نشرت صحيفة
"فزغلياد" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن التطور غير المتوقع في مسار
الأحداث على جبهة الحرب الدائرة في إقليم ناغورني قره باغ بعد تعبير إيران عن
استعدادها لدعم أذربيجان.
وقالت الصحيفة
في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن طهران وقفت في بداية الأزمة إلى
جانب الأرمن واتخذت موقفا معاديا لباكو، إلا أنها غيّرت بوصلتها مؤخرا وأعلنت عن
دعمها لأذربيجان بهدف تعزيز نفوذها في جنوب القوقاز والوقوف في وجه طموحات روسيا
وتركيا.
في هذا السياق،
أكد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أنه "ينبغي لأرمينيا إعادة أراضي ناغورني قره باغ إلى أذربيجان".
في الوقت
الراهن، يبلغ عدد الأذريين في إيران، ضعف عددهم في أذربيجان نفسها، حيث يصل العدد
إلى 20 مليون نسمة، ويشكلون غالبية السكان في أربع مقاطعات شمال إيران.
وتؤكد الصحيفة
أن معاملة النظام الإيراني لرعاياه من ذوي الأصول الأذرية كمواطنين من الدرجة
الثانية، بسبب الاختلافات الثقافية واللغوية، شجع الكثير منهم على التمرد وتبني
فكرة توحيد أذربيجان وإعادة رسم الحدود.
حروب بين ثلاث إمبراطوريات
تقول الصحيفة إن
أراضي أذربيجان بقيت لسنوات طويلة محل نزاع بين الإمبراطوريات الثلاث، الروسية
والعثمانية والفارسية، غير أن الفرس انسحبوا من الصراع بعد الحرب الخامسة مع
الروس.
في عام 1828، تم
توقيع معاهدة تركمانجاي، والتي حصلت الإمبراطورية الروسية بموجبها على الأراضي
التي تقع عليها حاليا دولة أرمينيا، بينما تم تقسيم أراضي أذربيجان بين الروس
والفرس.
اقرأ أيضا: ما حقيقة دعم إيران لأرمينيا في الحرب الدائرة بقره باغ؟
وخلال الحرب
العالمية الأولى، في خضم الصراع المحتدم بين الإمبراطوريتين الروسية والعثمانية من
أجل أذربيجان، تمكن الانفصاليون الأتراك من إقامة دولة آزادستان شمال إيران، لكنها
لم تصمد إلا 3 أشهر.
وبعد أن تخلص من
التهديد السوفييتي وعاقب الانفصاليين، قرر شاه
إيران دمج الفرس والأذريين والأكراد وغيرهم من العرقيات في دولة إيرانية
واحدة، وهو ما أدى إلى القضاء على اللغة الأذرية بشكل شبه تام.
وحسب الصحيفة،
كادت تلك المساعي تؤدي إلى طمس الهوية الثقافية للأذريين، لولا قدوم السوفييت إلى
شمال إيران سنة 1945 ومساهمة النخبة الأذرية السوفييتية في إعادة السكان إلى
جذورهم الثقافية واللغوية.
تأييد الثورة
الإسلامية
تضيف الصحيفة
أنه أثناء الغزو الأنغلو-سوفييتي لشمال إيران سنة 1941، تم بأمر مباشر من ستالين،
إعلان جمهورية أذربيجان الديمقراطية، وقامت القوات السوفييتية بحماية الدولة
الفتية من إيران.
لكن تلك الخطوة
أثارت ردود فعل دولية قوية من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وهو ما أدى
لاحقا إلى انسحاب القوات السوفيتية من شمال إيران وإجلاء النخبة الأذرية، بينما
قمع الشاه من بقي منهم على الأراضي الإيرانية.
وفي وقت لاحق
أيد الأذريون الثورة الإسلامية ضد الشاه، ولعب المرجع الشيعي محمد كاظم
الشريعتمداري أحد أهم مساعدي الخميني، وهو من أصول أذرية، دورا كبيرا في نجاح
الثورة وعبّر عن أمله في أن تضمن الحكومة الجديدة للأذريين حقهم في الحفاظ على
هويتهم الثقافية، لكن لم يحدث ذلك.
