قال
رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة وعضو المجلس الرئاسي للجبهة الثورية
السودانية، الأمين داؤود، إن "مفاوضات السلام بين الحكومة الانتقالية
والحركات المسلحة تسير بشكل جيد، والسلام أصبح أمرا واقعا للرغبة
الأكيدة المتوفرة من جوانب التفاوض بين الطرفين".
وكشف داؤود عن أنه "سيتم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلام بين الجبهة
الثورية والحكومة السودانية خلال ثلاثة أيام"،
معتبرا هذا الأمر "بداية للخطوة الأولى والحقيقية لاتفاق السلام الشامل
والمأمول، ويشير إلى أن الأجواء طيبة، وتمضي في الاتجاه الصحيح الذي نسعى إليه،
خاصة أنه تم الاتفاق على 99% من البنود والتفاصيل كافة".
وأشار داؤود، في مقابلة خاصة
مع "عربي21"، إلى أنهم سيعقدون مؤتمرا جامعا لكل أهل شرق السودان عقب
التوقيع النهائي لاتفاق السلام في جوبا، مؤكدا أن "هذا المؤتمر سيحقق إجماعا
واسعا، لأن هذا التوقيع على مسار الشرق يحتاج إلى توحيد الصف الداخلي من أجل تغيير
الواقع"، منوها إلى أن نتائج "منبر جوبا" وصلت لخطوات متقدمة.
ودعا رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، الدولة السودانية، إلى حماية مكتسبات واستحقاقات الثورة من خلال فرض هيبتها
على مستوى القرار السياسي، ومن خلال الحزم في القرارات، منتقدا رغبات الانفصال
التي أعلن عنها البعض، مشدّدا على تمسكهم بوحدة السودان ككل.
وتاليا نص المقابلة:
ما هي أهم الملفات التي تهتم بها حاليا؟
أهم الملفات التي نعمل عليها حاليا هو ملف السلام، وجئنا
إلى السودان لنكون
رُسلا للسلام، وذلك من خلال دفعنا لمبادرات السلام الرسمية والشعبية، وفي ظل رأي
الشارع السوداني وأشواقه لسودان السلام والاستقرار.
هناك من يتهكم بأنكم تريدون المشاركة في السلطة والحكم.. ما تعقيبكم؟
المشاركة في السلطة حق مشروع لكل مواطن سوداني، ولكن أن
تصبح السلطة غاية هذا هو الخطأ؛ فلذلك نحن نرى المشاركة في السلطة وسيلة لإنزال
برنامجنا السياسي ككل القوى السياسية السودانية الأخرى، إلا أنها ليست هي في أصلها
غاية لدينا.
كيف ترى رفض البعض لك بأن تكون ممثلا لشرق السودان في "الجبهة الثورية"؟
نحن لا ندعي أننا وحدنا مَن يمثل شرق السودان، وكذلك مَن
يدعون أننا لا نمثل الشرق هم أيضا لا يملكون حق هذا التمثيل بشكل مطلق، ولكن نحن
نمثل قناعاتنا النضالية التي من أولوياتها قضايا إنسان الشرق في ماضيه وحاضره
ومستقبله.
الواقع الأمني في مناطق شرق السودان تدهور بشكل كبير خلال الأسابيع الماضية.. فما سبب ذلك؟ وهل ستتفاقم الأوضاع لحرب أهلية؟ وكيف ترون رغبات الانفصال لدى البعض؟
هناك جهات عدة وقفت للحد من المسيرة السياسية، والغرض من
التغييب السياسي قامت به جهات وأشخاص ليس من مصلحتهم أمن واستقرار الشرق، بل هي
جزء من أزمة الشرق التي كانت في نظام الإنقاذ البائد؛ فالتغيب مدرج تحت مسمى
ومشروع واضح وواحد هو أن يبقى الشرق في حاله دون أي مشروع نهضوي جديد لإنسانه
وثرواته.
