مقدمة:
فاز المرشح الديمقراطي جو
بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية بعدما حصل على 306 أصوات في المجمع الانتخابي، حيث تُعد الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020م؛ مختلفة كلياً عن الانتخابات السابقة؛ لأننا بصدد رؤيتين مختلفتين تماماً بشأن التعامل مع العالم وأزماته المختلفة. فقد تعامل ترامب مع الجميع بندية واضحة حتى مع حلفائه من الدول الأوروبية، وكذلك الدول العربية قام بإهانتها في العديد من المحافل والخطابات؛ في المقابل تشير التقديرات إلى أن جو بايدن سيقوم بترميم وإصلاح العديد من السياسات التي توترت في عهد الرئيس السابق، وسيكون أكثر مكراً في التعامل مع العالم.
فما أظهره الخطاب الأول لجو بايدن في حملته الانتخابية وما بعد انتخابه، يؤكد أن سياسته ستكون مختلفة تماما في تعامله مع دول العالم وأزماته، فقد فاجأ الجميع بأنه سيعود للاتفاقية النووية مع إيران وتخفيف العقوبات عليها؛ وهذا الأمر أغضب كلاً من إسرائيل والدول العربية؛ ولاقى ترحيبا من دول أوروبا والدول الصديقة لإيران، يضاف إلى ذلك ملفات أُخرى سيكون بايدن مخالفا لسياسة ترامب في إدارتها؛ أهمها التعامل مع الملف التركي وملف كوريا الشمالية والصين وروسيا.
سنناقش أثر انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن؛ وسياسته الجديدة على دول العالم وكيفية إدارة أزماتها.
تركيا في سياسة بايدن:
تمتعت تركيا في عهد الرئيس ترامب بعلاقات جيدة في معظم القضايا الثنائية، في المقابل تفاجأ الجميع بتصريحات الرئيس المنتخب بايدن عن تركيا، وأن بينه وبين الرئيس التركي أردوغان مشكلة شخصية سيدفع "ثمنها باهظاً". ويبدو أن هذه المشكلة تتعلق باستقبال أردوغان لجو بايدن بطريقة غير لائقة عندما كان جو بايدن نائب رئيس الولايات المتحدة في عهد أوباما؛ بعد الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، ويبدو أن زيارة بايدن كانت تتعلق آنذاك بملفي سوريا والعراق والتداخل التركي في تلك المناطق. وفي آب/ أغسطس 2020م؛ وصف بايدن الرئيس التركي بــ"المستبد" ودعا إلى مواجهته عبر دعم قادة المعارضة في داخل وخارج تركيا، وليس عبر الانقلاب العسكري، بمعنى دعم المعارضة في حملتها الانتخابية.
يمكن إجمال الملفات التي ستكون متوترة بين الجانبين، وهي ملف حصول تركيا على منظومة إس 400 الروسية؛ وإعلان بايدن أنه سيجعل تركيا تدفع ثمنا باهظا لشرائها المنظومة الروسية، والملف الثاني؛ ملف حزب العمال الكردستاني والدعم الأمريكي له؛ والذي تعتبِره تركيا منظمة إرهابية. وقد لعب بايدن على تقسيم العراق، ودعم إنشاء دولة كردية، وأشار إلى معارضته الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا، مع العلم بأن بايدن صاحب فكرة تقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية، وهذا الأمر يمنح الأكراد دولة على حدودها مع تركيا، وهذا ما ترفضه تركيا، بسبب عدائية العلاقة مع الأكراد هناك، بالإضافة إلى أن دولة كردية تُشكل خطراً على جميع الدول المجاورة لها العراق (سوريا، إيران، وأخيراً تركيا).
استطاعت تركيا في عهد ترامب السيطرة على مدينة عفرين من الأكراد، والسيطرة على الشريط الحدودي مع تركيا من تل أبيض ورأس العين. واعتبر الأكراد أن هذه السيطرة هي بموافقة أمريكية وغدر من ترامب بهم، إلا أن بايدن خلال العملية الانتخابية صرح بأنه لا يمكن أن يتنازل لتركيا في ما يتعلق بالأكراد.
