يهدد افتقار البرلمان التونسي الحالي لأغلبية مريحة، بفشل حكومة هشام المشيشي، قبل أن ترى النور، وذلك لأنه بحاجة إلى 109 أصوات على الأقل ليعبر من بوابة البرلمان المنقسم بشكل كبير.
ويفتقر كل طرف في البرلمان إلى أغلبية مريحة تناهز الـ150 نائبا، كما كان عليه الوضع خلال بداية تحالف النهضة ونداء تونس في البرلمان الماضي على سبيل المثال.
ومن المنتظر أن يلتقي المشيشي مع ممثلي الأحزاب السياسية بعد عطلة عيد الأضحى، وفق ما نقله إعلام محلي.
وتباينت مواقف الأحزاب السياسية والائتلافات البرلمانية في تونس من قرار سعيّد تكليف المشيشي بين صمت مؤقت وترحيب ومساندة وعدم اعتراض، إضافة إلى غضب.
وأغضب هذا التكليف الرئاسي ائتلافات البرلمان، لأن المشيشي لم يكن ضمن المقترحات التي تقدّمت بها الأحزاب والكتل البرلمانية إلى الرئيس.
المشيشي اكتفى حتى الآن بلقاء ممثلي المنظمات الوطنية وبعض الجمعيات والنقابات والشخصيات المستقلة، ولم يقابل أي حزب وكأنه كان ينتظر مخرجات جلسة سحب الثقة من الغنوشي.
حكومة متحزبين
وفي حال توجه رئيس الحكومة المكلف، نحو حكومة من متحزبين، فسيكون أمامه معسكران، لا يملك أيهما أغلبية مريحة، أو يمكنه أن يوفر حزاما للحكومة المقبلة يساعده على تمرير القوانين بسهولة.
ففي حال اختار المشيشي حكومة من الكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب)، مع تحيا تونس، أي الحلف ذاته الذي طالب بسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، فنتائج الخميس الماضي من فشل اللائحة تثبت أن الحلف صاحب أقلية في البرلمان، ولا يمتلك حتى الأغلبية المطلقة 109 أصوات، ما يعني حظوظا ضئيلة لعبور حكومة المشيشي بهذه الحالة.
أما المعسكر الآخر، فأن يلجأ المشيشي إلى تكوين حكومة بوزراء من النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، وهذا يتعارض مع اختيار الرئيس قيس سعيد للمشيشي، وتوجهات قصر قرطاج الأخيرة.
وحركة النهضة أكدت تمسكها بإشراك حزب "قلب تونس"، وضرورة أن يكون للحكومة حزام سياسي واسع، فيما تمسك رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ برفض مشاركته، واعتبر أن قلب تونس موقعه الطبيعي المعارضة، ما يعني بالضرورة أن هذا توجه سعيد الذي اختار الفخفاخ بنفسه واختار خلفه المشيشي.
اقرأ أيضا: مهمة صعبة للمشيشي لتشكيل حكومة تونس.. هذه خطواتها
وهناك معسكر ثالث غير رئيسي، محسوب على أحزاب عرفت بارتباط أصحابها بالمنظومة القديمة لابن علي، والمعارضين بشكل عام للمسار الثوري منذ 2011، من نواب كتلة الدستوري الحر أو نواب كتلة الإصلاح.
ولكن هذا الحلف يرتكز على لاءات عديدة أهمها "النهضة خارج الحكومة" ولا يحظى بعدد مقاعد مريحة في البرلمان، ولا بحلفاء موثوقين، وسيكون صاحب أقلية، وسيحاول المعكسر الأول ضمه إليه، ولكن هذه الفرضية ستواجه النهضة وقلب تونس الحزبين الأكثر تمثيلا في البرلمان.
ويبدو "قلب تونس" مثل "الجوكر" في البرلمان، الذي صار طموح الجميع، وفي التصويت الأخير على الثقة للغنوشي، انحاز للنهضة، وكان بمثابة اختبار للتحالف بينه وبين الحركة، إلا أن الكثير من المراقبين لا يرون ثباتا في موقفه داخل البرلمان وأنه يجعل خياراته كلها مفتوحة.
حكومة كفاءات
والسيناريو الثاني، في حال اتجه المشيشي نحو حكومة كفاءات غير متحزبة، وهو ما يتم الترويج له بقوة، للخروج من دائرة الأحزاب وشروطها وطلباتها، يجعله مهددا برفض الأحزاب له في البرلمان ما يعني حل البرلمان وانتخابات مبكرة.
ولكن سبق أن أعلن رئيس الوزراء التونسي المكلف هشام المشيشي، الخميس، انفتاحه على كل المقترحات التي من شأنها المساهمة في تسريع تشكيل الحكومة المقبلة.
وبحسب الدستور التونسي، فإنه "إن لم يتم تكوين حكومة خلال أربعة أشهر منذ التكليف الأول (الفقرة الأخيرة من الفصل 89 من الدستور)، فإنه يمكن لرئيس الجمهورية الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، في أجل أدناه 45 يوما، وأقصاه 90 يوما.
وقالت أستاذة القانون الدستوري وعضو المكتب التنفيذي لجمعية القانون الدستوري هناء بن عبدة في حديث لـ"عربي21": "عند التكليف يتيح القانون للشخصية الأقدر مدة شهر لتشكيل الحكومة ويقدم حكومته لمنح الثقة، وعند الحصول عليها يقوم رئيس الجمهورية بتسميته رسميا وفوريا رئيسا للحكومة".
وأضافت أنه "في حال الفشل يتم حل البرلمان من رئيس الدولة بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 89".
هل أصبحت ديمقراطية تونس في خطر.. وما الذي يهددها؟
ردود فعل داخلية مرحبة وأخرى رافضة للتعديل الوزاري في تونس
سعيّد يتوعد "الخونة والعملاء" ويهدد بكشف المستور (شاهد)