لم تكد نوار المولوي تنهي أول أحاديثها الإذاعية كزوجة لرئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب عن العمالة الأجنبية، حيث دعت اللبنانيات للعمل في المنازل، حتى أصابتها سهام النقد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واندلعت معارك كلامية بين مؤيد لطرح زوجة الرئيس ومناهض لأفكارها.
وفي حديث إلى إذاعة لبنان الرسمية، دعت مولوي اللبنانيين إلى أن يحلوا مكان العمال الأجانب، سواء من نواطير (حراس بنايات) أو عاملات في الخدمة المنزلية وعمال محطات الوقود.
وقالت قرينة رئيس الوزراء: "كل العمال الأجانب نستغني عنهم. الصبايا القاعدين في بيوتهن يشتغلوا هن بالمنازل وياخدوا حقوقهن ضمن قانون العمل. يكون عندها ضمان صحي وساعات عمل معينة وليس من الضروري أن تنام عند الناس الذين تشتغل عندهم، مثل أي وظيفة وبياخدوا معاش (راتب). بدل ما ثلاثة أرباع (أموالنا) تطلع لبرا... بتندفع لأهل البلد".
وما أن انتشر هذا المقطع من المقابلة، حتى امتلأت صفحات مواقع التواصل بتعليقات، جاء بعضها جارحا، طالبت رئيس الوزراء دياب بسحب زوجته من الميادين الإعلامية والاجتماعية.
وقالت هدى شاهين في تغريدة على تويتر: "كل حكومات العالم تحاول أن تحسن أوضاع شعبها إلا زوجة حسان دياب بدها البنات والنسوان تشتغل خدم ونواطير".
وعكست التعليقات المحتقنة في جانب منها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان.
وقد هوت الليرة بأكثر من النصف مقابل الدولار منذ أكتوبر/ تشرين الأول، في ظل نقص حاد في الدولار وأزمة مالية واسعة سحقت التدفقات من الخارج، وجعلت البنوك التجارية تحول بين اللبنانيين ومدخراتهم بالعملة الصعبة.
وفي الأسابيع الأخيرة، جرى تداول الدولار عند مستويات فوق أربعة آلاف ليرة بالسوق السوداء.
وانتقدت الصحفية جوزفين ديب دعوة مولوي قائلة: "أنا لما كنت بالجامعة اشتغلت بمحل ثياب فما حدا يزايد علي بهالموضوع. أنا اشتغلت ووصلت بعرق جبيني مش حتى أسمع ناس عم تطلب مني ضحي بعد عمر من التضحية".
فيما دافع الوزير السابق غسان عطالله عن هذا الطرح، قائلا إنه لا يخجل من ماضيه. وكتب في تغريدة على تويتر قائلا: "في سنين الشباب الأولى عملت في أعمال الدهان لتأمين مصروفي، ولن أخجل من مزاولة مهنة شريفة إذا اضطررت لتأمين عائلتي".
ومع تصاعد الجدل حول تفسير كلام زوجة دياب، اضطرت رئاسة الحكومة إلى إصدار بيان توضيحي.
وقال المكتب الإعلامي في رئاسة الحكومة إن البعض يحاول تحوير تفسير مضمون دعوة مولوي إلى "لبننة العمالة في لبنان عبر الاعتماد على اللبنانيين واللبنانيات في الأعمال والمهن المختلفة بدلا من العاملين والعاملات الأجانب".
وأضاف البيان: "إن ما قصدته مولوي واضح، وهو ينطلق من الحرص على أن يعتمد اللبنانيون على أنفسهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان".
ودعمت وزيرة المهجرين، غادة شريم، موقف الحكومة، مفتتحة الباب أمام تشريع العمل المنزلي للبنانيات. وقالت عبر تويتر: "نعم شبابنا يستحق غدا أفضل، ولكن هذا لا يمنع من أن نقونن (نشرع) العمل المنزلي لصالح من يرغب من السيدات اللبنانيات. والقوننة تعني ضمان وساعات عمل محددة ومكتب يحفظ الحقوق والواجبات كما في كل المجالات المهنية... الشغل مش عيب".
ويواجه اللبنانيون أزمة الدفع بالدولار للعمال الأجانب، لا سيما العاملات في الخدمة المنزلية، بعد أن أصبح الأجر بالدولار يوازي أكثر من ثلاثة أضعاف الأجر الشهري للعمالة قبل الأزمة، كما أصبح الحصول على الدولار عسيرا إلا من السوق السوداء.
وقد عبر ناشطون عن هذه المعضلة، فقال عباس زهري عبر تويتر: "البنت يلي بتساعدنا بالبيت بيخلص عقدها بشهر 6 عندي مشكلتين كيف بدي طلع كسورات (متأخرات) راتبها البالغة 1500 دولار وكيف بدي سفرها لأنه التزمت أخلاقيا براتبها بالدولار مش قادر أكتر من هيك".
وتبعا لأحدث إحصاء في نهاية عام 2019، بحسب وزارة العمل، فإن مجموع العاملين الأجانب في لبنان والحاصلين على تصريح عمل هو 247088 عاملا وعاملة.
ويتراوح أجر عاملة الخدمة المنزلية بين 200 و500 دولار شهريا. وأمام العجز عن تأمين الرواتب للعاملات المنزليات، فإن شركات مكاتب الاستقدام تدرس جديا إقفال مكاتبها.
واعتبر علي الأمين نقيب أصحاب مكاتب استقدام عاملات المنازل أن "القطاع منكوب"، وقال لرويترز إن تداعيات الأزمة المالية على قطاع العمال الأجانب بدأت تكبر مع الوقت.
وأضاف: "الاتفاق مع عاملات المنازل قبل مجيئهن إلى لبنان هو أن يكون راتبهن بالدولار، وهذا لا تغيير فيه، ومن واجب أصحاب العمل الالتزام به".
وفي لبنان حوالي 600 مكتب استقدام عاملات تمثل مصدر دخل لنحو 2000 عائلة.
قتلى وجرحى بالرصاص بينهم سوريون بجريمة مروعة بجبل لبنان