قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن أمريكا فشلت في تقديم مبادئ أساسية جسدها الدستور، وأهمها الحق في الحياة، وإن الاحتجاجات لن تتوقف ما لم تتوقف وحشية الشرطة، وقالت في تقرير آخر إن الحادثة فتحت بابا من الانتقادات العالمية لقوات الشرطة الأمريكية، والرئيس دونالد ترامب وإدارته.
وأشارت الصحيفة إلى لافتة حملها طفل أسود عمره خمسة أعوام في احتجاجات بتامبا "توقفوا عن قتلنا" ولكن الرسالة لم تصل بعد إلى أصحاب القرار.
الأسبوع الماضي قتل جورج فلويد. وقبله قتلت برينونا تيلور، العاملة في الطوارئ في شقتها عندما داهمتها الشرطة. وقبلها كان لوكوان ماكدونالد وإريك غارنر ومايكل براون وساندرا بلاند وتامي رايس وولتر سكوت والتون ستيرلينغ وفيلندا كاستيل وبوتام ديام وأحمدو ديالو، والقائمة طويلة.
وتم تقديم 18 شكوى ضد ديريك شوفين رجل الشرطة الذي جثا على رقبة فلويد حتى وفاته.
وقالت الصحيفة إن معظم التظاهرات كانت سلمية، وأخرى ليست كذلك، حيث تم فيها استهداف الشرطة ولكن طريقة تعامل الأخيرة معها مهمة جدا، فالشرطة هي التي تبادر بالعنف من خلال ضرب المتظاهرين وملاحقة الرجال الكبار بالعمر ورش الأطفال بالفلفل الحارق.
وأشارت لما كتبه داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ عام 1967 أن العنف "مدمر اجتماعيا وهازم للذات". وفي نفس المقالة قال: "من المهم بالنسبة لي أن أكون دقيقا في نقد الظروف التي تجعل الشخص يشعر بالحاجة إلى نشاطات شغب كما هي الحاجة لشجبها مني".
اقرأ أيضا: قتيلان بمظاهرات إلينوي واتساع رقعة الاحتجاج بأمريكا (شاهد)
وقال كينغ: "في التحليل النهائي الشغب هو لغة من لا يستمع لهم (...) وطالما أرجأت أمريكا العدل فإننا سنظل نواجه حالات من العنف والشغب مرة بعد الأخرى".
واقترحت الصحيفة عددا من الخطوات لحماية المواطنين وعدم خوفهم من الذين أوكلت لديهم مهمة تطبيق القانون، مثل تحديد طرق استخدام القوة سواء إطلاق النار أو القتل، ويجب عدم السماح لهم بخنق الناس، ويجب على رجال الشرطة وقف زملائهم عن استخدام العنف.
ودعت الصحيفة لمراجعة عقود توظيف رجال الشرطة التي تتفاوض فيها النقابات الخاصة بهم وتحتوي على بنود محبذة تحميهم من العقاب وتثبط همة الرأي العام عن تقديم شكاوى ضدهم.
ودعت الصحيفة إلى تقليل الأدوات العسكرية في يد الشرطة، فعندما يكون لديها سلاح فأي متظاهر يبدو في نظرها مقاتلا. وقد قلل باراك أوباما أنواع معينة من السلاح للشرطة لكن ترامب قام برفع الحظر.
وفي تقرير آخر، أشارت الصحيفة إلى أن الحادثة تحولت إلى "غضب عالمي"، وفتحت الباب على مصراعيه لانتقادات دولية لترامب وإدارته.
ونشرت الصحيفة تقريرا للصحفيين خافيير هرنانديز وبنجامين مولر قالا فيه إن الحادث أثار موجة من الاحتجاجات الشعبية على مستوى العالم على مدى الأيام القليلة الماضية، حيث قام المتظاهرون بالتعبير ليس فقط عن تضامنهم مع نظرائهم الأمريكيين ولكن عن شجبهم للتمييز العنصري في بلدانهم.
واستغل بعض المنتقدين، وخاصة في الصين وإيران، الحادثة لصرف النظر عن مشاكلهم، وقالوا إن ما حصل يعكس ما أسموه النفاق والغطرسة لإدارة ترامب التي تتزايد عزلتها.
وجاءت الانتقادات من شوارع برلين ولندن وباريس وفانكوفر وكولومبيا البريطانية وعواصم إفريقية ومن أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط.
وقام فنانان سوريان برسم جدارية في إدلب المحاصرة. وقدم المتظاهرون اللبنانيون والتشيليون النصائح حول الوقاية من اعتداءات الشرطة.
اقرأ أيضا: احتجاجات وتظاهرات بدول عدة تنديدا بالعنصرية الأمريكية
وفي لندن تظاهر الآلاف حول السفارة الأمريكية متحدين قيود البقاء في البيت وهتفوا باسم فلويد وشعارات "لا أستطيع التنفس" و"لا سلام بدون عدل"، قبل أن يتوجهوا إلى برج غرينفل الذي مات في حريق طاله عام 2017 العديد من سكانه العرب والمسلمين والأفارقة.
وفي تورونتو، اختلطت الدعوات لإنهاء العنصرية الأمريكية بالغضب على وفاة ريغس كورتشنسكي- باكويت (29 عاما)، امرأة سوداء قالت الشرطة إنها سقطت من شرفة منزلها بعد وصول الشرطة إليه.
وفي باريس كان بين الداعين للتظاهر عائلة أداما تروري، شاب أسود عمره 24 عاما توفي بعد قيام الشرطة باعتقاله عام 2016.