وفي ملف سوريا فقد صرح الرئيس بايدن سابقاً؛ بأن تركيا توفر الدعم للجماعات الإرهابية في سوريا، ومن بينها تنظيم الدولة، وتسهيل دخول أفراد الدولة من خلال تركيا، إلا أن بايدن اعتذر عن ذلك سابقاً.
ومن الملفات الأخرى التي تحدث بها بايدن، قلقه من الأسلحة النووية الأمريكية في قواعد الناتو الجوية في تركيا. فقد حذر بايدن من إبقاء خمسين رأساً نووياً في تركيا.
ويضاف إلى الملفات تواجد زعيم حركة "خدمة" التركي فتح الله غولن في الولايات المتحدة، والذي تتهمه تركيا بالوقوف خلف الانقلاب الفاشل على أردوغان عام 2016م، وكذلك تصريحات بايدن ضد قرار إعادة آيا صوفيا مسجداً، واتهام تركيا بإثارة التوتر في الشرق الأوسط، وتأجيج النزاع في القوقاز.
ووضع جو بايدن أولويته السابعة للترشح؛ وهي وضع عقوبات على تركيا وأنها أولوية في سياسته الخارجية، بالإضافة إلى الضغط على تركيا لتخفيف توترها مع اليونان، وتقليص دور تركيا بين أرمينيا وأذربيجان، وأشار بايدن إلى أنه مهتم بتقليص نشاط تركيا في البحر المتوسط، وخاصة موضوع النفط والتنقيب عنه.
توقعات انعكاس سياسة بايدن على تركيا:
هناك احتمالان لانعكاس سياسية الرئيس بايدن على تركيا؛ أولهما: بقاء
العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة في حال من التحسن، ويكون ذلك بسبب وجود العديد من الملفات المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة، أبرزها؛ أن تركيا حليفة مع الولايات المتحدة في حلف الناتو، ووجود جيشها في حلف الناتو كثاني أكبر جيش، وكذلك ملفات الشراكة الأُخرى، وأهمها الدور التركي المتنامي في الشرق الأوسط وأفريقيا.
من هنا ستستفيد الولايات المتحدة من تقاربها مع تركيا في تلك الملفات، لذلك فإن من المفترض أن تكون سياسية بايدن محدودة ومدروسة تجاه تركيا، بالإضافة إلى أن الأعضاء الجمهوريين سيلعبون على وقف أي ضرر في العلاقات مع تركيا مستقبلاً، ومن الممكن أن تتحسن العلاقات في حال قيام تركيا بالتخلي عن صواريخ أس 400 مقابل الحصول على مقاتلات إف 35، في خطوة استباقية لمنع وقوع عقوبات عليها. ويبقى هذا الاحتمال الأقل حدوثاً نتيجة وجود اختلافات جوهرية في سياسية بايدن تجاه تركيا.
أما الاحتمال الثاني؛ فهو توتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، ويكون ذلك من خلال قيام بايدن بمواجهة ملف حصول تركيا على صواريخ إس 400، بخلق جو أكثر توتراً من خلال فرض عقوبات على تركيا تؤثر على اقتصادها، وتؤثر على الليرة التركية المنكوبة أصلاً، في ظل استخدام "قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة" والذي سيدخل تركيا في مرحلة كارثية، بالإضافة إلى قيامه بمنع تركيا من الحصول على طائرات الشبح "إف 35".
ومن الممكن أن تقوم تركيا بالرد على سياسية بايدن العدوانية ضدها إن كان تأثيرها كبيرا، عبر التقرب من روسيا والصين وإقامة تحالف معهما.
ومن المتوقع في ملف الأكراد؛ أن يعزز الرئيس بايدن دعم وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا والممتدة من منظمة العمال الكردستاني، وستبقى الولايات المتحدة تدعم هذه القوات لأنها تعتبر تابعة لها وتصب في مصلحتها. وسيظهر في الفترة القادمة تعاطف الرئيس بايدن مع الأكراد بشكل كبير في كل من سوريا والعراق، وهذا الأمر سيُدخل العلاقات بينهما في حالة من التوتر، ويبقى هذا الاحتمال هو الأكبر نظراً لتصريحات بايدن القديمة الجديدة تجاه تركيا.
