تناولت الصحافة الغربية الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي الجديد لتطبيع العلاقات، برعاية أمريكية، وبمباركة بعض الدول العربية رسميا، رغم الغضب الشعبي.
ونشرت
"وول ستريت جورنال" تقريرا أعده مايكل بيندر وديون نيسباوم، وصفا فيه مشهد التصفيق الحاد في المكتب البيضاوي، حيث كان الرئيس دونالد ترامب جالسا، وحادث كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وكان مع ترامب
في الغرفة عدد من المسؤولين، وآفي بيركوفيتش، وأحد مستشاري ترامب في السياسة وروبرت
أوبراين، ومستشار الأمن القومي, وبريان هوك مبعوث الإدارة إلى إيران, وجارد كوشنر،
صهر الرئيس ومستشاره البارز.
وعن ردود الفعل، وصف النائب الديمقراطي عن ويسكونسن، مارك بوكان، الاتفاقية بـ"المهزلة"، مشيرا إلى أنه يدعو إلى تعليق الضم. وقال إن "تأخير الضم ليس تاريخيا"، مضيفا أن "خطة الضم الإسرائيلية للضفة الغربية ومن جانب واحد تظل خرقا
للقانون الدولي ولحقوق الفلسطينيين. ولو مضت إسرائيل بالضم، يجب أن يضع الكونغرس
شروطا على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل".
كل ما تريد معرفته عن اتفاق التطبيع الإماراتي مع الاحتلال من (هنا)
وبدأت المحادثات بسرية في عام 2019 بين البلدين وأمريكا في أبو ظبي، إسرائيل، وارسو وواشنطن. وساعد على
المحادثات كوشنر، والسفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر، والإماراتي يوسف العتيبة.
وبعد اللقاء
في وارسو، استضافت الولايات الإسرائيليين والإماراتيين في لقاءات بوزارة الخارجية أدارها
هوك. وبدأ المشاركون يناقشون اتفاقية محتملة. وبعد ذلك سافر الإسرائيليون سرا إلى
أبو ظبي لمقابلة المسؤولين، ثم سافر الإماراتيون سرا إلى إسرائيل من أجل محادثات
إضافية، حسب قول المسؤولين الأمريكيين.
وبترتيب
أمريكي، التقى الإماراتيون والإسرائيليون للتشارك والتنسيق بالمعلومات الأمنية.
وقال مسؤولو الإدارة إن اللحظة المهمة جاءت عندما قرر الرئيس ترامب الخروج من
الاتفاقية النووية، التي ساعدت على عزل طهران، وأرسلت رسالة لجيرانها بالمنطقة على
ضرورة أن يختاروا الجانب الذي يقفون معه.
وقال هوك: "سياسة إيران الخارجية ساعدت على التقريب ما بين الإسرائيليين
والإماراتيين" و"اتفاق السلام هذا هو أكبر هزيمة للنظام
الإيراني". وفي العام الماضي، حاولت إدارة ترامب رعاية اتفاق عدم اعتداء بين
إسرائيل والإمارات والبحرين وعمان والمغرب، وذلك حسب مسؤولين أمريكيين وفي الخليج.
إلا أن الخطة لم تكن سهلة؛ لأن كل دولة كان تريد شيئا مختلفا عن الأخرى، ولهذا قررت إدارة ترامب
التركيز على عقد اتفاقيات منفصلة بين إسرائيل وكل دولة على حدة.
السعودية على الطريق
وفي تقرير آخر
لستيفن كالين، قال إن تطبيع العلاقة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة يزيد
من الضغوط على السعودية. وقال إن الاتفاق سيعطي ترامب ورقة ضغط قوية؛ نظرا للدعم
الذي لا يتزحزح منه لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وأضاف أن
التحرك المفاجئ من الإمارات العربية المتحدة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل يراكم
الضغوط على السعودية لكي تعمل الشيء ذاته، ما سيفتح الباب أمام إغضاب الرأي العام.
وقالت الصحيفة إن الاختراق الدبلوماسي سيعيد قلب
المنافسة المتقلبة بين السعودية وإيران، وأي تقارب بين السعودية وإسرائيل دون
إقامة دولة فلسطينية مستقلة سيفتح الباب أمام النقد من إيران.
ولهذا السبب ستتبنى السعودية نهجا تدريجيا قبل أن تقرر الاعتراف الدبلوماسي الكامل بإسرائيل.
ومن المتوقع أن تقترب بقية دول الخليج مثل عمان والبحرين، اللتين أقامتا علاقات على
مستويات عالية مع إسرائيل، وقدمتا دعما مبدئيا لخطة السلام التي أعلنت عنها الإدارة
الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن أيهم كامل، رئيس شؤون الشرق
الأوسط في مجموعة تحليل المخاطر السياسية "يوريشيا غروب"، قوله:
"ستتبع السعودية في النهاية الطريق ذاته، لكنها ستكون أكثر ترددا وبطئا".
