صحافة دولية

ذي انترسبت: ترامب مسؤول عن وفاة مئة ألف أمريكي بكورونا

خبير أوبئة أمريكي قال إنه كان بالإمكان تجنب وفاة أكثر من 90 بالمئة لو اتخذ ترامب سياسات أخرى- الأناضول

نشر موقع "ذي انترسبت" مقالا، للصحافي مهدي حسن، حمل فيه الرئيس دونالد ترامب، المسؤولية عن وفاة أكثر من 100 ألف أمريكي بسبب فيروس كورونا، مشيرا إلى أن إحصائيات جامعة جونز هوبكنز كشفت عن تجاوز عدد الوفيات الإجمالي بأمريكا، الأربعاء، المئة ألف شخص.

 

وقال حسن في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه من الصعب استيعاب مدى فداحة الأمر فالرقم المؤلف من 6 خانات مرعب حقا، وهذا العدد أكثر ممن يموتون خلال عام بسبب الإصابة بالإيدز أو تعاطي المخدرات أو عنف الأسلحة النارية أو حوادث السير في أمريكا، وهو أكثر من الأمريكيين الذين ماتوا على مدى سبع عقود في حروب كوريا وفيتنام والخليج وأفغانستان والعراق.

 

وقال إن العدد سيتجاوز خلال أيام عدد ما خسرته أمريكا خلال الحرب العالمية الأولى (116516 شخصا)، في حرب استمرت أكثر من 19 شهرا.

 

ولاحظ حسن مفارقة بين أول حالة كورونا سجلتها أمريكا والتي كانت في 20 كانون ثاني/ يناير، وبعد ذلك بثلاثة أيام أكدت فيتنام بدورها تسجيل حالتها الأولى، واليوم وصل عدد وفيات كوفيد-19 في أمريكا إلى 100 ألف، أما عدد ضحايا هذا المرض في فيتنام، فهو صفر.


وماذا عن كوريا الجنوبية يتساءل حسن التي أعلنت عن أول حالة في نفس اليوم مثل أمريكا؟ يجيب أنه أقل من 300 وفاة لحد الآن.


وبحسب حسن فإن خبيري الأوبئة بريتا جويل ونيكولاس جويل أكدا أنه كان من الممكن منع وقوع ما يقدر بتسعين بالمئة من الوفيات التراكمية في أمريكا بسبب كوفيد-19، لو فرضت قواعد التباعد الاجتماعي قبل أسبوعين في 2 آذار/ مارس، عندما كانت هناك 11 حالة وفاة فقط في كل أنحاء البلد.


وقالا إنه لو فرضت تلك السياسات قبل أسبوع كان ذلك سيؤدي إلى "تخفيض عدد الوفيات بحوالي 60 بالمئة"، وهذا يعني أن عشرات الألوف من الأمريكيين كانوا سيبقون على قيد الحياة لو اتخذ ترامب إجراءات مبكرة، لكنه لم يفعل، فقد كان مشغولا بلعب الغولف والتجمعات الانتخابية بينما كان يشجب الديمقراطيين "لتسييس" فيروس كورونا وأطلق على ذلك "خدعتهم الجديدة".

 

اقرأ أيضا : إيريك ترامب: كورونا خدعة تنتهي مع الانتخابات الأمريكية (شاهد)

 

وعدد حسن التخمينات والتحليلات التي تحدث عنها ترامب حول "كورونا"، مثل مقارنته إياها مع الانفلونزا الموسمية، حيث ادعى أن المرض سيختفي "بمعجزة"، بينما رفض فحص الأمريكيين على سفينة سياحية لأنه يحب "إبقاء الأرقام كما هي".

 

كما ذكر أنه كان يشيد بالحكومة الصينية للطريقة التي تعاملت بها مع فيروس كورونا، بينما كان يسكت مسؤولة في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، كانت تحاول دق ناقوس الخطر. 

 

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز وواشنطن بوست والأسوشييتد برس والغارديان وغيرها مقالات حول رد الفعل الفاشل لهذه الأزمة، وقال خبير اللقاحات الدكتور ريك برايت للكونغرس في وقت سابق من هذا الشهر: "تم تعريض الأرواح للخطر وأظن أن أرواحا فقدت".

 

وحتى الدكتور أنتوني فوشي، كبير خبراء الأمراض المعدية، اعترف في مقابلة مع جيك تابر من شبكة سي أن أن بوجود "معارضة قوية" داخل الإدارة حول التباعد الاجتماعي وإجراءات الإغلاق في بداية الأزمة: "أعني أنه من الواضح يمكنك القول منطقيا أنه لو كان هناك عملية تجري، في إشارة إلى تفشي المرض، وبدأت باتخاذ إجراءات التخفيف في وقت أبكر، ربما تكون قد أنقذت أرواحا".

 

وتساءل حسن، ماذا علينا الآن فعله؟ هل نتوقف برهة عند هذه النقطة الرهيبة ثم نمضي؟ ويجيب "لقد قمنا بقبول العديد من تجاوزات ترامب وانتهاكاته وجرائمه على مدى الثلاث سنوات ونصف الماضية. فهل نتقبل الآن الموت بالجملة أيضا؟".


وقال: "كيف للأمريكيين الذين فقدوا عقلهم عندما مات 3000 شخص في 11 أيلول/ سبتمبر وشنوا عدة حروب وغارات بالطائرات المسيرة وبرامج تعذيب للرد، أن يكونوا راضين بوفاة 100 ألف أمريكي في الوطن؟ وماذا حصل للصدمة والغضب التي رأينا في بداية الأزمة؟ هل أصابنا التعب من الوباء؟".