إيران في سياسة بايدن:
تعرضت إيران في عهد الرئيس ترامب لأسوأ علاقة مع الولايات المتحدة؛ لدرجة أنها وصلت إلى قرب التصادم العسكري المباشر مع الولايات المتحدة أكثر من مرة، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية تحت مسمى "الحد الأقصى".
في المقابل استعد جو بايدن في حملته الانتخابية لإعادة الانضمام لاتفاقية دولية تقضي بتخفيف العقوبات المفروضة على إيران مقابل تقليص حقيقي لبرنامجها النووي. وجاءت هذه التصريحات لتبرير محاولة منع امتلاك إيران للسلاح النووي في ظل الحديث عن قربها من امتلاكه، وهذا الأمر سيغضب كلا من دول الخليج العربي وإسرائيل التي تحاول أن تُبقي إيران دون تخفيف العقوبات عليها ودون الرجوع إلى الاتفاق السابقة.
تضاف إلى ذلك ملفات أخرى سيعمل عليها جو بايدن تحدث عنها في حملته الانتخابية، أبرزها؛ ملف الصواريخ البالستية وتطويرها، وكذلك الطائرات بدون طيار الإيرانية التي أصبحت مهمة بالنسبة للولايات المتحدة والدول المجاورة لإيران، والتي سيضغط للحد منها ووقفها مقابل توقيع اتفاق مع إيران لرفع العقوبات عليها. وسيلعب بايدن حسب أقواله أيضاً على ملف حقوق الإنسان وانتهاكاته في إيران، ومن الممكن أن يستخدم عقوبات في ذلك.
ويوجد عائق آخر في إيران يمكن أن يواجهه بايدن؛ وهو السياسة الداخلية في إيران، وإمكانية تغير النظام السياسي في حزيران/ يونيو 2021م. وهنا قد يغادر روحاني الداعي إلى المفاوضات مع الغرب، وتأتي الانتخابات برئيس غير مُتقبل للمفاوضات مع الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص.
توقعات انعكاس سياسة بايدن على إيران:
هناك احتمالان لانعكاس سياسة الرئيس بايدن على إيران؛ أولهما: بقاء توتر العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، ويكون ذلك من خلال قيامه باقتراح اتفاق جديد ورفضه من قبل إيران، فإنه في هذه الحالة سيقوم بتشديد العقوبات، وسيكون متوافقا بدرجة كبيرة مع توجهات إسرائيل والدول العربية.
أما الملف الثاني فإنه من الممكن أن يقوم جو بايدن بفتح ملف حقوق الإنسان في إيران، وفرض عقوبات اقتصادية عليها بسببه، بالإضافة إلى إمكانية عدم تعاطي إيران مع ملف الصواريخ البالستية والطائرات بدون طيار التي تمتلكها، وكذلك ملفات سوريا والعراق واليمن، فإن عدم تعاطيها مع الولايات المتحدة، من الممكن أن تتوتر العلاقات بينهما، وهذا الاحتمال نعتقد بأنه غير وارد في المرحلة القادمة.
أما الاحتمال الثاني فهو تحسن العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، ويكون ذلك من خلال نجاح إدارة بايدن بالتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، مقابل تعهد إيران بوقف تخصيب اليوارنيوم وامتلاك القنبلة النووية. في هذه الحالة ستستفيد إيران من الانفتاح الاقتصادي الكبير عليها؛ وخاصة من الدول الأوروبية التي استثمرت فيها بمليارات الدولارات في عام 2015م، عند توقيع اتفاق 5+1 في عهد الرئيس أوباما. ففي هذه المرحلة ستتمكن إيران من الحصول على مبالغ مالية ضخمة تمكنها من بناء اقتصادي قوي والتوسع الإقليمي ودعم حلفائها بالمنطقة بشكل كبير، وهذا الأمر تخشاه إسرائيل والدول الخليجية بالدرجة الأولى، نظراً للتهديد الإيراني المباشر عليها.
