دعا رئيس حزب الأمة الصادق
المهدي تحالف قوى الحرية والتغيير -الذي أنجز مهمة الثورة- إلى تحالف جديد، تحت
مسمى «العقد الاجتماعي الجديد»، يرى حزب الأمة أن التحالف المقترح يتجاوز أخطاء
التحالف الحالي، ويعالج ضعفا اعتراه.
لكن آخرين يرون أن الأخطاء والضعف يعودان إلى
طبيعة تحالف قوى الحرية والتغيير العريض، الذي ناسب مرحلة الثورة، حيث كان
بالضرورة وفي الإمكان اصطفاف الجميع خلف هدف واحد، وانتهت مرحلة اصطفاف كل قوى
الحرية والتغيير على صعيد واحد، بعد أن تحقق الهدف الذي اجتمعت عليه بإسقاط نظام
الإنقاذ، وعليه، يرى هؤلاء أن لا جدوى من أي محاولة لإعادة تنظيم ذلك التحالف،
الذي انتفت أسباب استمراريته، وعليه، رأى أصحاب هذا الرأي أن خطوة حزب الأمة تسير
في الاتجاه الصحيح، إذا جمعت أصحاب رؤى متجانسة في تحالف واحد، على أن تتحرك قوى
أخرى لتكوين تحالف آخر أو تحالفات أخرى.
ودعا حزب الأشقاء قوى الحرية والتغيير غير
المقتنعة بالعقد الاجتماعي الجديد الذي دعا له حزب الأمة، والأحزاب المؤيدة للثورة
التي لم توقع على ميثاق الحرية والتغيير، دعاها للالتقاء في تحالف آخر أسماه
«تحالف قوى الدولة المدنية»، بعد أن وصف العقد الاجتماعي الجديد بتحالف إعادة
إنتاج دولة الإسلام السياسي، وعليه، يصبح من أوجب واجبات دعاة الدولة المدنية
إسراع الخطى لتنظيم أنفسهم حول فكرتهم، ونقل شعار المدنية الذي هتفت به جماهير
الثورة إلى فكرة واضحة الملامح.
وعرّف الدولة المدنية بأنها دولة المواطنة
الديمقراطية الكافلة للحريات وسيادة حكم القانون، واستقلال القضاء، والفصل بين
السلطات، واحترام حقوق الإنسان.
يرى حزب الأشقاء كفاية هذه المنظومة من
المبادئ الديمقراطية الواضحة للتعبير عن دولة تحقق العدالة المنشودة، بلا حاجة
لإضافات، مثل: إسلامية الدولة، أو علمانية الدولة، لأنها تربك المعنى، ولا تدل على
مفاهيم محددة، لذا، يجب عدم الزج بمصطلحات مبهمة في النصوص الدستورية الخاصة
بالدولة المدنية.
واستدل الحزب على صحة هذا الرأي بالفهم الذي
قدمه الصادق المهدي لإسلامية الدستور، حين انتقد الوثيقة الدستورية، لخلوّها من
الإشارة للإسلام، فكتب رئيس حزب الأمة: «كان ينبغي أن يتم النص على أن الإسلام هو
دين أغلبية السودانيين، وأن لدعاته الحق في التطلع إلى تطبيق تعاليمه، بشرط
الالتزام بحقوق المواطنة المتساوية، وحرية العقيدة لكل الأديان، والالتزام بالنهج
الديمقراطي».
وهو ما اعتبره حزب الأشقاء إقرارا صريحا من
حزب الأمة بأن إيراد الإسلام في أي وثيقة دستورية قد يهدر حقوق المواطنة
المتساوية، ويمنع حرية الاعتقاد، ولا يلتزم بالنهج الديمقراطي، ما لم تلحق بالنص
اشتراطات وتطمينات وضمانات.
وبالحجج ذاتها، التي تثبت عدم الحاجة لإلحاق
صفة الإسلامية بالدولة، لا تلحق صفة العلمانية بالدولة، والاكتفاء بالمبادئ
الديمقراطية الواضحة، وفي هذا رد على بعض الحركات المسلحة التي تشترط العلمانية
ضمن شروط التوصل لاتفاق سلام.
كما يستدل حزب الأشقاء بالتاريخ، وبتجارب
المسلمين المعاصرة للتأكيد على أن إلحاق صفة «الإسلامية» قد يضع الدولة تحت
احتمالات الوصاية والتشدد والتطرف، ولا يزيل عنها احتمالات الظلم، ولا عن رعاياها
احتمالات القهر والبؤس، ولا تتمتع التنظيمات المعاصرة التي ألحقت باسمها صفة
«الإسلامية» بأي ميزة إيجابية، ولو أضفى عليها أصحابها قداسة مزعومة.
(العرب القطرية)