قال باحث استراتيجي
إسرائيلي إنه "لا يمكن وقف خطة الضم التي ينادي بها بنيامين نتنياهو رئيس
الحكومة، مع أن خطته ليست مجرد رغبة يمينية متطرفة، بل تحقيق أهداف أمنية
إسرائيلية طويلة الأمد".
وأضاف أفرايم عنبار
رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، وعضو هيئة التدريس بجامعات بار-إيلان وجورج
تاون وبوسطن، في مقال على موقع المونيتور، ترجمته "عربي21" أن "هذا
السبب يقف وراء اتفاق زعيم حزب أزرق-أبيض بيني غانتس لتشكيل حكومة طوارئ، ويمتد
الإجماع لحزب العمل وأعضاء المعارضة لحكومة الوحدة، لأن فرض القانون الإسرائيلي
للغور يتماشى مع المبادئ الاستراتيجية لرئيس الوزراء الراحل إسحاق
رابين".
ورغم الإنذارات من
منتقديه في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، فـإن "هناك اتفاقا واسع النطاق بين
الإسرائيليين حول الأهمية الاستراتيجية للغور".
التهديد الإيراني
وأشار عنبار، المؤسس
السابق لمعهد بيغن-السادات للأبحاث الاستراتيجية، ومؤلف كتاب "رابين والأمن
القومي الإسرائيلي" أن "عددًا كبيرا من الإسرائيليين يعتبرون الغور
حدودًا لا غنى عنها كما مرتفعات الجولان، مع أن الحدود الإسرائيلية القابلة للدفاع
ضرورية بشكل خاص بالنظر للتهديدات على المراكز السكانية في إسرائيل، ومنشآتها
الاستراتيجية التي زادت في القرن الحادي والعشرين".
وأوضح أن "إيران
تأمل بإقامة هلال شيعي من الخليج عبر العراق ولبنان وسوريا إلى البحر المتوسط،
وتحويل سوريا ولبنان والعراق منصات إطلاق للهجمات الصاروخية والمسلحة ضد إسرائيل،
وتخطط لزعزعة استقرار الأردن، وإنشاء جسر بري للسلطة الفلسطينية قرب قلب إسرائيل
لتعزيز قدرتها على إيذائها، مع أن الغور هو الحد الوحيد المتاح للدفاع على الجبهة
الشرقية، والأقرب لقلب إسرائيل حيث مثلث القدس وتل أبيب وحيفا".
وأكد أن "هذه
المنطقة تضم 70% من سكان إسرائيل، و80% من بنيتها التحتية الاقتصادية، وتبلغ
المسافة بين نهر الأردن والقدس 30 كيلومترًا فقط، ويسمح الوجود العسكري الإسرائيلي
في الغور بالسيطرة على الطرق القليلة جدًا التي تتجه غربًا عبر منطقة جبلية، ما
يتيح لقوة دفاع صغيرة صد هجوم مدرع على إسرائيل بسهولة عن طريق وضع أسلحة مضادة
للدبابات على مدخل هذه الطرق في الغور".
وأضاف أن
"الضرورة الاستراتيجية تكملها الحقائق الديمغرافية، حيث يعيش عدد قليل من
الفلسطينيين في الغور، لذلك، فإن تضمين هذه المنطقة بإسرائيل لا يُثقل كاهلها
بمشكلة ديموغرافية، مع أن بعض المحللين يزعمون أن إسرائيل لم تعد بحاجة للغور كدرع
ضد هجوم محتمل من الشرق، ويجادلون بأن معاهدة السلام مع الأردن تحيد تهديد الجبهة
الشرقية، وقربها من المراكز السكانية والبنية التحتية الاقتصادية في إسرائيل".
الربيع العربي
وأكد أن "معارضي
الضم يجادلون بأن زوال نظام صدام حسين في العراق، وضعف سوريا التي مزقتها الحرب
والاستقرار، وسط الاضطرابات في العالم العربي، يجعل التهديد الشرقي شيئًا من
الماضي، رغم أن ذلك يتجاهل الإمكانات الهائلة للاضطرابات السياسية في الشرق
الأوسط، كما اتضح خلال ثورات الربيع العربي، ما يجعل زعزعة استقرار الأردن
والسعودية وصعود سوريا الراديكالية سيناريوهات ليست بعيدة المنال".