إلا أن إدارة بايدن ستضع بالحسبان أن يكون الاتفاق يشمل جميع الملفات الإقليمية وتطوير الصواريخ البالستية والطائرات دون طيار في إيران؛ ووقف نفوذ إيران في سوريا وعدم تهديد إسرائيل من خلالها، وكذلك التوصل إلى اتفاق بخصوص اليمن من خلال تقاسم السلطة فيها، ويكون ذلك لإرضاء وطمأنة الأطراف الثلاثة المتضررة من الاتفاق النووي المُتوقع (إسرائيل، دول الخليج، الدول الأوروبية). ويمكن القول إن هذا الاحتمال هو الوارد؛ بسبب تصريحات بايدن الإيجابية تجاه إيران خلال حملته الانتخابية، وما بعد انتخابه.
روسيا في سياسية بايدن:
شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة ورسيا، المزيد من التحسن في عهد الرئيس ترامب، في المقابل صرح بايدن خلال حملته الانتخابية بأن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين مُستبد مثل رئيس كوريا الشمالية". إضافة إلى ذلك، شهدت العلاقات الروسية الأمريكية عندما كان بايدن نائب الرئيس الأمريكي أوباما؛ تدهوراً كبيراً نتيجة قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم إليها من أوكرانيا عام 2014م، وهذا الموقف سيكون له تأثير على العلاقات المستقبلية مع روسيا، والأحداث التي حدثت في أوكرانيا كذلك، لها تأثير آخر.
وفي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2020م، وصف بايدن روسيا بأنها التهديد الرئيس للأمن القومي الأمريكي، وما زال يعتقد بايدن أن روسيا أوصلت ترامب إلى سدة الحكم من خلال التدخل في سياسة أمريكا الخاصة، وهذا الأمر سبب هزيمة الديمقراطيين عام 2016م. وأوضح بايدن أيضاً خلال حملته الانتخابية أنه يُريد العمل مع روسيا في ما يخص المعاهدات مع الولايات المتحدة؛ أهمها الحد من الترسانة النووية فيما بينهما، ومعاهدات أُخرى بشأن الأسلحة.
ما زال يعَتبر بايدن أن سحب القوات الأمريكية حول العالم انتصار لمخططات روسيا والصين، وتركيا وإيران في الشرق الأوسط، وكذلك انتصار لأعداء الولايات المتحدة في أماكن النفوذ الأخرى، لذلك سيحرص على إعادة إحياء استمرار تواجد القوات الأمريكية في ساحات التوتر حول العالم.
توقعات انعكاس سياسة بايدن على روسيا:
هناك احتمالان لانعكاس سياسية الرئيس بايدن على روسيا؛ أولهما: توتر العلاقات فيما بينهما، وقد يكون ذلك من خلال سعي بايدن للعمل على وضع حد لترسانة روسيا النووية، والاختلاف على موضوع الأسلحة فيما بينهما.
والأمر الآخر التدخل الروسي في الانتخابات السابقة، التي أدت إلى هزيمة الديمقراطيين ونجاح الجمهوري ترامب.
ومن الممكن أن تكون العلاقة في حالة من التنافس أقرب إلى الحرب الباردة، وخاصة في ما يتعلق بالتطور العسكري بينهما، وزيادة نفوذهما في العديد من الأزمات الدولية في العالم. وستكون خلال الفترة القادمة منافسة قوية بين روسيا والولايات المتحدة في ملف سوريا وإيران ونظام الحكم في فنزويلا، لذلك نعتقد أن روسيا ستبقى دولة نِدية للولايات المتحدة، وخاصة في ظل سعي روسيا لزيادة نفوذها في الشرق الأوسط والمناطق المتنازعة عليها دولياً. وهذا الاحتمال وارد وبقوة، بسبب تصريحات بايدن السلبية تجاه روسيا.
أما الاحتمال الثاني فهو تحسن العلاقات مع وروسيا، ويكون ذلك من خلال قيام إدارة بايدن بالاتفاق مع روسيا على تسوية العديد من الملفات، أبرزها العمل على الحد من الترسانة النووية فيما بينهما، ومعاهدات أُخرى بشأن الأسلحة، بالإضافة إلى ذلك ملف سوريا، والاتفاق على وضع حد للنزاع فيه والتدخلات الإيرانية في سوريا، وملفات دولية أخرى، من الممكن أن تحقق تحسنا في العلاقات فيما بينهما، إلا أن هذا الاحتمال غير وارد في المرحلة القادمة، في ظل تصريحات جو بايدن تجاه روسيا، بالإضافة إلى الخبرة العملية لـبايدن تجاه روسيا سابقاً.