وتوصيفنا للصراع هو سياسي بامتياز، وقد زُجت فيه
المكونات القبلية كواجهات في ظاهره، والتراخي الأمني قد يدهور الأمور أكثر مما هي
عليه الآن، أما رغبات الانفصال لدى البعض فهي تعبر عن هؤلاء البعض لا أكثر. نحن
نتمسك بوحدة السودان ككل.
كيف ترون الجدل والخلاف بشأن تعيين الولاة في شرق السودان؟ وما موقفكم من ذلك؟
الجدل حول الولاة لا ينفصل عن مضمون الصراع السياسي في
تلك الولايات، والتي يشترك فيها أيضا غياب هيبة الدولة والحزم في القرارات. موقفنا
هو أنه يجب على الدولة أن تحمي مكتسبات واستحقاقات هذه الثورة من خلال فرض هيبتها
على مستوى القرار السياسي، لأن الولاة المدنيين حق ومستحق لصناع الثورة
والشهداء.
ما الذي وصلت إليه مفاوضات السلام بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة؟
المفاوضات تسير بشكل جيد، والسلام أصبح أمرا واقعا، نظرا للرغبة الأكيدة المتوفرة من جوانب التفاوض سواء كان من جانب الحكومة، أو حركات الكفاح المسلح، وخلال ثلاثة أيام سيتم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق
السلام بين الجبهة الثورية والحكومة السودانية. والجبهة الثورية جاهزة لذلك
بالفعل، وهذا الأمر سيكون بداية الخطوة الأولى والحقيقية لاتفاق السلام الشامل
والمأمول، ويشير إلى أن الأجواء طيبة، وتمضي في الاتجاه الصحيح الذي نسعى إليه،
خاصة أنه تم الاتفاق على 99% من البنود والتفاصيل كافة.
ونحن نريد أيضا أن يكتمل ملف السلام في الجوانب
الأخرى مع بقية الرفاق، كما نتمنى أن يلحق الأستاذ عبد الواحد محمد نور رئيس حركة
"جيش تحرير السودان"، وآخرون بركب السلام حتى يكتمل مشهد السودان
الجديد.
هل هنالك توافق تام الآن على "منبر جوبا" أم أن الدعوات بالبحث عن منابر أخرى ما زالت قائمة؟
البحث عن منبر آخر أصبح غير موجود، و"منبر
جوبا" هو الخيار، والدليل على ذلك وصول نتائجه إلى خطوات متقدمة.
ما مدى التزام الحكومة بـ "مفاوضات جوبا"؟ وكيف ترى الصراع حول تمثيل الشرق في هذه المفاوضات؟
في تقديري، الحكومة ملتزمة بمفاوضات جوبا، أما عن تمثيل
الشرق في مفاوضات جوبا فقد حقق مكاسب بدليل وصولنا إلى توقيع وثيقة إعلان المبادئ
بيننا وبين الحكومة السودانية.
ما الذي يحول دون توحيد رؤى ومواقف جميع مكونات شرق السودان في ظل انقسام القوى الحزبية والسياسية؟
ما يحول دون توحيد الرؤى بين مكونات الشرق له أسباب
كثيرة تتفاوت ما بين المطامع الشخصية، ومنها عدم استيعاب البعض لمتطلبات المرحلة
لنهضة الشرق، ومنها ما هو اختلاف وجهات نظر، ولكن في الأخر كل رأي مختلف عنك يقوي
من طبيعة المشهد السياسي الذي يضيف لملف التفاوض ولا يخصم منه.
قلتم إنكم بصدد عقد مؤتمر جامع لكل أهل شرق السودان.. فما هي تفاصيل هذا المؤتمر؟ ومتى سينعقد؟
المؤتمر ذُكر في المصفوفة التي أقرها المجلس المركزي
للحرية والتغيير، والمجلس السيادي، ومجلس الوزراء، ويجري
التحضير له على قدم وساق، وقد يأخذ بعض الوقت، وخلاصة القول هذا المؤتمر
سيحقق إجماعا واسعا، لأن هذا التوقيع على مسار الشرق يحتاج إلى توحيد الصف الداخلي
من أجل تغيير الواقع في شرقنا، وكذلك الوثيقة الأولى التي وقعناها تقر بأن هناك
مؤتمرا عاما لأهلنا في الشرق، والمؤتمر سوف يعضد ويدعم الاتفاقية ويعالج ما سقط
منها، أما عن موعده فنقول إنه سيكون عقب توقيع الاتفاق النهائي للسلام في جوبا.
