قال أحمد الدان، أمين عام حزب
"حركة البناء الوطني"
الجزائري، إنهم طالبوا في أثناء مناقشات التعديل
الدستوري، بالحد من "التدخل والنفوذ الفرنسي المسجل في العهد السابق"
وأضاف الدان، وهو نائب سابق، أن
"حركة البناء قدمت مقترحات داخل وثيقة الدستور تحرص على التنمية والحوار
والهوية، وهي أبعاد ثلاثة نسعى إلى أن تبقى حاضرة كمبادئ في الدستور، وتعتمد عليها
القوانين المستقبلية".
وتابع أن "الحركة تحرص على أن
يكون الدستور حاميا للسيادة، بعدم تدخل المواثيق الدولية في السيادة والشأن
الداخلي، إلّا إذا صادقت عليها الجزائر".
وأردف: "حرصنا على عدم التدخل
الفرنسي والحدّ من نفوذه، لحماية السيادة والشأن الداخلي".
واعتبر أن "ذلك يأتي لأنّ
الجزائريين لديهم تاريخ مرّ مع
فرنسا والتبعية الفرنسية المسجلة أيام العصابة
وقبلها."
ويقول مؤرخون إن فترة الاحتلال الفرنسي
للجزائر (1830: 1962) خلفت أكثر من 5 ملايين قتيل بالجزائر، بينهم مليون ونصف فقط
خلال ثورة التحرير (1954: 1962)، بجانب آلاف المفقودين والمصابين بعاهات مستدامة،
والقرى المدمرة، إضافة إلى تأثيرات إشعاعات تجارب نووية بالصحراء.
وتطالب الجزائر، منذ سنوات، فرنسا
بالاعتراف والاعتذار والتعويض عن جرائمها
الاستعمارية، لكن باريس تتهرب بالدعوة في
كل مرة إلى طي صفحة الماضي والتوجه نحو المستقبل.
ظروف حساسة
وقال الدان؛ إن "مشروع تعديل
الدستور سيُعرض على الشعب، الذي سيعبر عن رأيه، والحركة مع الشعب سواء رفضه أو
قبله".
وصادق البرلمان على مشروع تعديل
الدستور، تمهيدا لطرحه في استفتاء شعبي في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وقاطعت كتل المعارضة جلسة التصويت على
مشروع تعديل الدستور، معتبرة أن مناقشته في البرلمان لم تأخذ وقتها الكافي، رغم
أهمية المشروع.
وتابع أن "التعديل الدستوري يأتي
في ظل البحث عن الجزائر الجديدة وفي ظروف حساسة، وهو التحول الذي جاء بعد الحراك
الشعبي، وبعد رئاسيات 12 كانون الأول/ ديسمبر 2019، ما غيرّ خارطة المشهد السياسي
في البلاد".
وأجبر هذا الحراك الاحتجاجي بوتفليقة
على الاستقالة من الرئاسة، في 2 نيسان/ أبريل 2019، ومهد لانتخابات رئاسية فاز بها
عبد المجيد تبون، وحل خلفه عبد القادر بن قرينة، رئيس حزب "حركة البناء
الوطني".
مادة ملغمة
في البداية، اقترحت لجنة خبراء إعداد
مسودة تعديل الدستور استحداث منصب نائب لرئيس الجمهورية، لكن تم إلغاء هذا المقترح
في المسودة النهائية.
وأعرب الدان عن "رفض الحزب لهذا
المقترح، لكون المسودة القديمة قدّمته في صورة رئيس دون انتخابات، ويكمل العهدة الرئاسية
في حال توفي الرئيس أو استقال".
واعتبر أن "هذا مخالف للشرعية
الشعبية، وهي مادة ملغمة تهدد استقرار مؤسسات الدولة بغض النظر عمن يكون
الرئيس".
ورأى أن "التعديل استجاب لطلب
الطبقة السياسية، وحُذف هذا المقترح، لكون هذه الحالة من حالات التعيين في المراكز
الاستراتيجية تتطلب الرجوع إلى الشعب".
مطالب الحراك
بخصوص مطالب الحراك الشعبي، التي تقول
الحكومة إن "الدستور الجديد يُلبّيها"، قال الدان إن "جزءا منها
لُبيّ، وجزءا لا يزال النضال من أجله قائما".
وتابع: من المطالب "موضوع
النوفمبرية، الذي أصبح في النص الدستوري وحاضرا كمشروع"، في إشارة إلى مبادئ
ثورة 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي.
وأردف أن "النوفمبرية تعني إقامة
دولة ديمقراطية واجتماعية ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية".
واستطرد: "الحراك طالب باستقلالية
القضاء، والدستور لبى طلبه، وطالب بشفافية الانتخابات، لكن مازلنا نقول إن هناك
تخوفا بخصوص السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات، وعلى السلطة تصحيحها بقانون
عضوي".
نعم أم لا؟
وحول احتمال رفض أو قبول الشعب لمشروع
تعديل الدستور، أجاب الدان بأنه "لا ينبغي استباق الأحداث، فلا يزال أكثر من
شهر على موعد الاستفتاء".
ورأى أنه "إذا قُدّمت الشروحات
اللازمة والكافية للشعب، فسيختار مصلحة الوطن وحماية مؤسسات الدولة
واستقرارها".
وأضاف أن "المطلب الآن هو القراءة
الجامعة والشرح والحوار حول هذا الملف، حتى تتبين الإيجابيات من السلبيات".
وتابع: "أعتقد أن الشعب سيشارك في
الاستفتاء إذا تغلبت لديه المصلحة والحريات وحماية الثوابت الوطنية، وسيصوّت
بنعم".
واستدرك: "أما إذا تغلبت لديه
دعاية مضادة لهذا المعنى، ربما سيكون له موقف آخر، وهذا مستبعد".
ويتألف مشروع تعديل الدستور من ديباجة
وسبعة أبواب، ومن أهم ما جاء فيه، منع الترشح للرئاسة لأكثر من فترتين سواء
متتاليتين أو منفصلتين، وأن يعين رئيس الجمهورية رئيس الحكومة من الأغلبية
البرلمانية، والسماح بمشاركة الجيش في مهام خارج الحدود، بشرط موافقة ثلثي أعضاء
البرلمان.
وكذلك منع توقيف نشاط وسائل الإعلام
وحل الأحزاب والجمعيات إلا بقرار قضائي، ومنع ممارسة أكثر من عهدتين برلمانيتين
منفصلتين أو متتاليتين، واستحداث محكمة دستورية بدلا عن المجلس الدستوري، ويعود
إليها البت في نتائج الانتخابات، ومدى دستورية القوانين، والمعاهدات الدولية.
ويعدّ تبون تعديل الدستور بمنزلة حجر
الأساس في إصلاحات جذرية وعد بها قبل وبعد اعتلائه سدّة الحكم في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بينما تشكك قوى معارضة في وعود النظام الحاكم بتطبيق إصلاحات شاملة
وجذرية.