وأشار إلى أن
"انسحاب أمريكا من الشرق الأوسط يسمح بحرية أكبر للعناصر الإسلامية بالسيطرة
على حلفائها، وعودة ظهور الجبهة الشرقية كتهديد أمني على إسرائيل قد يصبح حقيقة".
وانتقل الكاتب للحديث
عن ذرائع مؤيدي تسليم غور الأردن للفلسطينيين، بالقول إنهم "يتحدثون عن
أهميته الطبوغرافية، وبالرجوع للتكنولوجيا العسكرية الحالية التي تسمح بضربات
دقيقة من مسافة بعيدة، فهم يجادلون بأن القدرة على شن ضربات دفاعية من الساحل يلغي
الحاجة الاستراتيجية للغور، لكن هذه الحجة تتجاهل تاريخ التكنولوجيا العسكرية، ما
يظهر تذبذبًا واضحًا بين هيمنة الإجراءات الهجومية أو الدفاعية".
وأوضح أنه "إذا
كانت إسرائيل تريد الحفاظ على حدود يمكن الدفاع عنها على طول الغور، فإنها تحتاج
لتأمين الطريق السريع من الغور إلى الساحل عبر القدس ومستوطنة معاليه أدوميم
بالضفة الغربية، هذا هو المحور الغربي الشرقي الوحيد بأغلبية يهودية، والطريق
الآمن الوحيد الذي يمكن لإسرائيل عبره تعبئة القوات من الساحل، حيث يعيش معظم
اليهود، إلى غور الأردن في حالة الطوارئ".
صفقة القرن
وأشار إلى أن
"الظروف السياسية ناضجة لقرار إسرائيلي بضم الغور، ومن المرجح أن تدعم إدارة
ترامب هذا الموقف الذي يحظى بدعم غالبية الإسرائيليين، مما يضيف طبقة مهمة من
الشرعية الدولية لإصرار إسرائيل على حدود آمنة، لأن صفقة القرن اعترفت باحتياجات
إسرائيل لحدود يمكن الدفاع عنها بالاعتراف بسيادتها في مرتفعات الجولان وضم غور
الأردن، وهكذا فإن من يدعمون الضم يأملون أن تعطي الولايات المتحدة الموافقة".
وأوضح أنه "من غير المرجح أن تثير معظم الدول العربية ضجة حول الخطوة
الإسرائيلية، لأنه بمواجهة تهديد إيران، وإمكانية سحب الولايات المتحدة قواتها من
المنطقة، تظل إسرائيل حصنًا إقليميًا ضد تطلعات إيران لتحقيق الهيمنة الإقليمية،
ورغم التصريحات الرسمية، يفضل الأردن الوجود الإسرائيلي الدائم في الغور، خوفًا من
كيان سياسي فلسطيني مجاور قد يتطور لغزة أخرى تسيطر عليها حماس".
الموقف الأردني
وأضاف أنه "منذ
توقيع اتفاقية السلام عام 1994، ازداد اعتماد الأردن على إسرائيل، التي تزوده
بكميات متزايدة من المياه والغاز الطبيعي، كما أنه يعمل اللوبي الإسرائيلي في واشنطن
لساعات إضافية لتأمين المساعدة الاقتصادية الأمريكية للمملكة، ورغم مواجهة عمان
لمعارضة داخلية لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل، فإن قدرتها السياسية على التعامل مع
المشاعر المعادية لإسرائيل فيها لا يمكن تجاهلها".
وأكد أنه "على
عكس الدول العربية الأخرى، فقد نجا الأردن من الربيع العربي، لذلك فإنه يمكن الوثوق بحكومته
في إدارة شؤونها، والبقاء في السلطة، حتى إنه وقع اتفاق سلام مع إسرائيل ضم القدس،
مع أنها تعتبر أكثر أهمية من غور الأردن".
وختم بالقول إن
"كل ذلك يؤكد أن حكومة الوحدة الإسرائيلية الحالية تشكل فرصة لتحقيق احتياجات
إسرائيل الأمنية لحدود يمكن الدفاع عنها في الشرق بدعم أكبر قوة عظمى في العالم،
وفي واحدة من مفارقات التاريخ، قد يطبق نتنياهو تراث رابين الاستراتيجي".