ويرى حسن أن العنصرية قد تكون "سبب لامبالاتنا". فالوفيات من كوفيد-19 كانت بشكل أكبر بين السود والملونين.

 

وفي هذا الصدد قال شخص في مقابلة مع "واشنطن بوست" بينما كان يتمشى في منطقة ثرية من جورجيا: "عندما تبدأ رؤية من أين تأتي الحالات والديمغرافيا المتعلقة بذلك فلست قلقا". ويعلق حسن "هل فهمتم؟ الديمغرافيا". 


وأوضح وزير الصحة والخدمات الإنسانية أليكس آزر لسي أنه حاول الدفاع عن رقم الوفيات العالي بالقول: "لسوء الحظ فإن الشعب الأمريكي متنوع جدا". ويعلق أيضا "هل فهمتم؟ متنوع جدا".


كل هذا وسط غيوم كثيفة من التضليل، وتم توجيه اللوم إلى الصين وإلى منظمة الصحة العالمية وإلى باراك أوباما.

 

وكما قال الناقد الإعلامي وأستاذ الإعلام في جامعة نيويورك، جاي روسين، فإن خطة ترامب "ألا تكون هنا خطة، ولجعل موت ألف إلى ثلاثة آلاف شخص في اليوم أمرا طبيعيا تم خلق تضليل كبير حول من هو المسؤول.. وعن طريق القيام 'بإغراق المنطقة بالغائط'، عبارة ستيف بانون، مستشار ترامب السابق، للتعبير عن إغراق النظام بالتضليل والإلهاء والإنكار".


وبالطبع، يستدرك حسن، هناك "ميل إنساني للالتفات عن المعاناة بالجملة" كما هو موثق بشكل جيد، بحيث يتراجع مستوى التعاطف مع ازدياد عدد الوفيات. وكما تقول العبارة التي تنسب إلى ستالين: "وفاة شخص فاجعة .. ووفاة مليون يصبح رقما". 


وفي الواقع لم يقل ستالين ذلك، ولكن ترامب بذل كل جهده للتقليل من رفض العدد المتزايد للوفيات في أمريكا، فعندما كان العدد 86607 قال: "إنها نسبة ضئيلة جدا جدا. أقول ذلك طيلة الوقت إنها نسبة بالغة الصغر"، لكن لا يمكن اختزال مئة ألف رجل وامرأة وطفل إلى "نسبة ضئيلة". 

 

ويضيف كاتب المقال: "يجب عدم نسيان أسمائهم ووجوههم وإرثهم. فمنهم، فيليب كاهن، 100 عام، من محاربي الحرب العالمية الثانية، ومارغريت بوتشالتر فيلدمان، 90 عاما، ناجية من المحرقة. جورجي اوريتز غاراي، 49 عاما وقسيس كاثوليكي وديز-آن رومين، 36 عاما ومدير مدرسة وسكايلر هيربرت، 5 سنوات.. والقائمة تطول".


ومع ذلك فلا يبدو أن ترامب يعطي أي اهتمام. فمع أنه انتقد أوباما لأنه قام بلعب الغولف خلال تفشي أيبولا عام 2014 والذي قتل شخصين في أمريكا، قضى ترامب عطلة نهاية الأسبوع الماضي في ملعب الغولف الخاص به بينما كان عدد الوفيات يقترب من 100 ألف.

 

وليس هناك أي أسف أو ندم وقليل من التعازي لعائلات الضحايا. ولكن وبدون خجل فضل القائد العام أن يحتفل بالانتصار بينما تتكدس الجثامين.


ويعتقد حسن أن هذا "اعتلال اجتماعي مبالغ فيه، وجب ألا نكون مشاركين في هذا الجنون الشرير وهذا التطبيع البطيء للموت بالجملة. يجب أن تتضايق وتغضب وترفع صوتك".


وأضاف: "كما أشارت كل من كاثرين لوتز وآن لوتز فرنانديز في بحث حديث لمعهد واتسون للدراسات الدولية والعامة في جامعة براون حيث قالتا إن مشكلة تقبل الوفيات بالجملة يسمح بالمزيد من الوفيات، وتجعل من الأسهل أن تسقط أهوال أخبار الفيروس من الأخبار ولتحويل الموارد بعيدا عن الصحة العامة وللسياسيين القادمين أن يتعاملوا بتساهل مع أي جائحة مستقبلية". 


ويشير الكاتب إلى أن استراتيجية ترامب في الأسابيع الأخيرة، تضمنت تحويل الوفيات بالجملة إلى أمر طبيعي ونقل الهدف مرة بعد أخرى بتعمد ومخادعة: فتوقع وفاة "50 إلى 60" ألفا ثم "60000 إلى 70000" ثم "75 أو 80 إلى 100000 شخص".


وختم حسن مقالته بالقول: "بينما نتذكر ونحزن على 100 ألف ضحية لمرض كوفيد-19 هنا في أمريكا، لا أستطيع أن أنسى ولن أنسى توقعه الأسوأ وكذبته الأعظم من 26 شباط/ فبراير: "عندما يكون لديك 15 شخصا، ويتراجع الخمسة عشر خلال يومين إلى قريب من الصفر، فإن ذلك عمل جيد قمنا به". كذب ترامب ومات 100 ألف شخص".