تعد فلوريدا، إحدى الولايات ذات التأثير في الانتخابات الأمريكية، وكان اللافت فيها حضور الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بدلا من المرشح الديمقراطي جو بايدن في أكثر من تجمع انتخابي، ما يثير التساؤلات بشأن ذلك.
وترتيب فلوريدا هو الثاني والعشرون من حيث المساحة، والثالث من حيث عدد السكان، والثامن من حيث الكثافة السكانية في الولايات المتحدة.
وللولاية الجنوبية 29 صوتا في المجمع الانتخابي، مما يجعلها هي ونيويورك صاحبتي أكبر عدد من الأصوات بعد كليفورنيا وتكساس.
ويبلغ عدد سكان ولاية فلوريدا 21 مليونا و477 ألفا و737 مواطنا أمريكيا، 75 بالمئة منهم بيض، و16.10 بالمئة من الأمريكيين السود، و2.82 لاتينو، وتعد ميامي التي يقطنها أثرياء كوبا ذات أهمية.
لماذا أوباما في فلوريدا؟
وظهر أوباما بشكل مكثف في فلوريدا، ليعتقد أي شخص غير أمريكي أنه هو خصم دونالد ترامب في الانتخابات التي تعقد الثلاثاء المقبل، بحسب المراقبين.
ولوحظ حراك الرئيس السابق الذي لا يمكن قانونيا انتخابه للمرة الثالثة يتحرك في مناطق عدة، وأول أمس (الثلاثاء) كان في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا، وهو التجمع الثالث الذي يشارك فيه بالمنعطف الأخير من الانتخابات، فقد خاطب الحشود بوقت سابق في مدينة ميامي بولاية فلوريدا بعد خطاب له في ولاية فيلادلفيا.
ورغم ذلك، فإن المرشح الديمقراطي جو بايدن، ونظرا لأهمية الولاية قرر بشكل مفاجئ التوجه إلى فلوريدا اليوم الخميس، قبيل أيام حاسمة في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضا: أوباما يفتح النار على ترامب بأول ظهور له في حملة بايدن
وبهذا الشأن، قالت الأكاديمية الأمريكية عبير كايد، إن بايدن كرّس جهده في ولايات أخرى في الفترة السابقة، مستدركة أن أوباما في الانتخابات الأمريكية عام 2008 حصل على 49 بالمئة من أصوات الكوبيين هناك، لاسيما مدينة ميامي التي يقطنها حوالي 75 بالمئة، وهم مهاجرون ويعرفون تاريخيا بأنهم جمهوريون.
وأضافت في حديثها لـ"عربي21"، أن هناك انقلابا لدى الكوبيين تجاه الجمهوريين، فأصواتهم كانت تتأثر تاريخيا منذ 1950 لصالح الحزب الجمهوري الذي حارب الشيوعية، التي يعتقدون أنها سبب فقرهم وتشردهم في ستينيات القرن الماضي.
وأشارت إلى أن أصواتهم تأتي ضمن "الولايات المتأرجحة" وقد صوتوا بنسبة عالية في 2008 و2012 لأوباما، وزيارته لها تأتي في سياق أنه يمتلك شعبية هناك.
ولفتت إلى أن فلوريدا ولاية معقدة ففيها الكوبيون واللاتينو (المهاجرون من دول أمريكا المجاورة، المكسيك، إكوادور، كولومبيا، جواتيمالا، نيكارجوا بورتريكو والسلفادور وكوبا وغيرها)، والتصويت فيها مهم لأن لها 29 صوتا بالمجمع الانتخابي، وهي ولاية مهمة للفوز بالانتخابات إلى جانب تكساس ونيوجيرسي ونيويورك وبنسلفانيا.
وأكدت أن أوباما يمتلك شخصية كاريزماتية وخطابية قوية وهو يمثل الأفارقة الأمريكيين، والصوت الحر ويعد أيقونة للحزب الديمقراطي، وتأثيره الشعبوي مهم، وأراد استغلال شعبيته التي انتخب على أساسها في فلوريدا.
هجوم أوباما على ترامب
وشددت الأكاديمية الأمريكية، على أن هناك ائتلافا ديمقراطيا وجمهوريا يهدف للإطاحة بترامب لأنه يهدد الأمن الصحي بالولايات المتحدة بسبب كورونا، إلى جانب أسباب اقتصادية وأمنية أخرى، وتلك العوامل دعت أوباما وكولن باول مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق (جمهوري)، وحتى الجمهوري جورج بوش الرئيس الأسبق للوقوف في وجه ترامب.
وحول الانتخابات أوضحت كايد، أنها هذه المرة تختلف عن سابقاتها كونها تعد استفتاء على أداء ترامب بتعامله مع جائحة كورونا، وهناك تعاضد للإطاحة به بسبب العدد الهائل من الوفيات جراء الوباء.
اقرأ أيضا: أوباما يحشد الناخبين الأمريكيين للتصويت لصالح بايدن
بدوره قال الكاتب التركي المختص بالشأن الأمريكي أوراي إيغين، إن بايدن كان غائبا عن المشهد منذ ما يقرب 10 أيام بالوقت الذي يسافر فيه ترامب لثلاث ولايات باليوم.
وأوضح في مقال له على صحيفة "خبر ترك" التركية، وترجمته "عربي21"، أن الديمقراطيين تعمدوا إظهار أوباما الذي لديه قوة خطابية أكبر من بايدن في فلوريدا.
وأشار إلى أن أوباما ظهر مؤخرا ليرد على تصريحات لترامب، منها عندما هاجم وسائل الإعلام لعدة أيام بسبب اهتمامها بكورونا ولا تظهر أي أخبار أخرى.
