نشرت مجلة "فورميكي" الإيطالية تقريرا سلّطت فيه الضوء على مساعي الدول الداعمة لخليفة حفتر للتوافق على شخصية بديلة تمسك بزمام الأمور في شرق ليبيا، بعد الهزائم المتتالية التي مُني بها اللواء المتقاعد.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الهزائم الميدانية التي تكبدها حفتر مؤخرا أثبتت أنه لم يعد قادرا على حسم الأمور عسكريا، كما أنه لا يستطيع أن يكون جزءا من الحل السياسي الذي لا يؤمن به من الأساس.
وأضافت المجلة أنه تزامنا مع تراجع حفتر على أرض المعركة، تكثفت الاتصالات بين إيطاليا وروسيا مرورا بمصر، من أجل التوافق على شخصية بديلة من برقة يمكن أن تحظى بثقة سكان طرابلس.
وذكرت المجلة أن قوات خليفة حفتر اضطُرت إلى الانسحاب من بعض المواقع جنوب طرابلس بعد خسارة قاعدة الوطية، بينما تؤكد مصادر من حكومة الوفاق الوطني أن استعادة القاعدة ستبعها قريبًا نجاحات أخرى في "الجنوب".
اقرأ أيضا: محلل ليبي: حفتر هزم ولن يبقى في الصورة مع نهاية 2020
وأوضحت المجلة أن الدول الداعمة لحفتر وعلى رأسها الإمارات، قدمت له المزيد من الإمدادات مؤخرا عبر مصر رغم الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على دخول السلاح إلى ليبيا، والذي تشرف على تطبيقه نظريًا عملية "إيريني" التي تنفذها قوات بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي.
لكن المشكل الأساسي الذي تعاني منه قوات حفتر يتمثل في صعوبة وصول الإمدادات إلى غرب ليبيا لا سيما أن ميليشياته المدعومة بمرتزقة أجانب، تقاتل على بعد مئات الكيلومترات عن معقله الرئيسي في الشرق. وتتعرض قوافل الإمداد المتجهة نحو الشرق لضربات جوية مكثفة من الطائرات المسيرة التركية.
وبينت المجلة أن الهزائم الأخيرة جعلت حفتر يفكر فقط في حفظ ماء الوجه وتعزيز سلطته المهددة في المناطق التي يسيطر عليها. فبعد أن وعد بالسيطرة على طرابلس في وقت وجيز، وعجز عن ذلك في سنة كاملة، انقلبت الأمور رأسا على عقب في الآونة الأخيرة بعد أن أصبح زمام المبادرة على الأرض لدى قوات الوفاق بفضل الدعم التركي.
وحتى المناورة التي قام بها في 27 نيسان/ أبريل الماضي بإعلان نفسه قائدا للبلاد، لم تحظ بالدعم السياسي الذي كان يبحث عنه في الشرق، إذ أنه قدم نموذجًا دكتاتوريًا شبيها بذلك الذي انقلب عليه الليبيون في 2011، واتضح أن تلك الخطوة جاءت فقط للتغطية على خسائره الميدانية.
واعتبرت المجلة أنه ليس من قبيل المصادفة أن الأطراف الخارجية التي دعمت حفتر طوال السنوات الماضية، سواء كان ذلك بشكل علني أو سري، مثل مصر وروسيا، وفرنسا بدرجة أقل، تعيد الآن حساباتها.
وكانت موسكو في عين العاصفة منذ أيام بعد صدور تقرير جديد للأمم المتحدة، أثبت أن مرتزقة من شركة فاغنر الروسية المرتبطة بالكرملين، يقاتلون في صفوف قوات حفتر.
كما تُتهم روسيا بنقل ميليشيات تابعة للنظام السوري إلى ليبيا، وهو ما أثار مخاوف الدول الغربية وحلف الناتو.
وتؤشر المكالمة الهاتفية التي أجراها وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف للتباحث في الشأن الليبي، إلى أن روما قررت أخيرا أن تستعيد دورها بقوة في هذا الملف.
اقرأ أيضا: محللون: التدخل التركي يمنع حفتر من العودة للمعادلة السابقة
وربما يرجع ذلك إلى تراجع حدة انتشار فيروس كورونا في البلاد وبداية العودة التدريجية للحياة الطبيعية، أو إلى المؤشرات الإيجابية التي تلقتها روما من حكومة الوفاق، حيث طلب نائب رئيس الوزراء أحمد معيتيق خلال مقابلة أجراها مؤخرا مع صحيفة "لاريبوبليكا"، من الحكومة الإيطالية إحياء دورها في ليبيا.
وحسب المجلة، قد تكون هذه اللحظة الحاسمة لتغير الموقف الإيطالي من حفتر الذي اعتبرته روما طيلة السنوات الماضية أحد الأطراف الرئيسية في ليبيا، رغم أنه لم يفوت الفرصة أبدًا لإظهار العداء لإيطاليا.
ودون المساس بالحوار السياسي بين الليبيين، يحاول الإيطاليون، حسب المجلة، البحث عن مسار بديل في إقليم برقة بالتعاون مع مصر التي سئمت الوقوف خلف حفتر بعد أن تتالت هزائمه وأثبت عدم كفاءته في إدارة المعركة.
وأكدت المجلة أن الشخصية البديلة التي يمكن أن يحصل حولها التوافق، هو عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي، وهو جزء من اتفاق السلام الذي رعته الأمم المتحدة في 2015.
وبقي عقيلة صالح لسنوات يوفر الغطاء السياسي لحفتر، لكنه يتبنى الآن مسارًا تفاوضيًا بديلًا، من خلال الاتصال بالسياسيين المعتدلين في طرابلس.
وبيّنت المجلة أنه على الرغم أن صالح متقدم في السن، ومرتبط بشكل وثيق مع حفتر، بما يقلل من فرصه في أن يكون طرفا تفاوضيا مقبولا لحكومة الوفاق، إلا أن السمعة المرموقة لعائلته في ليبيا وعلاقاته المميزة مع روسيا والسعودية قد تجعل منه الشخص المناسب للمرحلة القادمة، في حال كانت الدول المؤثرة في المشهد الليبي مهتمة بدفع المسار السياسي وإيقاف عجلة الحرب.
تقرير أممي: الإمارات سيرت رحلات جوية سرية لنقل أسلحة لحفتر
المونيتور: هل وجدت موسكو بديلا عن حفتر في ليبيا؟
إيكونوميست: حفتر في ورطة وإعلان قيادة ليبيا سيسرع تقسيمها