أما إندبندنت
أونلاين، فنشرت مقالا لكريس ستيفنسون، قال فيه إن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل
سوف يجعل الدبلوماسية في الشرق الأوسط أكثر تعقيدا من أي وقت مضى.
وعن الإمارات، قال إن الصفقة ستسمح لها بالتأثير على
المسرح الدولي، وسط وضع مشحون بشكل متزايد في الشرق الأوسط.
من جهة أخرى، نشرت
صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحافيين ستيف هندريكس وكريم فهيم قالا فيه
إن إعلان الإمارات إقامة علاقات مع إسرائيل، شجبه الفلسطينيون واعتبروه خيانة من
حليف عربي مفترض ونكسة مؤلمة لطموحاتهم القومية.
وشكل هذا
التحرك من الإمارات "انتهاكا صارخا" للتفاهمات التي تم التوصل إليها في
مؤتمرات القمة العربية على مدى السنوات والتي اصرت دائما على أنه لن يكون هناك
"تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية داخل حدود 1967
وعاصمتها القدس"، بحسب جمال محيسن، أحد كبار قيادات فتح، وطالب الدول العربية الأخرى اتخاذ اجراءات
عقابية ضد الإمارات.
وأجمعت
الفصائل الفلسطينية على شجب القرار الإماراتي. فوصفت حماس الاتفاقية على أنها
"جبانة" و "انتهاك صارخ لحقوقنا الدينة والقومية والتاريخية في
فلسطين، وطعنة خائنة في ظهر الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة ومحاولة بائسة للتأثير
على نهج النضال والمقاومة الذي يهدف إلى هزيمة الاحتلال".
وشجبت السلطة
الفلسطينية الاتفاقية على أنها "خيانة للقدس" و "اعتداء على الشعب
الفلسطيني".
وقالت ديانا
بوتو، محامية فلسطينية ومستشارة سابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية: "إنهم في
الواقع يؤذوننا"، مشيرة إلى ادعاء الإمارات بأنها كانت تتصرف نيابة عن
الفلسطينيين.
وقالت:
"لقد سرقوا صوتنا، نحن لا نحتاج إلى من يتكلم نيابة عنا".
وبالنسبة
لكثير من الفلسطينيين فإن التحرك الإماراتي يعتبر محطة صارخة – ويمثل تخلي حكومة
عربية عن مبادرة السلام العربية التي اقترحتها السعودية قبل عقود والتي دعت لإنشاء
علاقات كاملة بين الدول العربية وإسرائيل بعد أن تتوصل الأخيرة إلى اتفاق سلام مع
الفلسطينيين.
وقال يوسف
مناير، محلل فلسطيني وزميل غير مقيم لدى المركز العربي في واشنطن: "إن ما
تقوله الإمارات فعليا هو: نحن نغادر الاجماع العربي ونعرض التطبيع – ليس مقابل
اتفاق سلام مع الفلسطينيين يقوم على تطبيق القانون الدولي – ولكن مقابل لا شيء..
والسؤال الكبير هو ماذا يوجد خلف هذا؟"
وسعت الإمارات
وغيرها من دول الخليج نحو علاقات أقوى مع إسرائيل خلف الكواليس لسنوات طويلة بسبب
مخاوف أمنية مشتركة وعداء مشترك ضد إيران، بحسب المحللين. ويقول منير: "لم
تكن الإمارات مضطرة لإخراج هذه العلاقات السرية إلى العلن".
وأحد
التفسيرات لهذا التحول هو أن الإمارات تحاول بهذا إصلاح علاقتها ببعض الناقدين في
أمريكا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بحسب ياسمين فاروق، الزميلة
الزائرة لبرنامج الشرق الأوسط في معهد كارنيغي للسلام الدولي.
وقالت فاروق
إن الإمارات واجهت انتقادات على مدى السنوات القليلة الماضية، وخاصة من أعضاء
الكونغرس، لسياساتها الخارجية العدوانية بما فيها التدخلات العسكرية في الحرب
الأهلية في اليمن وفي ليبيا وتصور سائد بين الديمقراطيين بأن تعاملاتها مع إدارة ترامب
دافئة وغامضة. ويظهر التعبير عن الدعم من الحزبين يوم الخميس بأن مد يدها لإسرائيل
كان "تحركا استراتيجيا ذكيا" للإمارات وكذلك لإسرائيل وأمريكا.
وأضافت:
"إن ذلك بالتأكيد ليس مكسبا للفلسطينيين".
وقالت بوتو
إنها تتوقع أن دولا إقليمية أخرى ستتبع الإمارات، بالرغم من المؤشرات بأن الرأي
العام في كثير من الدول العربية تعارض إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل. وقالت:
"إنها دول أمنية وتريد علاقات أمنية مع إسرائيل".
الغارديان: قطار التطبيع قد يصل عُمان والبحرين وربما السعودية
MEMO: الإمارات تعمل ضد تركيا.. لكن إلى متى؟
MEE: إسرائيل وتيار بـالحزب الديمقراطي يرغبان بإسقاط عمر