قالت صحيفة
"الغارديان" البريطانية، إن طبقة لا تزيد عن واحد بالمئة من سكان
الولايات المتحدة، اغتنمت أزمة وباء
كورونا، وضاعفت من أرباحها.
ولفتت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي بدأ 26 مليون أمريكي
يفقدون وظائفهم، أضافت طبقة المليارديرات، ما يقرب من 308 مليار دولار إلى ثرواتها
خلال أربعة أسابيع.
وفيما يلي الترجمة
الكاملة لتقرير صحيفة "الغارديان":
بينما يفقد ستة وعشرون
مليون أمريكي وظائفهم، تضيف طبقة المليارديرات إلى ثروتها ما يزيد عن 308 مليار
دولار
لا ينبغي أن تبدد
الفرصة التي تخلقها أزمة حسنة: بينما يجتاح وباء فيروس كورونا العالم، اغتنمت طبقة
لا تزيد عن واحد بالمائة من سكان أمريكا هذا القول المأثور وراحت تضاعف من
أرباحها.
بعض أغنى الناس في
الولايات المتحدة كانوا في مقدمة الطابور حينما عمدت الحكومة إلى توزيع تريليونات
من الدولارات لتنشيط الاقتصاد الذي خربته بأيديها في خضم تعاملها مع وباء فيروس
كورونا. في نفس الوقت أضافت طبقة المليارديرات ما يقرب من 308 مليار دولار إلى
ثرواتها خلال أربعة أسابيع – حتى في الوقت الذي كان ما يقرب من 26 مليون إنسان
يفقدون وظائفهم، في حدث غير مسبوق.
وبحسب ما جاء في تقرير
جديد صادر عن معهد دراسات السياسة، وهو مركز تفكير تقدمي، نمت ثروة كبار الأغنياء
في أمريكا في الفترة من 18 آذار/مارس إلى 22 نيسان/ أبريل بما يقرب من 10.5
بالمائة. خلال الركود الماضي، مر عامان قبل أن تعود ثروة المليارديرات إلى
المستويات التي كانوا ينعمون بها في 2007.
ثمانية من هؤلاء
الميليارديرات شهدت قيمة ثرواتهم ارتفاعاً حاداً بمقدار مليار دولار لكل منهم، بمن
فيهم رئيس أمازون جيف بيزوس وزوجته السابقة ماكنزي بيزوس، وإريك يوان، مؤسسة زوم،
والرئيس السابق لمايكروسوفت ستيف بولمر وإلتون ماسك صاحب مشاريع تيسلا وسبيس إكس.
يحل هذا الرخاء على المليارديرات
بينما يبحر أسطول منهم عبر ثغرات في خطة إنقاذ بقيمة 349 مليار دولار يقصد منها
إنقاذ المشاريع التجارية الصغيرة الأكثر تضرراً. وقبل نفاد الأموال، تمكنت ما يقرب
من 150 شركة عامة من حصد ما يزيد عن 600 مليون دولار على شكل قروض قابلة للسماح.
ومنهم شيك شاك، وهي شركة يعمل فيها ستة آلاف موظف وتقدر قيمتها باثنين مليار
دولار. قامت الشركة فيما بعد بإعادة المال الذي حصلت عليه، أما غيرها فلم يفعل
ذلك.
وتلقت جزيرة فيشر
مساعدة قدرها 2 مليون دولار، وهي منطقة مفتوحة للأعضاء فقط على ساحل ميامي حيث يصل
متوسط دخل المقيمين إلى 2.2 مليون دولار وتغطى شواطئها برمال تستورد خصيصاً من
الباهاما.
بدا حال المقيمين فيها
جيداً حتى قبل أن تبدأ عملية الإنقاذ. وهذا الشهر اشترت الجزيرة حقائب اختبارات
لكل واحد من المقيمين والعاملين فيها لإجراء فحوصات سريعة على الدم لتحري فيروس
كورونا، بينما تستمر بقية فلوريدا في المعاناة. وتم فحص ما يقرب من واحد بالمائة
من سكان ولاية فلوريدا لفيروس كورونا، وهذه نسبة متدنية جداً مقارنة بنسبة 4
بالمائة على المستوى الوطني العام. كما أن الولاية تعيش في خضم أزمة المطالبات
بتعويض عن البطالة، بينما لم يعد قادراً نظام المساعدات الاجتماعية فيها، وغير
الممول جيداً، على استيعاب الحجم الكبير للمتقدمين له بطلبات الحصول على مساعدة.
