نشرت
صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا سلطت الضوء فيه على "الخسارة"
التي تلحق بقوى الأمن الفلسطينية في حال تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي مخطط ضم أجزاء
من الضفة الغربية إلى سيادته.
وقالت في تقرير ترجمته "عربي21" إن أفراد قوى الأمن الفلسطينيين يعتقدون أنهم على الخط الأول للقتال من أجل بناء الدولة
الفلسطينية، ولكن ماذا سيحدث لو تلاشى مشروع الدولة؟
وأشارت
الصحيفة إلى أن مهمة عناصر الشرطة الفلسطينية صعبة فهم يواجهون اتهامات بـ"العمالة"،
لأنهم يقومون بأعمال نيابة عن "إسرائيل". وفي المقابل يتعامل معهم الإسرائيليون
بـ"قسوة وقلة احترام".
ويقول
بعض ضباط الشرطة الفلسطينية إن هذا هو الثمن المر للوظائف التي جلبت لهم منافع مثل:
رواتب، وتقاعد، وللبعض سيارات، وتدريب في الخارج، وقرب من السلطة.
اقرأ أيضا: لهذه الأسباب يتمسك الاحتلال بالضفة ويرفض الانسحاب
وأثارت تهديدات إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية الشكوك حول كامل المشروع الوطني الفلسطيني، حيث بدأ بعض الضباط بالتساؤل عن "الثمن الذي دفعوه وإن كان يستحق كل هذا".
وقال مسؤول أمني في مدينة جنين "كأنك تبني بيتا وينهار كل شيء".
وفي
سلسلة من المقابلات الخاصة مع ضباط فلسطينيين في الضفة الغربية، وصفوا فيها بصراحة
"نظام حفظ النظام الذي يتهاوى بشكل يفتح المجال للعنف والفوضى"، وفق ما
نقلت الصحيفة.
وفي
رد على خطط الضم الإسرائيلية، أوقفت السلطة الوطنية الفلسطينية كل أشكال التعاون والتنسيق
الأمني مع "إسرائيل"، بشكل أضعف عمل الشرطة والاستخبارات الذي كان يجلب المنفعة
للطرفين.
وتوقفت
السلطة عن قبول الضرائب التي تجمعها "إسرائيل" نيابة عنها مما أدى لأزمة
مالية لدى السلطة.
ولا
يتلقى معظم الضباط إلا جزءا من رواتبهم، وبات البعض منهم لا يحضر للعمل. ومن يوقع منهم
على الحضور إلى مركز عمله يقضي الوقت في احتساء القهوة ولا يرد على المكالمات، وهناك
مخاطرة باعتقاله على يد قوات الأمن الإسرائيلية، مما ترك مناطق واسعة بدون حماية الشرطة.
وتعلق
الصحيفة أن قوات الأمن الفلسطينية لعبت "دورا معقدا"، وأصبحت أكثر حرفية
في السنوات الماضية، مع أنها ظلت "أداة للسيطرة السياسية والأمنية أيضا".
ونظرا لخشيتها بعد خسارة غزة لصالح حركة "حماس" عام 2007، كانت قوات الأمن أداة
مهمة في تمكين حركة فتح من المحافظة على الضفة الغربية.
وتقول
جماعات حقوق الإنسان إن قوات الأمن الفلسطينية عذبت بعض نقاد السلطة الوطنية.
وأظهرت الاستطلاعات أن الفلسطينيين يثقون بقوات الأمن الفلسطينية أكثر من قادة السلطة.
والمعضلة
بالنسبة للقوى الأمنية نابعة من "سحق حلم الدولة"، فلو حدث الضم فسوف "تخسر
كثيرا".
ويقول
محافظ جنين أكرم الرجوب الذي قاد سابقا قوات الأمن الوقائي "دولة، دولة، دولة..
والآن هناك من يقول لن تحصل على واحدة"، مضيفا: "أين ذهبت كل جهود الدولة؟
وأين ذهبت كل هذه الاستثمارات؟ وماذا سنقول
لأطفالنا؟".