وعكس الشجب الواسع جزئيا ما يدعوه الناقدون تآكل السلطة الأخلاقية الأمريكية. ويواجه الرئيس ترامب الانتقاد لطريقة تعامله مع جائحة فيروس كورونا والذي جعل أمريكا تتخلى عن دورها الريادي في أوقات الأزمات.
وكما احتج المتظاهرون الأمريكيون على النسبة الأعلى من ضحايا فيروس كورونا في مناطق السود والمهاجرين، قام المتظاهرون في أنحاء العالم بالاحتجاج على الفروق الكبيرة التي كشفتها الجائحة. ففي إنجلترا وويلز مثلا، احتمال وفاة السود بالفيروس أكبر بمرتين من احتمال وفاة البيض بنفس المرض.
وفي برلين احتج آلاف المتظاهرين بشكل سلمي خارج السفارة الأمريكية يوم السبت، بعضهم حمل لافتات كتب عليها "توقفوا عن قتلنا".
وفي وسط مونتريال، تحولت مظاهرة يوم الأحد إلى عنف بعد أن اعتبرتها الشرطة غير شرعية. ورد المتظاهرون برمي الأشياء على الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل.
وفي محافظة إدلب شمال غرب سوريا قام فنانان برسم جدارية تحمل صورة فلويد على واجهة بناية مدمرة وكتب عليها عبارة "لا أستطيع التنفس" و"لا للعنصرية".
وفي الصين حيث استاء المسؤولون بشكل كبير من انتقادات ترامب للطريقة التي تعاملوا بها مع تفشي فيروس كورونا، أبرز الإعلام الحكومي التقارير التي تتحدث عن وفاة فلويد وصورت المظاهرات على أنها مؤشر آخر على تراجع أمريكا.
وقال بيير هاسكي، الصحافي الفرنسي الشهير على موقع France Inter: "ما كانت بيجين لتحلم بهدية أفضل من هذه.. فالبلد التي تصنف الصين على أنها المتهمة بكل الشرور احتلت العناوين حول العالم في أحداث الشغب في المدن".
وبعد اتهامات أمريكية للصين بانتهاك حقوق الإنسان في هونغ كونغ، كتبت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، هوا تشوينغ على تويتر: "لا أستطيع أن أتنفس".
وقام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بنشر صورة معدلة لبيان من مسؤولين أمريكيين عام 2018 يشجب إيران بسبب فسادها وغياب العدالة، حيث أزاح كلمة إيران ووضع بدلا منها "أمريكا".
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، موسى فكي محمد، في بيان له إن موت فلويد كان قتلا وانتقد "استمرار الممارسات العنصرية ضد المواطنين السود في أمريكا".
وكتب غيلس باريس، مراسل صحيفة ليموند في واشنطن أن ترامب يواجه "ربيعا قاتلا" خليط من كوفيد-19 وبطالة، و"عودة لشياطين العنصرية الأمريكية".
وقال الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين: "سيتم التعامل مع كل القضايا بشكل سريع وباحترام كامل لحكم القانون وحقوق الإنسان".
كما جلبت الاضطرابات النصح للمتظاهرين الأمريكيين حول كيفية إبقاء المظاهرات حية.
فقامت مجموعة في لبنان بتجميع وثيقة بعنوان: "من بيروت إلى مينيابوليس: دليل الاحتجاج"، كطريقة لتتبع اعتداءات الدولة.
ومن تشيلي حذرت الناشطة دنائي براديناس على تويتر المتظاهرين لحماية أعينهم من رصاص الشرطة المطاطي.
وقد أصيب مئات المتظاهرين التشيليين في أعينهم أو فقدوها بسبب الرصاص المطاطي بينما كانوا يحتجون ضد عدم المساواة في تشرين أول/ أكتوبر الماضي.
ويتم تداول علم تشيلي كتب عليه "لا أستطيع أن أرى" وعلم أمريكي كتب عليه "لا أستطيع أن أتنفس" على منصات التواصل الاجتماعي.
وشجب عضو البرلمان التشيلي اليساري غبرائيل بوريك العنصرية في أمريكا وفي تشيلي ضد المهاجرين والسكان الأصليين على حسابه على تويتر وكتب: "كلنا جورج فلويد".
وفي أستراليا كان تم تداول هاشتاغ (حياة السكان الأصليين ذات قيمة). وأشار البعض إلى أن أكثر من 400 من سكان أستراليا الأصليين ماتوا في الاعتقال منذ عام 1991 دون أن تتم محاكمة شرطي واحد.
وقالت عائلة ديفيد دانغي، أحد سكان استراليا الأصليين الذي كرر "لا أستطيع أن أتنفس" 12 مرة قبل أن يموت بينما كانت الشرطة تحاول وضع القيود في يديه عام 2015، إن مشاهدتهم لوفاة فلويد آلمهم وجعلهم يطالبون بتحقيق آخر في وفاة ابنهم.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، إن فيديو وفاة فلويد صادم جدا وأنه يأمل ألا يقلد الأستراليون ردة الفعل المدمرة في المدن الأمريكية.
وقال بيجامين لو، الكاتب الأسترالي الآسيوي، على تويتر: "ما بال كل هؤلاء البيض يستشهدون بمارتن لوثر كنغ بالرغم من أنهم لم يقرؤوا شيئا عن كنغ أكثر من عبارة ولم يشاهدوا أكثر من لقطة فيديو مدتها 30 ثانية حيث يقول 'لدي حلم'".
ماذا وراء مساعي الولايات المتحدة نشر قوات عسكرية في تونس؟
هل تُسقط الاحتجاجات ترامب من على عرش البيت الأبيض؟
هكذا يسعى اليمين المتطرف لجر احتجاجات السود نحو حرب أهلية