وأما المصارف، التي
كانت أكبر متلق للأموال في عملية الإنقاذ التي جرت بعد الركود السابق، فقد أبلت
بلاء حسناً هي الأخرى، حيث جنت ما يقرب من 10 مليار دولار من خلال الرسوم التي
تتقاضاها على قروض الحكومة، وذلك بحسب تحليل أصدره ناشيونال بابليك راديو.
يقول تشاك كولنز، مدير
بالبرنامج الخاص بمكافحة عدم المساواة في معهد دراسات السياسة والمشارك في وضع
التقرير إن الوباء كشف بشكل أكبر خطوط التصدع في الكيان السياسي الأمريكي، وهي
صدوع ما لبثت تتسع على مدى عقود بين
الأثرياء فعلاً وبين بقية الناس.
ويضيف كولنز:
"تعمل قواعد الاقتصاد في البلاد لصالح أصحاب الممتلكات وضد كل من سواهم".
في عام 2016 بعد مرور
سبعة أعوام على نهاية الركود السابق، كانت 90 بالمئة من العائلات في الولايات
المتحدة مازالت لم تتعافى من الأزمة الأخيرة بينما أصبح الأثرياء الذين يشكلون 10
بالمئة أوسع ثراء مما كانوا عليه في عام 2007.
وخلال فترة التعافي،
كانت مكاسب أسواق الأسهم تؤثر الأثرياء وتصب في صالحهم. تملك ما نسبته 1 بالمائة
من العائلات ما يقرب من 38 بالمائة من جميع الأسهم، وذلك بحسب بحث أجراه الاقتصادي
في جامعة نيويورك إدوارد وولف. وحتى قبل أن يتفشى فيروس كورونا، كانت ملكية البيوت
في الولايات المتحدة – والتي تعتبر تقليدياً مصدراً للنمو الطبيعي للثروة – أدنى
بكثير من الذروة التي وصلت إليها في عام 2004.
ولم تتحسن رواتب
الأمريكيين أيضاً، فقد بقي نمو الرواتب ضئيلاً جداً طوال العقد الذي شهد نمواً غير
مسبوق في سوق
الوظائف فيما بعد فترة الركود.
ويزداد الوضع سوءاً
بالنسبة للأمريكيين السود واللاتينيين. وباتت الهوة في الرواتب بين ما يتقاضاه
البيض وما يتقاضاه السود أوسع بكثير مما كانت عليه في عام 1979.
في هذه الأثناء يستمر المليارديرات
في الإثراء، حيث ارتفعت ثرواتهم بما نسبته 1130 بالمئة بحسب قيمة الدولار في عام 2020
ما بين عام 1990 وعام 2020، بناء على ما ورد في تقرير معهد دراسات السياسة. وهذا
يمثل نسبة فائدة 200 مرة أكبر من نسبة النمو في الثروة المتوسطة في الولايات
المتحدة خلال نفس الفترة والبالغة 5.37 بالمائة. ناهيك عن أن الالتزامات الضريبية
التي يتحملها المليارديرات في أمريكا، والتي تقاس كنسبة مئوية من ثروتهم، تراجعت
بما نسبته 79 بالمئة ما بين عام 1980 وعام 2018.
ولذلك، حينما هجم
الوباء، كان أولئك الذين يحتلون رأس الهرم أفضل حالاً من أي وقت مضى وأقدر على
تحقيق استفادة قصوى من حالة الفوضى. أما البقية، فليس كثيراً.
وأمضى كولنز خمسة
وعشرين عاماً وهو يدرس انعدام المساواة في الدخل، وشاهد الأثرياء يكسبون المعركة
تلو الأخرى. ومع ذلك، حتى هو أدهشته السرعة التي تمكن من خلالها مليارديريو أمريكا
من تحويل الوباء إلى ربح. وقال: "مازلت مصدوماً".