اقتصاد دولي

هل انتهت حرب النفط باتفاق أوبك+.. ماذا تغير في 39 يوما؟

وصل كبار منتجي النفط في العالم إلى اتفاق تاريخي بخفض غير مسبوق لإنتاج الخام بعد 39 يوما من اندلاع "حرب أسعار"- جيتي

توصل كبار منتجي النفط في العالم، الأحد، إلى اتفاق تاريخي بخفض غير مسبوق لإنتاج الخام، بعد 39 يوما من انهيار تحالف أوبك+ واندلاع "حرب أسعار" بين السعودية وروسيا، على خلفية رفض الأخيرة مقترحا سعوديا بتعميق خفض الإنتاج.

وأكد وزير الطاقة المكسيكي روسيو نالي، الأحد، أن منتجي النفط اتفقوا بالإجماع على خفض الإنتاج 9.7 مليون برميل يوميا اعتبارا من أيار/ مايو المقبل.

ووصف وزير النفط الكويتي خالد الفاضل، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" الاتفاق بالتاريخي قائلا: "بفضل من الله ثم بالتوجيهات الحكيمة والجهود المتواصلة والمحادثات المستمرة منذ فجر الجمعة، نعلن الآن عن إتمام الاتفاق التاريخي على خفض الإنتاج، بما يقارب 10 ملايين برميل من النفط يوميا، من أعضاء أوبك+ ابتداء من أول مايو/ أيار 2020 ولمدة شهرين".

وفي أول تعليق له على الاتفاق، وصف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اتفاق أوبك+ بـ"العظيم"، قائلا إن هذا الاتفاق سيصون مئات الآلاف من وظائف الطاقة الأمريكية.

وأعلن الكرملين، الأحد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب والعاهل السعودي الملك سلمان، دعموا جميعا قرار أوبك+ خفض إنتاج النفط.

وقال وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، لرويترز إن تخفيضات نفط أوبك+ ستؤول في الواقع إلى 12.5 مليون برميل يوميا؛ نظرا لارتفاع إنتاج السعودية والإمارات والكويت في نيسان/أبريل.

 

اقرأ أيضا: اتفاق تاريخي لخفض إنتاج النفط بعد حل الخلاف مع المكسيك

وفي 5 آذار/مارس الماضي، تفكك تحالف "أوبك+" الذي يضم أعضاء "أوبك" ومنتجين مستقلين بقيادة روسيا، بعد خلافات بين الرياض وموسكو على تعميق خفض الإنتاج، حتى نهاية 2020، وعلى إثر ذلك أطلقت السعودية في 7 آذار/مارس شرارة "حرب أسعار"، هوت بأسعار النفط إلى قرب 20 دولارا للبرميل.

والتساؤلات التي تطرح نفسها بعد الاتفاق التاريخي بخفض الإنتاج لدعم الأسعار وتحقيق الاستقرار لأسواق النفط: هل انتهت حرب النفط بهذا الاتفاق؟ وما الذي تغير في الموقفين السعودي والروسي خلال نحو 5 أسابيع؟ وهل يكفي هذا الاتفاق لتقليل تخمة المعروض في الأسواق؟

الخبير بشؤون النفط والطاقة، مصطفى بازركان، في حديث خاص مع "عربي21"، قال إن هذا الاتفاق التاريخي تم بين أضلاع مثلث منتجي النفط، الأول منتجو أوبك، والثاني منتجو النفط خارج أوبك، والثالث النفط الأمريكي التقليدي والصخري.

وأوضح أن الاتفاق الجديد جاء بدعم من وزراء طاقة مجموعة العشرين، لإنقاذ أسعار النفط التي انحدرت بسبب انسحاب روسيا من الاتفاق السابق مع أوبك، ثم انتشار فيروس كورونا الذي أدى إلى تراجع الطلب على النفط بما يزيد عن 25 مليون برميل يوميا.

وأكد بازركان، أن المشاركة الأمريكية في الاتفاق الجديد جاءت إجبارية، بعد أن واجهت شركات النفط الصخري سعرا تاريخيا، لافتا إلى أن سعر برميل النفط الأمريكي قبل هذا الاتفاق، وصل في البيع الفوري إلى 4 دولارات للبرميل بسبب وفرة المعروض وشح إمكانية الخزن، ما دفعها لخفض الإنتاج بواقع 10 بالمئة، ودفع ترامب للضغط على بوتين للانضمام لاتفاق لخفض الإنتاج. 

وأشار الخبير النفطي إلى أن حرب أسعار النفط لم تكن بين أوبك وروسيا، بل كانت حربا سعرية ثلاثية الجبهات، بين أوبك وروسيا والنفط الأمريكي، معتبرا أن الاتفاق الجديد يمثل هدنة إجبارية بين منتجي النفط في العالم، قد تطول نظرا لعدم وجود مؤشر على ذروة انتشار فيروس كورونا، ولا معلومات عن الفترة الزمنية اللازمة لانحسار الفيروس واختفائه.

 

اقرأ أيضا: هل يتعافى النفط بعد اجتماع أوبك+.. وماذا عن مطلب ترامب؟

وقال الخبير في شؤن النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، إن شركات النفط الصخري الأمريكي تعرضت للانهيار بسبب حرب الأسعار الروسية السعودية، وأوقفت أكثر من 100 شركة عملياتها، وهو ما دفع ترامب إلى الضغط شخصيا على بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان من أجل إنقاذ الأسعار وصناعة النفط الصخري الأمريكية.


وأضاف إسماعيل، في حديث خاص مع "عربي21" أن ترامب نفسه تعرض لضغوط كبيرة من شركات النفط الصخري في ولاية تكساس وداكاتوا الشمالية، مستطردا: "حتى إن أعضاء مجلس الشيوخ الذين يمثلون هذه الولايات، اقترحوا على ترامب أن يوقف التحالف العسكري مع السعودية، ويسحب الحماية العسكرية للمنشآت السعودية التي تعتمد على الحماية الأمريكية".

وحول سبب الاتفاق على خفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا وليس 10 ملايين برميل يوميا، أوضح إسماعيل أن هذا يعود إلى موافقة المكسيك على 100 ألف برميل يوميا فقط، وليس 400 ألف كما كان مطلوبا، معتبرا أن هذا سبب وجود ثغرة 300 ألف برميل في مقدار الحجم الكلي للتخفيض.

واستبعد الخبير النفطي أن يؤدي هذا الخفض إلى إنهاء تخمة المعروض في الأسواق، قائلا: "هذا الاتفاق رغم أنه إيجابي ويعطي إشارات إيجابية للأسواق، إلا أنه لن ينهي تخمة المعروض النفطي في الأسواق، نظرا لانخفاض الطلب في الصين لنحو 25 بالمئة وانهيار الطلب في الهند بنحو 70 بالمئة، إلا أن السوق متخم ب 20 مليون برميل وهناك تقديرات أمريكية ب 30 مليون برميل".

وتابع: "لذا خلال شهرين قد نرى توترات في صفوف أوبك التي تقودها السعودية وروسيا، وقد تشتعل حرب جديدة بين الطرفين" مؤكدا أن الاتفاق لا يعني انتهاء الحرب الروسية السعودية، بل مجرد هدنة مؤقتة قد تطول أو تقصر حسب نتائج هذا الاتفاق على الأسواق.

وأردف: "إذا بقيت أسعار النفط منخفضة سيفشل الاتفاق، وإذا ارتفعت الأسعار وتم تمديد الاتفاق، فهنا يمكن أن نقول تم نزع فتيل الحرب".