الصين في سياسة بايدن:
تعرضت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في عهد الرئيس ترامب للتوتر نتيجة الاتهامات المتبادلة؛ بسبب فايروس كورونا واتهام الصين بنشره، وكذلك توسع النفوذ الصيني في الاقتصاد العالمي. وتضاف إلى ذلك ملفات أخرى للنزاع، أبرزها؛ ملف التكنولوجيا والتجارة والاقتصاد، وقضية هونغ كونغ، بالإضافة إلى العقوبات التي ما زالت مفروضة على الصين من قبل الرئيس ترامب. والملف الأبرز صعود الصين كقوة عالمية صاعدة.
من المُعتقد أن تبقى الصين في حالة من المواجهة الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وستعمل الإدارة الجديدة على مواجهة هذا المهدد السابق المتجدد، بخلاف مواجهة روسيا من خلال التنافس العسكري بينهما، لذلك ستبقى روسيا والصين من الأقطاب المرشحة لمنافسة الولايات المتحدة على العديد من الملفات في العالم.
توقعات انعكاس سياسة بايدن على الصين:
هناك احتمالان لانعكاس سياسة الرئيس بايدن على الصين؛ أولهما: توتر العلاقات فيما بينهما، نتيجة سياسية بايدن الجديدة تجاه الصين، ووضع حد لتوسع نفوذ الصين الاقتصادي في العالم، من خلال القيام بفرض عقوبات اقتصادية عليه، وهذا الأمر وارد وبقوة خلال الفترة القادمة.
أما الاحتمال الثاني فهو تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، ويكون ذلك من خلال قيام إدارة بايدن، بخفض العقوبات الاقتصادية على الصين المفروضة في عهد الرئيس السابق ترامب، والدخول في اتفاقية جديدة بخصوص تقاسم الأدوار الاقتصادية في العالم، وهذا الاحتمال غير وارد، نتيجة تصريحات بايدن السلبية تجاه الصين.
الملف الفلسطيني في سياسة بايدن:
تضرر الملف الفلسطيني في عهد الرئيس ترامب، لدرجة أن السلطة قطعت علاقاتها مع إدارة ترامب لفترة طويلة؛ نتيجة قراراته لتصفية القضية الفلسطينية من خلال صفقة القرن وضم أجزاء من الضفة الغربية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ومساندتهِ المُطلقة لإسرائيل في جميع المحافل والقرارات.
في المقابل، من المفترض أن تكون سياسة الرئيس جو بايدن كما تحدث عنها؛ أنه سيبقي السفارة الأمريكية في القدس، ويعمل على إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وفتح مكتب تمثيل منظمة التحرير في واشنطن بعد إغلاقه من قبل ترامب. وتحدث كذلك عن استئناف ضخ المساعدات الأمنية والاقتصادية للسلطة الفلسطينية التي توقفت في عهد ترامب.
توقعات انعكاس سياسة بايدن على القضية الفلسطينية:
هناك احتمالان لانعكاس سياسية الرئيس بايدن على القضية الفلسطينية؛ أولهما: توتر العلاقات فيما بينهما، ويمكن أن يحدث ذلك نتيجة استمرار بايدن في سياسة الرئيس السابق ترامب في التعهد لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، والاستمرار في تطبيق صفقة القرن. في هذه الحالة فإن العلاقات ستتوتر كالسابق، وهذا الاحتمال غير وارد في المرحلة القادمة.
أما الاحتمال الثاني وهو تحسن العلاقة بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، فهو وارد وبقوة في المرحلة المقبلة، نتيجة تصريحات بايدن الإيجابية تجاه السلطة الفلسطينية، وعدم سيره على خطى الرئيس ترامب في ما يخص صفقة القرن، وضم أجزاء من الضفة الغربية.
ومن المتوقع أن تعود العلاقات إلى ما كانت عليه قبل إدارة ترامب، في هذا الوقت ستتمكن السلطة من إعادة مسارات التسوية مع إسرائيل في ظل توقف خطة الضم، بتوصية أمريكية. وسيكون ملف المصالحة الفلسطينية في غير حاجة السلطة الفلسطينية، لأنها كانت تتخذها من باب التكتيك والمناورة مع إسرائيل والولايات المتحدة، والتهديد بالتقرب مع حركة حماس من خلال هذه المصالحة، وهذا الأمر سيعطي السلطة الفلسطينية قوة لفرض المزيد من الشروط في ملف المصالحة مع حركة حماس، وستتمكن السلطة من الحصول على المساعدات الأوروبية والعربية التي توقفت في السابق بالإضافة إلى أموال المقاصة من إسرائيل.