ورد أوباما على ترامب بالقول: "إنه يشعر بالغيرة من كورونا لأنها تظهر على وسائل الإعلام".
كما أن ترامب، الذي أعرب عن أسفه لطرح أسئلة قاسية في مقابلة بثت على "60 دقيقة" الأسبوع الماضي، وهاجم البرنامج على تويتر لأيام عدة، ليعلق أوباما بهذا الشأن قائلا: "إذا وجد مقابلة 60 دقيقة قاسية، فكيف سيقاوم بوتين، وكيم جونغ أون؟".
وأشار الكاتب التركي، إلى أن بايدن عاد إلى الظهور مجددا لكنه يطبق جدولا زمنيا خفيفا في التجمعات، ففي الوقت الذي يقوم خصمه ترامب بجولة في ثلاث ولايات يوميا، بالكاد يذهب إلى واحدة يوميا.
ولفت إلى أن بايدن وترامب قررا التوجه إلى فلوريدا لأنهما يعلمان أن الفوز بالرئاسة سيكون متأرجحا بدون فلوريدا.
وأوضح أن ترامب فاز بولاية فلوريدا في انتخابات 2016 بفارق 1.2 نقطة مئوية فقط، كما فاز أوباما فيها مرتين بهامش بسيط.
ورأى الكاتب التركي، أن بايدن ليس لديه الكثير من الحظوظ في الولاية بخلاف أوباما سابقا، ولسبب ما لم يكن لحملة بايدن اتصال كبير مع هذه المجموعة من الناخبين.
ولفت إلى أن الإعلام والصحفيين اللاتينو اشتكوا من أن بايدن لم يمنحهم الأولوية، وفي السنوات الأخيرة، حقق جورج بوش، الذي يتحدث الإسبانية جيدا، مكاسب كبيرة في هذه الديموغرافية.
وتابع، أنه على الرغم من حقيقة أن الحزب الديمقراطي لديه هذا العام سلاح مهم في يده مثل ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز إلا أنهم لم يضعوها في المقدمة، وكانوا يخشون ترهيب الناخبين التقليديين لأنها تمثل القاعدة الاشتراكية للحزب.
وأشار إلى أنه في بعض المناطق تتعثر حملة بايدن، ولهذا السبب يتواجد أوباما في التجمعات الانتخابية في فلوريدا بدلا منه، لمحاولة إقناع الناخبين بالإنابة عنه.
ولفت إلى أن هناك تحولا طفيفا أو تعاطفا تجاه ترامب من الناخبين الشباب اللاتينيين والسود؛ وهو ما قد يكون حاسما بالنسبة لترامب وبايدن.
واستدرك الكاتب، أن أوباما لديه مشكلة جديدة مع الناخبين الكوبيين المؤثرين في فلوريدا، وهؤلاء الأشخاص، الذين فروا من كوبا واستقروا في ميامي، وصلوا إلى مواقع مهمة، واكتسبوا قوة مالية وكانوا فاعلين في السياسة، ولم تعجبهم زيارته لكوبا خلال فترة رئاسته وتوطيد العلاقات مع النظام الكوبي.
اقرأ أيضا: أوباما يتيح رقم هاتفه للعامة.. كيف يجيب عند مراسلته؟
وأضاف أن أهمية فلوريدا لا تقتصر على الكوبيين فقط، بل أيضا الفنزويليين، ولعل معركة ترامب ضد الرئيس الفنزويلي مادورو، قد أسعدت مجموعة رئيسية أخرى من الناخبين في فلوريدا.
كبار السن البيض.. والجيل الجديد من الشبان الحضريين
بدورها أكدت الخبيرة الأمريكية كايد، أن أصوات المسنين البيض في كافة الولايات بأمريكا مهمة في الانتخابات لاسيما في فلوريدا (بؤرة مسنين)، ولكن بدأت أصواتهم تتضاءل مع النسبة العالية من وفيات كورونا.
وأضافت أن انخفاض أصواتهم المنحازة للجمهوريين بسبب اهتمامهم بجزئيات تتعلق بالأمن القومي والاقتصاد، تأتي لصالح تحركات أوباما في الولاية.
ولفتت إلى أن الجانب العنصري بالنسبة للبيض بأمريكا، عال جدا، ويرون بأن كل من هو غير أبيض وغير مسيحي مثلهم يعد تهديدا لهم، ولديهم عنصرية دفينة ضد السود واللاتينو منذ حروب نهاية القرن الثامن عشر.
وبهذا الصدد قال الكاتب التركي إيغين، إن فلوريدا لا تقتصر فقط على الكوبيين والفنزويليين، بل هناك شريحة السكان الأكبر سنا لديهم تأثيرهم على الانتخابات الأمريكية، ولدى كبار السن البيض ثقل كبير، وهذا هو بالضبط سبب عدم قدرة الديمقراطيين، على تجاوز 49٪ في فلوريدا.
واستدرك أن هناك انخفاضا في عدد المسنين البيض، بمقابل زيادة بتعداد الشباب الحضريين المثقفين والمتعلمين لصالح الحزب الديمقراطي في أكثر من ولاية.
وأوضح أن الناخبين الجدد، ليس من الواضح بعد ما إذا كانوا سوف يكونون فاعلين بما فيه الكفاية في انتخابات 2020، لكنهم قد يمهدون لبنية تحتية أكثر مرونة للديمقراطيين في انتخابات 2024.
5 أيام على الانتخابات | مؤشرات أولية للنتائج بولايات أمريكية
هذه نتائج استطلاعات الأسبوع الأخير لانتخابات ترامب وبايدن
هذه أبرز 9 وعود وفّى بها ترامب لناخبيه.. هل تنقذه؟