نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا سلطت فيه الضوء على خلفيات تصريحات مثيرة أطلقها وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، مؤخرا، تعقيبا على تقارير بشأن عزم الولايات المتحدة سحب قوات البلد الأهم في القارة العجوز، على وقع توتر بين برلين وواشنطن.
وأشارت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى توجيه "ماس" انتقادات حادة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ اتهمه بالشعبوية والمساهمة بتقسيم المجتمع في الولايات المتحدة وبتعريض الصحفيين للخطر بتأجيجه أنصاره ضدهم.
ولم يتوقف كبير الدبلوماسية الألمانية عند ذلك الحد، إذ نعت، في حديثه لصحيفة "بيلد أم سونتاغ" مؤخرا، الصين بالقوة العظمى المستقبلية، وحث الاتحاد الأوروبي على عدم حصر التعاون مع بكين في القضايا التجارية والاقتصادية.
وجاءت تلك التصريحات بعد أن كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلا عن مصدر في الإدارة الأمريكية، أن ترامب أمر بسحب تسعة آلاف و500 جندي من ألمانيا بحلول أيلول/سبتمبر المقبل. ووفقا لصحيفة "دير شبيغل" الألمانية فإن البنتاغون قد يسحب حوالي 15 ألف جندي خلال أشهر.
ونقلت "فزغلياد" عن المحلل السياسي الألماني، ألكسندر راهر، أن الانسحاب الأمريكي من ألمانيا لم يكن متوقعا، لا سيما وأن برلين ظلت لسنوات عديدة الحليف العسكري الرئيسي لواشنطن في أوروبا، ناهيك عن تشكيلها قاعدة لتخطيط الولايات المتحدة لعملياتها العسكرية في الشرق الأوسط.
وأضاف راهر، أن الخطوة تشكل مفاجأة كبرى بالنسبة لبعض الألمان، وخبرا صدم الكثيرين، فيما ترى النخب أن ترامب يحاول وحسب الانتقام من ميركل لمعارضتها سياساته، ورفضها حضور قمة مجموعة السبع، وتحديها واشنطن بشأن مشروع "نورد ستريم 2"، فضلا عن خلافات الجانبين بشأن روسيا والصين.
وردا على ذلك، يحاول ترامب تأديب ألمانيا، بحسب "راهر"، الذي رأى أن القوات المنسحبة ستحط على الأغلب في بولندا، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم الانقسام العسكري- السياسي في أوروبا.
وفي الواقع فإن وجهات نظر الألمان بشأن وجود القوات الأمريكية في البلاد متباينة. ويوضح راهر: "إذا تحدثنا عن النخب، فإن اليسار هو الذي يدعو إلى سحب القوات الأمريكية، لا فقط من ألمانيا، ولكن أيضا من كل أوروبا. في الوقت نفسه، صدم قرار ترامب الديمقراطيين المسيحيين، كونهم يرون أنه لا بديل للتحالف الاستراتيجي مع واشنطن. ولكن، هنالك تناقضات في أوساط الحزب الديمقراطي الاشتراكي، الذي لا يريد فقدان العلاقة مع أمريكا من جهة ويرغب في تكوين سياسة دفاع أوروبية خاصة من جهة أخرى".
اقرأ أيضا: ميركل ترفض دعوة ترامب لحضور قمة مجموعة السبع في واشنطن
ويشير راهر أيضا إلى أن انتقاد ماس لترامب ليس سوى تدخل لصالح الديمقراطيين ومرشحهم جو بايدن للانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة، ضد الرئيس الجمهوري.
ومن جهته، ذكر الخبير في الشؤون الأمريكية، دميتري دروبنيتسكي، للصحيفة، أن "الجميع يتدخل في الانتخابات، ومن الصعب إلى حد ما بناء نموذج علاقات دولية يستبعد التدخل الخارجي. علاوة على ذلك، بدأ الانقسام في المجتمع الأمريكي قبل وقت طويل من وصول ترامب إلى السلطة".
وتابع: "عدا ذلك سوف تكون العلاقات مع أوروبا براغماتية للغاية حتى لو وصل الديمقراطيون إلى السلطة مجددا في واشنطن. لذلك، من الأفضل لألمانيا التركيز على الحفاظ على استقلال معين لأوروبا مع فرنسا".
وبينت الصحيفة أن آراء القوى الأخرى في القارة بخصوص الانتخابات في الولايات المتحدة منقسمة، فعلى سبيل المثال، من المرجح أن تراهن حاشية رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على ترامب. وينطبق الشيء ذاته على دول الكومنولث، باستثناء كندا، التي اتخذت موقفا ليبراليا مناهضا تماما لترامب. وعلى النقيض من ذلك، يتعاطف رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون مع الديمقراطيين، بينما، يعتمد كل شيء في إيطاليا على نتائج الصراع السياسي الداخلي، بحسب دروبنيتسكي.
وفي الختام، تطرقت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة لا تعتبر رأي الأوروبيين مهما، كما لا يهتم الجمهوريون عادة بما يفكر به من هم على الضفة الأخرى للأطلسي. لذلك، من المرجح أن تستخدم حاشية بايدن أطروحة الوحدة عبر الأطلسية باعتبارها دعاية رديفة لا أكثر.
NYT: هؤلاء الزعماء الجمهوريون ليسوا من مؤيدي ترامب
NYT: حلفاء ترامب "المحاصر داخليا" يتخلون عنه
LAT: ترامب يتجه لعسكرة الأزمة ويجب منعه