إسرائيل في سياسية جو بايدن:
هنأت إسرائيل جو بايدن بفوزه في الانتخابات الرئاسية ووصفته بأنه صديق عظيم لإسرائيل، إلا أن إسرائيل وبخاصة رئيس الوزراء نتنياهو خسر أفضل رئيس مساند له في جميع القضايا والملفات، والذي قدم لإسرائيل ما لم يقدمه أي رئيس آخر من الولايات المتحدة.
ونعتقد أن سياسية بايدن ستستمر في دعم إسرائيل، ولكن ليس لدرجة السمع والطاعة التي كانت في عهد ترامب، وذلك من خلال استمرار الدعم الأمريكي المالي والسياسي لإسرائيل؛ والإبقاء على السفارة الأمريكية في القدس، ومباركة تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وأنها خطوة لرأب الصدع في الشرق الأوسط، وأنها خطوة للاعتراف بأنها جزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط، إلا أن هناك ملفات يمكن أن تبقى كما هي دون تقدم، أبرزها توقف مشروع ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، والاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل.. هذه ملفات نُقدر بقاءها كما هي دون التقدم فيها، بخلاف الملفات السابقة.
ويبقى الملف الأهم إسرائيلياً هو ملف إيران، بحيث أن توقيع أمريكا اتفاقا معها يمنحها قوة اقتصادية ستتمكن من خلالها أن يكون لها تبعات قوية على المنطقة، وهذا ما ترفضه إسرائيل، والدول العربية.
نجاح بايدن من الممكن أن يؤثر على مستقبل نتنياهو السياسي الذي كان مدعوما بدرجة كبيرة من ترامب، وأن ينجح خصمه السياسي غانتس في التفوق عليه، نتيجة توقف عمليات الضم في عهده، وأن تبقى العلاقات مع الدول العربية المُطبعة في حالة من الاستمرار والتحسن دون رغبة دول عربية أخرى بالانضمام في المستقبل للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
وتبقى القضية الفلسطينية دون القلق الصهيوني من سياسة بايدن، على عكس ملف إيران وتخوفها من إبرام اتفاق يهدد مصالحها في المنطقة، إلا أننا نعتقد أن بايدن سيرضي إسرائيل بانتزاع اتفاق مع إيران يشمل جميع ملفات المنطقة.
وهناك ملفات أخرى تخشاها إسرائيل، أبرزها؛ ملف سوريا والتواجد الإيراني، وملف الدعم الأمريكي لإسرائيل في الأمم المتحدة، وأخيراً ملف حزب الله اللبناني.
توقعات انعكاس سياسة بايدن على إسرائيل:
هناك احتمالان لانعكاس سياسة الرئيس بايدن على إسرائيل؛ أولهما: توتر العلاقات في ما بينهما، ويكون ذلك نتيجة قيام إدارة بايدن بعقد اتفاق مع إيران، لا يشمل المصالح الإسرائيلية، في هذه الحالة من الممكن أن تدخل العلاقات بين الجانين إلى مرحلة التوتر، مع استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، وهذا الأمر غير وارد.
أما الاحتمال الثاني فهو تحسن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وهذا الاحتمال وارد، ونتوقع قيام جو بايدن بعقد اتفاق مع إيران يشمل المصالح الإسرائيلية، بحيث يضع حدا للتواجد الإيراني في سوريا، وكذلك تعهد إيران بتوقيف التخصيب وسعيها للحصول على القنبلة النووية، وتوقف تجارب الصواريخ الباليستية المهددة لإسرائيل. والاتفاق على ملفات أخرى؛ أبرزها الدعم الإيراني لحزب الله، وفصائل المقاومة في قطاع غزة، وغيرها من الملفات المُهددة لإسرائيل، بمعنى أن يكون الاتفاق شاملا لجميع الملفات في الإقليم.