لم يسبق مطلقا القيام برش الكثير من المواد الكيميائية على أطعمتنا وساحاتنا وملاعب أطفالنا كما هذه الأيام، لذلك ليس من الغريب أن يظهر مبيد "Roundup" الحشري الأكثر استخداما في العالم، في أجسامنا.
لكن ما يثير الدهشة، مدى سهولة إخراج هذه المادة من أجسامنا، بحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21".
دراسة جديدة نشرتها صحيفة "الغارديان"، وتمت مراجعتها مؤخرا، قامت بدراسة مستويات المبيدات الحشرية في أربع عائلات أمريكية لمدة ستة أيام على نظام غذائي غير عضوي، وستة أيام على نظام غذائي عضوي تماما.
التحول لنظام غذائي عضوي أدى إلى خفض مستويات المكون الرئيسي السام في مبيد "Roundup" وهو الغليفوسات، بنسبة 70 في المئة في ستة أيام فقط.
هذه الدراسة هي جزء من تحليل علمي شامل، يظهر أن التحول إلى نظام غذائي عضوي يقلل بشكل سريع ومثير من التعرض لمبيدات الحشرات.
وتم تصنيف الغليفوسات على أنه مادة مسرطنة محتملة منذ عام 1983 من وكالة حماية البيئة الأمريكية، ومع ذلك نما استخدام المادة الكيميائية بشكل كبير منذ ذلك الحين، خاصة مع هيمنة شركة المواد الكيميائية العملاقة "مونسانتو" على السوق.
وغطت العديد من التقارير وثائق الشركة الداخلية التي بينت كيف نجحت "مونسانتو" بالتأثير على وكالة حماية البيئة في قمع المخاوف الصحية.
وفي الواقع، وبدلا من تقييد استخدام "الغليفوسات"، رفعت وكالة حماية البيئة العتبة القانونية للمخلفات في بعض الأطعمة، بما يصل إلى 300 ضعف فوق المستويات التي كانت تعد آمنة في التسعينيات.
وعلى عكس المبيدات الحشرية شائعة الاستخدام، غضت الحكومة الطرف لعقود عن ما يتعلق بمراقبة الغليفوسات، حيث فشلت في اختباره على الأطعمة وفي أجسامنا.
التنظيم المتهور للوكالة، أدى إلى زيادة كبيرة في تعرض المزروعات للغليفوسات، وتظهر الأبحاث أن النسبة المئوية لسكان الولايات المتحدة الذين لديهم مستويات يمكن كشفها من الغليفوسات في أجسامهم، ارتفعت من 12 في المئة إفي منتصف السبعينيات إلى 70 في المئة بحلول عام 2014.
الدراسة الجديدة ترسم صورة أكثر إثارة للقلق، حيث وجد الباحثون الغليفوسات في كل مشارك، بما في ذلك الأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات.
وفيما تصنف الأطعمة غالبا ضمن المستويات التي يعتبرها المنظمون آمنة، إلا أن العلماء أوضحوا أن اللوائح الأمريكية لم تواكب أحدث العلوم، فهم يتجاهلون الآثار المركبة لتعرضنا اليومي للأطعمة التي تحتوي على مبيدات حشرية سامة ومواد كيميائية صناعية أخرى.
كما أنهم لا يراعون إمكانية تعرضنا لمخاطر أعلى في أوقات مختلفة من حياتنا وفي ظروف مختلفة مثل الأطفال ومرضى نقص المناعة.
وبدلا من ذلك، حدد المنظمون الأمريكيون مستوى " آمنا" واحدا لنا جميعا.
ويظهر بحث جديد أن المواد الكيميائية التي تدعى "مواد مسببة لاضطرابات الغدد الصماء"، يمكن أن تزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان، وصعوبات التعلم، والعيوب الخلقية والسمنة والسكري والاضطرابات الإنجابية، حتى عندما تكون المستويات صغيرة للغالية، ما يعادل قطرة واحدة في 20 مسبحا أولمبيا.
وربطت الأبحاث بين الغليفوسات والمعدلات المرتفعة لأمراض الكلى في المجتمعات الزراعية، والإجهاض لدى مجموعة من النساء في الغرب الأوسط. كما تربط الدراسات هذه المواد باضطراب الغدد الصماء، وتلف الحمض النووي، واضطراب ميكروبيوم الأمعاء ومرض الكبد الدهني.
وتسمح الولايات المتحدة بأكثر من 70 مبيدا محظورا في الاتحاد الأوروبي.
وفي السنوات القليلة الماضية فقط، وافقت وكالة حماية البيئة على أكثر من 100 منتج جديد من منتجات المبيدات الحشرية التي تحتوي على مكونات تعد شديدة الخطورة.
وتعد قدرة شركات مبيدات الحشرات على الاستمرار في جني الأرباح من منتجات تسممنا قدرة فظيعة، لأن لدينا الحل وهو التحول إلى الأطعمة العضوية. وليس من أجل صحتنا فقط، حيث تظهر الأبحاث أن التحول للأطعمة العضوية يؤدي إلى تحسينات كبيرة في التنوع البيولوجي والمعايير البيئية الأخرى، مع تحقيق عائدات كافية لضمان الحصول على تغذية جيدة.
وأعلن الاتحاد الأوروبي هذا الصيف عن خطط لخفض استخدام مبيدات الحشرات إلى النصف بحلول عام 2030، وتحويل 25 في المئة على الأقل من الزراعة إلى الزراعة العضوية.
ويستجيب عدد متزايد كل يوم من الأشخاص لشراء المنتجات العضوية، ولكن ماذا عن الكثيرين الذين لا يمكنهم الوصول إلى منتجات عضوية أو لا يستطيعون تحمل تكاليفها؟