بعد تسليم رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، تشكيلته للرئيس التونسي قيس سعيد، يكون أمام مهمة صعبة للمرور بالثقة في مجلس النواب، وذلك لأنه بحاجة إلى 109 أصوات على الأقل ليعبر من بوابة البرلمان المنقسم بشكل كبير.
والمشيشي الذي لم يكُن من الأسماء التي اقترحتها الأحزاب على الرئيس سعيّد، اختار تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن الأحزاب صاحبة التمثيل في البرلمان أيضا، ما تسبب بغضبها.
اقرأ أيضا: "عربي21" تنفرد بنشر تشكيلة حكومة تونس الجديدة.. بالأسماء
ويكون موعد امتحان المشيشي في البرلمان في 1 أيلول/ سبتمبر المقبل في جلسة عامة، وفق ما أكده النائب في البرلمان التونسي عبد اللطيف علوي في وقت سابق اليوم الثلاثاء، لـ"عربي21".
وبحسب الدستور، فإنه بعد أن يقدم رئيس الحكومة المكلف لرئيس البلاد رسميا تشكيلته الوزارية، يحيلها مباشرة إلى رئيس البرلمان الذي يدعو مكتب البرلمان للاجتماع في غضون يومين، الذي يحدد بدوره جلسة عامة للتصويت على منح الثقة في أجل لا يتجاوز أسبوعا واحدا من تاريخ انعقاده.
وقالت أستاذة القانون الدستوري وعضو المكتب التنفيذي لجمعية القانون الدستوري هناء بن عبدة في حديث سابق لـ"عربي21"، إنه بحسب الدستور التونسي، فإنه: "في حال الفشل يتم حل البرلمان من رئيس الدولة بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 89"، وتتم الدعوة لانتخابات مبكرة في أجل أدناه 45 يوما، وأقصاه 90 يوما.
تأييد من الأحزاب الأقل تمثيلا
وما يزيد من صعوبة حظوظ المشيشي، أن الأحزاب الأقل تمثيلا في البرلمان تفاعلت إيجابا مع حكومة الكفاءات التي اختارها رئيس الحكومة المكلف، في مقدمتها الدستوري الحر (16 نائبا) من أصل 217، وتحيا تونس (11 مقعدا)، وحركة الشعب (16 مقعدا).
اقرأ أيضا: الأحزاب الأقل تمثيلا ببرلمان تونس تتفاعل إيجابيا مع المشيشي
حكومة أمر واقع؟
ولكن في المقابل، ما يدفع أكثر بحظوظ المشيشي، خوف الأحزاب والجو العام في تونس من سيناريو انتخابات مبكرة.
وفي حين تفاعلت الأحزاب صاحبة الأكثرية في البرلمان سلبا مع المشيشي، إلا أنها لم تحسم أمرها بعد بالتصويت ضده، لا سيما مع ضغط كونها تمثل "حكومة أمر واقع" بالنسبة للكثيرين خصوصا أن البديل يعني حل البرلمان وانتخابات مبكرة.
وهذه الأحزاب هي:
كتلة حركة النهضة - 54 نائبا
كتلة قلب تونس - 27 نائبا
التيار الديمقراطي 22 نائبا
كتلة الإصلاح الوطني - 16 نائبا
الكتلة الوطنية - 11 نائبا
اقرأ أيضا: المشيشي أمام برلمان دون أغلبية مريحة.. انتخابات مبكرة؟
من جهته، قال المحلل السياسي التونسي، أنور الغربي، لـ"عربي21"، إن المشيشي كان بحاجة إلى أن يشكل حكومة قادرة على أن تعمر أربع سنوات كاملة.
وأوضح بوقت سابق أن "تونس خلال أكثر من سنة لم تشهد حكومة استطاعت أن تعمر طويلا، لذلك فإن البلاد بحاجة إلى استقرار سياسي".
وعن اختيار المشيشي لحكومة تكنوقراط، عبر الغربي عن تخوفه من أن الحكومة قد لا يكتب لها النور، وفي حال عبرت فإنها لن تدوم طويلا كما حكومة الفخفاخ.
وشدد على أن تونس بحاجة إلى اتفاق بين الرئاسة والحكومة والبرلمان على حكومة مستقرة وإلا فإن البديل كارثي على الجميع.
وأكد أن سيناريو انتخابات مبكرة سيكون كارثيا، وسيشهد عزوفا انتخابيا كبيرا، لافتا إلى أن سبب ذلك يعود إلى أن الشعب التونسي غير مستعد لها، وقد يؤدي الذهاب لهذا السيناريو ليس فقط لانتخابات برلمانية مبكرة فقط بل إلى رئاسية أيضا.
"حكومة الرئيس"
وقال الغربي: "باعتقادي الحصول على التزكية من البرلمان صعب لأنه ينظر إليها باعتبارها حكومة الرئيس، ولا يمكنها القيام بإصلاحات حقيقية، لأن ذلك يحتاج دعما برلمانيا وسياسيا قويا".
وأضاف أن الأحزاب ترى أن الشعب انتخبها لتحكم، وهذا حقها الذي يكفله الدستور الحالي بأن تحترم إرادتها بحكومة حزبية.
ولكنه أشار إلى أن "رئيس الحكومة المكلف وضع بين خيارين صعبين، إرادة الأحزاب الفائزة في الانتخابات، ورغبات رئيس الجمهورية مدعوما بقيادة نقابة العمال من أجل تجاوز سلطة الأحزاب".
واعتبر أن الخيار الثاني يعد ليا لذراع البرلمان، للقبول بحكومة يسيرها رئيس الدولة، ويسهل على نقابة العمال التعاطي معها، لأنها بدون سند برلماني أو شعبي، وفق قوله.
وقال لـ"عربي21"، إن تونس بحاجة إلى هدنة من جميع الأطراف السياسية للعبور في المشهد إلى وضع مستقر، بعيدا عن الانقسامات التي عطلت الحياة السياسية.
"الكتلة الديمقراطية" ترفض تصويتا لتعديل وزاري بتونس
لقاء بين سعيد والغنوشي.. وتوترات حكومة المشيشي مستمرة
ترقب لتوليفة حكومة المشيشي.. تسريبات ومواقف أولية