وأضافت
الصحيفة أن العقيد سعيد زهران كان طفلا في بلدة القبيبة (شمال غربي القدس) عندما قتل طفلان في القرية،
حيث حضر محققون إسرائيليون وخربشوا بعض الملاحظات وذهبوا، ولم يتم حل لغز الجريمة،
وهو ما أعطاه فكرة أن الإسرائيليين لا يهتمون بالجريمة وسط الفلسطينيين.
وقال
إن الحادث كان وراء انضمامه للشرطة الفلسطينية عندما أنشئت في التسعينات من القرن الماضي.
واعتقد أن الفلسطينيين يستطيعون الاعتماد على أنفسهم،
ولكن زهران، 51 عاما، وحتى عندما كان قائدا لمنطقة نابلس لم تكن لديه إلا سلطة محدودة
لتحقيق العدالة وتوفير الحماية. فالتعاون الأمني الإسرائيلي- الفلسطيني لم يكن متبادلا
كما يقترح كان منصوصا عليه في التفاهمات.
وتخضع
الضفة الغربية للحكم العسكري الإسرائيلي، ففي الوقت الذي كانت فيه القوات تدخل كل المناطق
كان على قوى الأمن الفلسطينية الحصول على إذن لدخول المناطق الخاضعة لسيطرة "إسرائيل".
وعندما
كانت القوات الإسرائيلية تدخل مناطق الفلسطينيين طلب من قوات الأمن إخلاء المنطقة،
لتجنب الصدام أو الإحراج وحتى لا تظهر أنها تعمل إلى جانب الإسرائيليين.
وفي الوقت الذي كانت فيه قوات الأمن الفلسطينية تسارع
بالرد وتقديم المساعدة للجانب الإسرائيلي، إلا أن مطالب المساعدة الفلسطينية يتم تجاهلها
من قوات الأمن الإسرائيلي.
وقال العقيد زهران: "عادة ما نواجه خلافات عائلية"، ولكنها تحدث في مناطق لا يمكن للشرطة دخولها بدون موافقة إسرائيلية.
اقرأ أيضا: دبلوماسي أمريكي يحذر من ضرر الضم بالضفة.. "سيرتد علينا"
وفي
العام الماضي استدعيت الشرطة الفلسطينية لحل خلاف نشب في بلدة حارس (شمال القدس)، ولكنها انتظرت ساعات للحصول
على موافقة إسرائيل. ولكن العقيد زهران فقد الأمل وقرر الدخول بالزي المدني بدون مرافقة
أمنية.
ويظهر
الإحباط كما يقول عندما تقوم الشرطة بإحالة حالات للمحاكمة في إسرائيل لكن يتم إسقاطها.
وفي
آب/أغسطس العام الماضي تعرض ضابط فلسطيني كان يحقق في "تدمير محل بقرية عزون (شرقي قلقيلية)"
للدهس من إسرائيليين. وتم تصوير الجريمة التي فيها الإسرائيليون.
وقال العقيد زهران إنه قدم ملفا كاملا بالتفاصيل للشرطة الإسرائيلية التي أفرجت عن الإسرائيليين بعد أيام بدون توضيح. ويعلق زهران: "ماذا عن ضابط الشرطة الفلسطيني الذي كاد أن يقتل؟".
وفي نيسان/أبريل ألقي القبض على إسرائيلي ببلدة
قلقيلية وبحوزته 700 غرام حشيش.
وبموجب
اتفاق أوسلو فيجب على السلطة تسليم أي إسرائيلي إلى الشرطة الإسرائيلية، والتي أفرجت
عنه بعد ساعة مما أثار الغضب على العقيد زهران ورجاله.
وتساءل
العقيد: "صدقا، كيف سأدافع عما فعلنا؟". ولم يرد المسؤولون الإسرائيليون على
اتهامات العقيد زهران، لكنهم اعترفوا أن حالات الضفة الغربية يتم إسقاطها عندما يكون
الضحايا فلسطينيون. وأكدوا أن اهتمامهم هو "مكافحة الإرهاب لا مكافحة الجريمة".
