ملفات وتقارير

حشود متواصلة للجيش الليبي قرب سرت.. وهذا التحدي الأكبر

أكد الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق أنه "ينتظر إشارة البدء يالتقدم باتجاه سرت"- قوات بركان الغضب

يواصل الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق، حشوده العسكرية، تمهيدا لاستعادة مدينتي سرت والجفرة، بالتزامن مع تهديدات رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي بتدخل جيشه بشكل رسمي في ليبيا، لمساندة قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر.


ونشر الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الاثنين، صورا تظهر جانبا من التعزيزات العسكرية واللوجستية، التي تصب تباعا لدعم محور سرت والجفرة، تنفيذا لتعليمات قادة العمليات، بحسب ما أوردته صفحة "عملية بركان الغضب" بموقع "فيسبوك".

 


وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم قوات بركان الغضب، مصطفى المجعي، إن قوات الجيش تنتظر إشارة البدء للتقدم باتجاه سرت، بعد أن أكلمت كافة التجهيزات والتحضيرات اللازمة للعملية.


وأضاف المجعي في حديث خاص لـ"عربي21" أن الهجوم متوقع أن ينطلق في "أي لحظة"، مشيرا إلى أن الأيام القليلة القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت على كافة الأصعدة.


وتزامنا مع هذه الاستعدادات، تواجه الجبهة الداخلية لقوات حفتر، تململا واحتقانا بعد هزائمها الأخيرة بالمنطقة الغربية، ووقوع اشتباكات فيما بينها بالهلال النفطي، ومظاهرات منددة بالاختطافات والقتل تحت التعذيب في محافظة الجفرة وسط البلاد وفي شرق البلاد.


فاغنر التحدي الأكبر


ووفق تحليل نشرته وكالة "الأناضول"، لا تشكل مليشيات حفتر التحدي الأكبر، بالنسبة للجيش الليبي ولا حتى المرتزقة السودانيون والتشاديون، لكن مرتزقة شركة فاغنر الروسية يمثلون أكبر تهديد أمام عملية السيطرة على مدينة سرت الساحلية (450 كلم شرقي طرابلس)، وقاعدة الجفرة الجوية (650 كلم شرقي طرابلس).


ويتراوح عدد مرتزقة فاغنر في ليبيا ما بين ألفين إلى 2500 عنصر، وازدادت خطورتهم بعد تزويدهم بـ14 طائرة حربية على الأقل من نوع ميغ29 وسوخوي24، ناهيك عن طائرات بدون طيار أغلبها صينية من نوع وينغ لونغ، ومنظومات دفاع جوي روسية الصنع من نوع بانتسير.


ولغّم مرتزقة فاغنر خط جبهة سرت، لعرقلة أي تقدم للجيش الليبي، وإيقاع أكبر قدر من الخسائر حتى بعد انتهاء المعارك، على غرار ما فعلته في الأحياء الجنوبية لطرابلس، وكما سبق أن لغم تنظيم الدولة سرت نفسها في معارك 2016.

 

اقرأ أيضا: تعزيزات "نوعية" تصل سرت بينها هذه المنظومة التركية


لكن وسائل إعلام محلية وعربية، تحدثت نقلا عن مصادر عسكرية، أنه تم رصد انسحاب مرتزقة فاغنر من غرب سرت نحو شرقها باتجاه موانئ الهلال النفطي، كما أنها أعادت انتشارها في الجفرة، حيث انسحبت من مدن هون وسوكنة وودان، إلى زلة النفطية شرقي الجفرة.


وإذا انسحبت فاغنر بمعداتها الثقيلة من الجفرة وسرت، فإنه من الصعب على مليشيات حفتر المقاومة لفترة طويلة. وهذا ما تجلى واضحا في معركة طرابلس، فبمجرد انسحاب فاغنر إلى مدينة بني وليد (180 كلم جنوب شرقي طرابلس)، لم تلبث مليشيات حفتر أن انهارت في كامل المنطقة الغربية خلال أيام فقط.

لذلك فإن هناك من يرجح قرب التوصل لاتفاق سياسي يسمح للجيش الليبي بدخول سرت وربما الجفرة بدون قتال، مع فتح حقول وموانئ النفط، المغلقة منذ 17 كانون الثاني/ يناير الماضي.


وهو ما ذهب إليه المبعوث الشخصي لرئيس الحكومة الليبية إلى دول المغرب العربي، جمعة القماطي، حيث قال في تغريدة له، الأحد: "إطلاق سراح المعتقلين الروسيين (2) اليوم، وتفاهمات أخرى مع روسيا ستقود إلى تحرير سرت والجفرة قريبا، وتحطيم عنتريات أي خطوط حمر وهمية!".


