نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لتوماس
فريدمان قال فيه: "لم نعرف بعد هوية الرابح في السباق الرئاسي ولكننا نعرف
الخاسر: الولايات المتحدة الأمريكية".
وقال في مقاله الذي ترجمته
"عربي21" إن الولايات المتحدة عانت أربع سنوات من رئاسة انقسامية وغير صادقة لم
تشهد أمريكا مثلها من قبل. وذلك لأن رئاسة دونالد ترامب هاجمت العمادين الرئيسين
للديمقراطية: الحقيقة والثقة.
وأضاف: "لم يخصص ترامب طوال رئاسته ولو يوما
لكي يكون رئيس كل الأمريكيين، ولم يفوت فرصة لاحتقار الأعراف، بطريقة لم يقم بها
رئيس مثله".
ويرى أن ترامب واصل لعبته حتى مساء الثلاثاء، عندما
أعلن كاذبا عن فوزه بالانتخابات وطلب من المحكمة العليا التدخل ووقف التصويت، وكأن أمرا كهذا
ممكن.
وقال ترامب: "بصراحة لقد فزنا في هذه الانتخابات"،
في وقت كانت فيه ملايين الأصوات لم تعد في ويسكونسن وميشغان ونيفادا وبنسلفانيا
وجورجيا وأريزونا. وأضاف ترامب: "سنذهب إلى المحكمة العليا" بدون تقديم
مبرر أو كيف "نريد وقف التصويت".
اقرأ أيضا: مستشارة روحية تدعو بحماس لقلب النتائج لصالح ترامب (شاهد)
وأضاف فريدمان أن فوز بايدن لو حدث فسيكون بهامش
قليل من الأصوات في الولايات المتأرجحة. وربما فاز بالأصوات الشعبية. لكن فوزه لن
يكون غامرا أو ساحقا يخبر ترامب ومن حوله "كفى" واذهب ولا تحمل معك هذا
النوع من السياسة إلى البلد مرة أخرى.
ويقول دوي سيدمان الخبير في القيادة: "مهما
كانت نتيجة التصويت فمن الواضح أن الأمريكيين يقولون: "فاض الكيل".
وأضاف: "لم تكن هناك موجة زرقاء سياسية"،
كناية عن الديمقراطيين، بل "الأهم من هذا لم تكن هناك موجة أخلاقية، فلم يكن
هناك رفض واسع لهذه السياسة الانقسامية خاصة وسط الوباء".
وقال فريدمان إن أمريكا باتت أمة تعاني من كسور
مركبة ومتعددة بدرجة لم تعد قادرة على القيام بعمل طامح، مثل وضع رجل على القمر،
لأن الطموح يجب أن يتم عبر عمل جماعي.
ولعل ما
يجسد حالة التشظي الأمريكي هو "الخلاف على ارتداء القناع الواقي من فيروس
كورونا". وحتى عندما قال خبراء الصحة إن ارتداءه يحمي الحياة وهو أمر سهل
ووطني "أحميك وتحميني"، لكن الأمريكيين لم يتفقوا.
ولعل أهم ما كشفت عنه الانتخابات هي "خطوط
الصدع" التي باتت واضحة. واستخدم الرئيس عددا من الرسائل التي سربها وحملها
مبلغون عنه وقدم نفسه كزعيم للغالبية الأمريكية البيضاء المتقلصة.
ولا يمكن تصديق الدعم المستمر له رغم فترته السامة
في الرئاسة بدون العودة إلى رقمين. فقد أشارت مشاريع الإحصاء الأمريكية إلى أن غير البيض
سيشكلون غالبية أطفال البلد البالغ عددهم 74 مليون منتصف العام. ويتوقع أن يشكل
البيض بحلول عام 2040 نسبة 49 بالمئة أما
اللاتين والأسيويون والسود فستصل نسبتهم إلى 51 بالمئة.
وهناك قلق بل ومقاومة داخل الطبقة العاملة البيضاء
التي لا يحمل أفرادها شهادات جامعية من التحول الثابت لأمريكا لبلد سيصبح فيه
البيض "أقلية". ولهذا يتعاملون مع ترامب كحاجز ضد الآثار الثقافية والاقتصادية
والاجتماعية لهذا التغير.