ما موقفكم من القوى والشخصيات المحسوبة على نظام البشير في شرق السودان؟
قولنا هو أن التاريخ السياسي يسجل المواقف، ونحن نريد أن
نسجل موقفنا بالأدب السياسي والاتزان في طرح ما نرى أننا اختلفنا فيه عن الآخرين،
أما شخصيات النظام البائد فعليها أن تتذكر أن التغيير هو سنة الحياة، ومازالت
المساحة موجودة للمشاركة بعد الفترة الانتقالية عبر صندوق الاقتراع، ولكن الآن
وجود عناصر بقايا النظام مرفوض بنص الثورة التي أكدت أصواتها الرسمية والشعبية أنه
لا مكان لكل من سقط على راسه عرش الإنقاذ.
تقولون إن هناك مؤامرة ومكائد دائما يتعرض لها شرق السودان.. فمن يقف خلف تلك المؤامرات والمكائد؟ وما هي أبعادها؟
نحن نؤكد أن شرق السودان هو منفذ البلاد الأهم، ونوكد
أيضا على أن هناك أطماعا خارجية لا شك والحكومة نفسها تعي ذلك، وأبعادها بكل تأكيد
خطيرة في ظل وجود حراك عناصر النظام البائد التي تقوم بتأجيج صراع الوكالة.
هل أزمة سد النهضة الإثيوبي قد تكون لها تداعيات على "سلام السودان"؟
بالتأكيد هذه الأزمة تؤثر على كل الأطراف، والسودان طرف
أصيل في مفاوضات سد النهضة ومن مصلحة الجميع الوصول إلى صيغة تحفظ حقوق كل الأطراف.
دعوت سابقا إلى هزيمة الدولة العميقة في السودان.. فكيف ترى "الدولة العميقة" حاليا؟ وهل ستنتصرون عليها قريبا؟
أؤكد بأن وجود الدولة العميقة لا يُنكره أحد، ولكن يجب
على قوى الثورة العمل على تفكيك أركان النظام السابق، وأقوى سلاح على تمدد الدولة
العميقة في المشهد يأتي عادة نتيجة انشغالات
الحرية والتغيير بالأجندة الحزبية فعليها أن تتماسك حتى لا تضعف، وتهب هذه الفلول
بأمل العودة القريبة أو زعزعة الأمن الداخلي، ولكن النصر حليفنا
لا محالة مادام شباب الثوار ومن خلفهم الشعب السوداني في حالة يقظة.
ما هي أسباب الاشتباكات المتكررة التي تحدث في شرق السودان من وقت لآخر؟ وهل العداء التاريخي بين بعض المكوّنات القبلية في الشرق هي السبب الرئيسي في ذلك؟
لا وجود لعداء تاريخي، وليس هنالك محفزات للصراع القبلي
فلا أراض ولا ثروة تتقاطع فيها هذه المكونات، بل على العكس ما يوجد من تعايش
بينهم أكبر من أن يكون صراعات، ولكن تجددها يرجع لأمرين، أولا الورقة السياسية
لصناع الصراع من مرحلة إلى أخرى، وثانيا هشاشة الأمن واللجان الأمنية وغياب هيبة
الدولة، لأنه من أمن العقوبة أساء الأدب.
كيف ترى الخلاف بين الجيش والحكومة؟
العلاقة بين المكون العسكري والمدني جاءت بحكم
الوثيقة الدستورية، لذلك لابد من احترام هذه الشراكة، لأن أي خلاف يحدث في هذه
الشراكة يلقي بظلاله على المواطن السوداني.