كشف ضابط المخابرات الجزائرية السابق كريم مولاي النقاب عن أنه بصدد الاستعداد للقيام بحملة دولية؛ من أجل إقناع المنظمات الحقوقية الدولية والمؤسسات الأممية ذات الصلة بحقوق الإنسان؛ من أجل التدخل لدى السلطات الجزائرية لتبييض سجونها من معتقلي الرأي منذ تسعينيات القرن الماضي.
وأوضح مولاي في حديث مع "عربي21"، أن "خبر وفاة محمد عبدلي قبل أيام في سجن تازولت بمدينة باتنة عن عمر يناهز 58 سنة قضى منها 28 سنة متتالية في السجن، أي منذ انقلاب عام 1992، يعيد ملف المعتقلين والمخفيين من تلك الحرب القذرة التي أعقبت الانقلاب المشؤوم على انتخابات كانون أول (ديسمبر) 1991 إلى الواجهة، ويطرح مسؤولية تاريخية على كل الأطراف السياسية الجزائرية الفاعلة من أجل وضع حد لهذه المأساة".
ودعا مولاي "تنسيقية عائلات السجناء السياسيين في الجزائر إلى إعداد قوائم بأسماء المعتقلين والمخفيين لتقديمها إلى المنظمات الدولية، بعد فشل كل الجهود الوطنية في التوصل إلى إنهاء هذا الملف".
وأضاف: "أملك قائمة بأسماء عشرات المعتقلين السياسيين في السجون الجزائرية منذ انقلاب 1992، وأعلم أن عددا كبيرا منهم توفي في السجن، وأن عددا آخر مازال إلى يوم الناس هذا يقبع في السجون في ظل ظروف إنسانية قاسية، حتى إن بعضهم فقد عقله أصلا".
وأشار مولاي إلى أن "ملف الاعتقال السياسي الذي طال عشرات الأبرياء على خلفية انقلاب عام 1992 لا يجب أن يستمر، لا سيما أن المحاكم الخاصة التي أدانتهم ظلما، قد تم حلها باعتبارها غير قانونية، وهو ما يعني أن كل الأحكام الصادرة عنها باطلة".
وأضاف: "أكثر من ذلك، فإن السلطات الجزائرية كانت قد تعاملت مع هذا الملف سياسيا من خلال ما عُرف بسياسة الوئام المدني ثم المصالحة الوطنية، وهو ما يعني غياب أي مبرر لاستمرار اعتقال هؤلاء".
ورأى مولاي "أن ما يفسر استمرار السلطات الحاكمة في الجزائر في اعتقال هؤلاء لنحو ثلاثة عقود، هو أن الحاكم الفعلي في الجزائر واحد، وهو العصابة العسكرية والأمنية، التي ترفض حتى اليوم التسليم في السلطة ومنح الشعب الجزائري حقه في تقرير مصيره واختيار حكامه، ومن ثم فإن الحكومات المتعاقبة، ليست إلا واجهة لحاكم فعلي واحد".
وحذّر مولاي، الذي قضّى 13 سنة في المخابرات الجزائرية، من أن "غياب الشفافية في التعامل مع ملف المعتقلين، يهدد حياة من تبقى منهم على قيد الحياة".
وقال: "عندما استمعت إلى والدة السجين عبدلي محمد وهي تقص مسيرة أبنائها الأربعة الذين حصدتهم آلة المخابرات الواحد تلو الآخر في تشييع جنازة ابنها، وهي واقفة تدعو إلى إنقاذ من تبقى من المعتقلين على قيد الحياة، أصابني ذهول كبير، هل حقا هذه هي الجزائر التي جاهد من أجل تحريرها أجدادنا وآباؤنا لسنوات طويلة من أجل تحريرها من الاستعمار الفرنسي الوحشي؟".
يذكر أن "الجبهة
الإسلامية للإنقاذ" في الجزائر، كانت قد حققت فوزا ساحقا في الانتخابات
البلدية عام 1990، وبعدها التشريعية عام 1991.
وتدخل المجلس
الأعلى للأمن، معلنا توقيف المسار الانتخابي، وتبع ذلك استقالة الرئيس الشاذلي بن
جديد في 11 يناير/كانون الثاني 1992، لتدخل البلاد دوامة عنف، خلفت 200 ألف قتيل
وخسائر اقتصادية ناهزت الـ30 مليار دولار، حسب إحصائيات رسمية.