وما ينظر
إليه الكثير من الديمقراطيين على أنه توجه جيد، في بلد يعاني من عنصرية بنيوية
ويتعلمون الاحتفال بالتنوع، يراه البيض تهديدا ثقافيا جذريا. وهو ما أدى إلى تغذية
موجة ثانية عززتها الانتخابات الحالية.
وقال غوتام موكندا مؤلف كتاب "لا غنى عنه:
عندما يكون القادة مهمين" إن "أعضاء في مجلس الشيوخ والنواب مثل ليندزي
غراهام عن ساوث كارولينا وجون كورنين عن تكساس احتفظوا بمقاعدهم لأنهم اتبعوا
ترامب مما يعني أن الترامبية باتت مستقبل الحزب الجمهوري".
وأضاف أن "الصفة الاستثنائية التكتيكية
للترامبية هي أنها لم تحاول أبدا الحصول على دعم غالبية الأمريكيين. وسيواصل الحزب
الجمهوري السياسة مستخدما أي وسيلة قانونية ولكن بطريقة ديمقراطية مؤذية للسيطرة
على السلطة رغم تصويت معظم الأمريكيين ضدهم، كما فعلوا في تعيينات المحكمة العليا".
وهذا يعني أن الضغط على نظام الحكم "سيظل
قائما"، كما يقول موكندا، وكل هذا بسبب النظام الانتخابي العتيق. وسيواصل
الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ والبيت الأبيض ضد رغبة الغالبية.
اقرأ أيضا: كيف كسب ترامب أصوات اللاتينيين رغم تشدده بسياسة الهجرة؟
ويقول
مايكل ساندل، البروفسور في هارفارد ومؤلف كتاب "مزايا الطغيان: ماذا يحدث
للصالح العام" إن على الديمقراطيين إعادة التفكير في رؤيتهم.
ورغم تأكيد بايدن جذوره في الطبقة العاملة وتعاطفه،
إلا أن "الحزب الديمقراطي لا يزال حزب المهنيين والمقترعين من أصحاب الشهادات
الجامعية وليس الطبقة العاملة التي كانت تشكل يوما ما قاعدته".
ولم تغير حوادث مفصلية، مثل الوباء الذي فشل ترامب
بالتعامل معه، هذا الواقع، ويحتاج الديمقراطيون لمساءلة أنفسهم: لماذا يتبع أبناء
الطبقة العاملة الشعبوية الثرية التي لا تفعل الكثير لهم.
وعلى الديمقراطيين معالجة حس الإهانة لدى الطبقة
العاملة الذين شعروا أن الاقتصاد تخلى عنهم فيما تنظر النخبة المؤهلة إليهم نظرة
دونية.
ومع أن بايدن حقق تقدما مع الطبقة العاملة إلا أنه
لم يحقق تغييرا جذريا، واستمروا بدعم ترامب نظرا لشعورهم بالسخط على النخبة
المتعلمة والمتخرجة من الجامعات التي تنظر إليهم باحتقار.
وكما كتب ريتش لوري، محرر "ناشونال
ريفيو" في 26 تشرين الأول/أكتوبر "يظل ترامب للأحسن والأسوأ رمز مقاومة
ضد تيار ثقافي استفاق وغزا الإعلام والأكاديميات والشركات الأمريكية وهوليوود
والمحترفين الرياضيين والمؤسسات الكبرى وأي شيء بينها".
ويعتبر ترامب هو الأداة المناسبة ضد الناس الذين
يحركون الثقافة الأمريكية، وهذا سبب ليس بالجيد لدعم الرئيس ولا يحلل سجله الصارخ
وسلوك إدارته.
FP: فلسطينيو أمريكا بين رفض ترامب والخوف من بايدن
MEE: "قنبلة زووم" تفشل فعالية لمسلمين مؤيدين لترامب
معارضة سعودية: ابن سلمان مهدد بفقد حليفه ترامب