ورغم القمع
الثقافي استطاع الأذريون الوصول إلى أعلى المناصب في الدولة، ففي عام 1981، تولى
الأذري مير حسين موسوي رئاسة الوزراء وشغل هذا المنصب لمدة ثماني سنوات.
اقرأ أيضا: إيران تدعو لاحترام وحدة أراضي أذربيجان وانسحاب أرمينيا
وعند وفاة
الخميني المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، أُعلن علي خامنئي مرشدا جديدا لإيران، وهو أيضا من أصول أذرية.
قبل خمسة عشر
عاما، اندلعت احتجاجات حاشدة للأذريين في الجمهورية الإسلامية، وتكررت الاحتجاجات
قبل خمسة أعوام، والسبب حسب المحتجين هو
ما توجهه لهم وسائل الإعلام من إهانات برعاية السلطات. وكمثال على ذلك، شبّه رسام
كاريكاتير إيراني الأذريين بالصراصير.
من جانبها، نظرت
واشنطن باستمرار إلى الأذريين في إيران كطابور خامس يمكن أن يقوض أركان الجمهورية
الإسلامية. وفي وقت سابق، انتقدت وزارة الخارجية الأمريكية طهران بسبب انتهاكها
حقوق الأذريين، وقد فرّ زعيم الحركة الانفصالية لجنوب أذربيجان محمود علي
شهراغانلي من السلطات الإيرانية ولجأ إلى الولايات المتحدة.
الموقف الإيراني
في بداية الصراع
تؤكد الصحيفة أن
الإيرانيين لم يكن لديهم أسباب سياسية قوية للتعاطف مع أذربيجان في بداية الصراع،
بل كانت لديهم دوافع قوية للقيام بعكس ذلك تماما، وهو ما ظهر منذ الحرب الأولى في
ناغورني قره باغ.
اقرأ أيضا: محلل روسي: وقف حرب "قره باغ" بيد أنقرة.. وموسكو سترد
وتقول الصحيفة
إن طهران حاولت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إدخال أذربيجان ضمن نطاق نفوذها
وشجعت التبادل الثقافي، لكنها سرعان ما تراجعت وجمدت جميع أشكال التعاون تقريبًا.
وبسبب تأثرهم
الكبير بالاتحاد السوفييتي ونزعتهم العلمانية، بدأ النظام الإيراني يخشى من تأثير
الأذريين الشماليين على الأذريين في الداخل.
وخشيت طهران
بقوة من تأجج النزعة الانفصالية للأذريين بسبب الصراع في ناغورني قره باغ، إذ رأت
أن ذلك قد يؤجج المشاعر القومية للأذريين في إيران، وهو ما جعلها تقف مع أرمينيا
وتمنع دخول اللاجئين الأذريين إلى أراضيها.
زعامة
الإمبراطورية الشيعية
لكن ما الذي
تغير في الموقف الإيراني مؤخرا وجعل طهران تتحدث عن الصراع بشكل مختلف؟
عاتب علي أكبر
ولايتي أنقرة بسبب موقفها الذي يؤجج الصراع، وعرض تدخل طهران كوسيط من أجل التوصل
إلى حل سلمي.
ومن الواضح حسب
الصحيفة أن ولايتي يريد أن يذكّر تركيا بتاريخ الصراع بين الإمبراطوريتين الفارسية
والعثمانية للسيطرة على أذربيجان، خاصة أن الرئيس التركي يُعتبر حاليا الداعم
الرئيسي لأذربيجان في هذه الحرب.
وفي هذه الظروف، تقول الصحيفة إن دافع إيران
لتغيير موقفها هو الشعور بأنها يجب أن تلعب دورها المفترض كزعيمة للعالم الشيعي،
وأن تقف في وجه طموحات الرئيس التركي في أذربيجان مثلما فعلت سابقا في سوريا.
MEE: مستقبل غامض أمام مقاتلي "فاطميون" الأفغان بسوريا
إدارة ترامب تتحدى العالم وطهران تنتظر الانتخابات الأمريكية
FP: أمريكا معزولة بالأمم المتحدة بعد فشل الضغط بشأن إيران