وقال
دوي سيداكا، مدير الإدارة المدنية السابق إن الشرطة الإسرائيلية "تفضل التعامل
مع قضايا داخل إسرائيل، وجرائم الضحايا فيها إسرائيليون"، مضيفا: "الموضوع
لا علاقة له بقدرتنا على جمع الأدلة، ولكن كم من الجهد نريد استنفاده فيها".
وفي
الوقت الذي تتم فيه السخرية من دور الأفراد التابعين للشرطة الفلسطينية في العلاقة
مع "إسرائيل"، إلا أن هناك منافع يمكن رؤيتها في مجال حفظ النظام.
وبالمقارنة يتم النظر لضباط الاستخبارات "نظرة
شك"، ولتعاونهم مع الأمن الإسرائيلي وملاحقة جماعات مثل "حماس".
وعادة ما يؤدي اعتقال ناشطين إلى حملة انتقادات واسعة
على الإنترنت ضد القوى الأمنية.
وقال مسؤول أمني بارز: "يحتاج كل ضابط للحديث
مع أبنائه، ليبرر لهم عمله". و"أخبرهم أننا جميعا تحت الاحتلال وأننا الضباط نخدم
شعبنا أولا، وإن لم نتواجد هناك فسيعاني الشعب".
وقال إنه أكد لأبنائه أنه "يضع الأسس لدولة فلسطينية، وهذا يعني اعتقال المتشددين الذين يهددونا الاستقرار في الضفة". إلا أن هذا العمل يبقى محل معاناة "بسبب اختلال العلاقة مع إسرائيل".
وعندما
كان يقوم المسؤول الأمني بعملية اعتقال في جنين اكتشف وجود القوات الإسرائيلية وكان
عليه الانسحاب.
ويشير
إلى أن القوات الإسرائيلية "يقولون إن عملنا أهم"، و"أحيانا لا يخبروننا
أنهم قادمون"، وفي أحيان أخرى "يبلغوننا بعد وصولهم".
اقرأ أيضا: مسؤول أمريكي يشكك بتنفيذ نتنياهو لخطة الضم بالضفة
ويقول
المسؤولون الإسرائيليون إنهم يفضلون التعاون، ولكن توغلاتهم عادة ما تحدث بسبب عدم
استعداد قوات الأمن لاعتقال فلسطينيين متشددين من حركة فتح.
ويقول
نتزان أبون، الجنرال المتقاعد الذي قاد القوات الإسرائيلية في الضفة: "في الحقيقة
لدينا قوة أكبر، ولكننا نحاول عدم إظهار هذا".
وتقول
قوات الأمن إن وقف التعاون الأمني جعلهم يشعرون باحترام الناس لهم. لكن الوضع الجديد
يجبرهم أحيانا على قرارات خطيرة. فهم الآن لا يطلبون إذنا من القوات الإسرائيلية، ولهذا
يسافرون بالزي المدني وبسيارات مدنية وعند نقاط التفتيش يخترعون قصصا عن سبب تواجدهم.
وفي بلدة عناتا (شمال شرقي القدس) الشهر الماضي حاول
ضابط غير مسلح اعتقال شخصين اتهما ببيع المخدرات وكان عليه تركهما لأنه لم يستطع طلب
تعزيزات أمنية.
ويقول الضابط الأمني البارز إن المشكلة تبدو في المناطق
التي يحتاجون فيها لموافقة إسرائيلية، ومن الصعب دخولها بدون سلاح. وينتشر فيها تهريب
السلاح ولا أحد يراقب.
وعلق: "هذه الأسلحة ستقع في أيدي أشخاص يدمرون كل ما أنجزناه".
الغارديان: عمّان تلمح إلى النظر بإيجابية لحل الدولة الواحدة
صحيفة: القدس المحتلة "نموذج بائس" لشكل الأراضي بعد الضم
الغارديان: سكان أريحا والغور يخشون من عزلهم عن الضفة