ويضيف القماطي: "استئناف تصدير النفط (مصدر قوت كل الليبيين)، وخروج حفتر وأبنائه من المشهد بالكامل شرطان أساسيان قبل الذهاب إلى أي مسار سياسي ينهي الأزمة في ليبيا".


ورغم تهديدات النظام المصري بالتدخل عسكريا في ليبيا إن تم تجاوز خط سرت الجفرة، إلا أن لهجة التهديد هذه خفت في ظل رفض ليبي ودولي لهذا الخيار، وبداية حديث عن "السلام" و"الحل السياسي".

 

دعم لوجيستي


وأعلن مجلس الدفاع الوطني بمصر، الأحد "الالتزام بالحل السياسي كسبيل لإنهاء الأزمة الليبية".


ويتوقع ضباط ليبيون أن يقدم النظام المصري دعما لوجيستيا لمليشيات حفتر ومسلحي القبائل، وربما قصفا جويا محدودا، لكن يستبعدون تورطا شاملا في حرب طويلة الأمد بليبيا، خصوصا في ظل التهديدات التي يشكلها سد النهضة الإثيوبي على حصة البلاد من مياه النيل.


أما المرتزقة السودانيون والتشاديون والذين يمثلون كتلة وازنة من حيث العدد في مليشيات حفتر، فتهديدهم أقل نظرا لمحدودية أسلحتهم، كما أن الحكومة السودانية بدأت في تضييق الخناق على الراغبين في الالتحاق بالحرب في ليبيا من أجل المال.


واعتقلت السلطات السودانية 525 مرتزقا على ثلاث دفعات، منذ شباط/ فبراير الماضي إلى غاية الأحد الماضي، كانوا في طريقهم للقتال في ليبيا.


ويمثل المرتزقة أكثر من 80 بالمئة من قوام مليشيات حفتر، بحسب اللواء أسامة الجويلي، قائد المنطقة الغربية في الجيش الليبي.


اقرأ أيضا: صحيفة: خطة تركية بمرحلتين لمواجهة تدخل مصر بليبيا


تواجه الجبهة الداخلية لمليشيات حفتر احتقانا أمنيا واجتماعيا، تجلى ذلك في الاشتباكات التي جرت بالهلال النفطي بين مجموعتين مسلحتين تابعتين لها، والمظاهرات الاحتجاجية ضد عمليات القتل والخطف في وسط وشرق البلاد.


وتحدثت المؤسسة النفطية عن وقوع اشتباكات (الجمعة والسبت)، بين قوات الصاعقة وحرس المنشآت النفطية التابعين لمليشيات حفتر، بالقرب من ميناء البريقة النفطي، باستخدام أسلحة متوسط (مدافع رشاشة عيار 23 ملم، وقذائف آر بي جي) على بعد مئات الأمتار من خزانات النفط.


ودعت مؤسسة النفط لإخراج "مرتزقة فاغنر والسوريين والجنجويد" من منشآتها، وهو ما يكشف هوية المسلحين المتواجدين في منطقة الهلال النفطي.


لكن ليس الاقتتال بين مليشيات حفتر بالأسلحة المتوسطة بالقرب من خزانات النفط وحده ما يقلق الليبيين، إذ إن عمليات القتل تحت التعذيب والاختطاف أخرجت الناس في مظاهرات للتنديد بها، مُتحدّين ما قد يطالهم على يد هذه المليشيات غير المنضبطة.


ففي هون، القريبة من قاعدة الجفرة الجوية، اختطفت مليشيات حفتر ثلاثة شبان كلا على حدة، وقتلتهم تحت التعذيب، بحسب وسائل إعلام محلية، وخرجت مظاهرات منددة بهذه الجرائم.


وحالة الاحتقان في الجفرة، طالت أيضا مدينة شحات (شرقا) حيث تظاهر سكان من قبيلة الحاسة، في 10 تموز/ يوليو الجاري، للتنديد باستمرار اختطاف وتغييب وزير المالية بالحكومة الموازية (غير معترف بها دوليا) كامل الحاسي، منذ أيار/ مايو الماضي، والمواطنة مقبولة الحاسي (75 سنة) التي اختطفتها مليشيات حفتر في مدينة بنغازي (شرقا)، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019.


وفي ظل هذا الاحتقان الشعبي، والحشود العسكرية، والمفاوضات الدولية، فمن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مهمة لمستقبل سرت والجفرة وأيضا الهلال النفطي، إما نحو حل سياسي أو مزيد من الاحتقان.