة ما، وستتلاشى الدعاوى القضائية وبدأت الولايات
بالمصادقة على نتائج الانتخابات. وستصوت المجمعات الانتخابية في 14 كانون
الأول/ديسمبر ورسميا على بايدن لكي يكون الرئيس المقبل. وبدأ عدد من الجمهوريين
يعبرون عن هذا بدعوتهم لحصول بايدن على الإيجازات اليومية.
لكن هذه المراوغات تعني أن الحزب
الجمهوري سيظل تحت سيطرة حقيقية بعد ترامب. وقد تكون هذه استراتيجية نافعة على
المدى القصير لتأمين مقعدي جورجيا. وربما ظلت حقيقة حاضرة في الحزب على المدى
البعيد، فترامب يشعر بالنشوة للعب دور صانع الأدوار ويتوج الجمهوريين الفائزين
بتغريدة من تغريداته.
ويتحدث ترامب عن خطط للترشح في
انتخابات 2024 مما يعني تجميد فرص الجيل القادم والطامح من الجمهوريين. ورغم ما
تسببت به الحزبية من دمار على السياسة الأمريكية إلا أن الطرفين كانا يتفقان على
فوز الفائز وبنزاهة، لكن ليس هذا هو الحال.
ففي استطلاع أجراه مركز يوغف قالت نسبة
88% ممن صوتوا لترامب أن الانتخابات غير شرعية. وكانت تحدث خلافات بعد كل سباق لكن
رفض الرئيس الاعتراف هذه المرة بالنتائج مثير للدهشة. فبعد خسارة آل غور الانتخابات
في 2000 قالت نسبة 36% من أنصاره إن النتائج غير شرعية.
ونفس الأمر مع نسبة 23% من أنصار
هيلاري كلينتون بعد هزيمتها في 2016. وربما بدأ عدد الجمهوريين الذين شككوا بنزاهة
الانتخابات بالتراجع مع قرب حفلة تنصيب بايدن. لكن ترامب لن يعترف بالهزيمة وسيخلق
أسطورة الانتخابات المسروقة. ولو حصل هذا فسيضيف ضغطا جديدا على الفصائلية
الأمريكية بشكل سيجعل من احتوائه أمرا صعبا.
أوباما: لست مستعدا بعد للتخلي عن النموذج الأمريكي
NYT: وقاحة ترامب تضر نظامنا الانتخابي ونقل السلطة السلمي
NYT: ترامب وحلفاؤه يشنون حملة تشكيك بشرعية الانتخابات