الإمارات ترسل 11.5 طن من
المواد الطبية إلى كرواتيا، الإمارات أرسلت 10 أطنان من المساعدات الطبية إلى
صربيا، وقريبا الدفعة الثانية ستكون أجهزة تنفس صناعي، الإمارات تقدم 3.5 طن من
المواد الطبية للجبل الأسود. أما تبرعات الإمارات إلى البوسنة، صفر. لماذا؟
قبل الإجابة، شهدت منطقة غرب البلقان أو دول
الاتحاد اليوغوسلافي السابق حروبا في ما بينها، فقد هاجمت صربيا (85 في المئة
أرثوذكس) كرواتيا في 1991 ثم هاجمت البوسنة في 1992 للحيلولة دون استقلالهما،
وهجمت كرواتيا (86 في المئة كاثوليك) على البوسنة في 1993، ذلك أن صربيا وكرواتيا
أرادتا تقسيم البوسنة بمساعدة صرب وكروات البوسنة بهدف القضاء على مسلمي ودولة البوسنة.
لم يبخل العرب والإمارات بمساعدة مسلمي
البوسنة آنذاك، لكن الفارق أن الإمارات وقتها كانت تحت إدارة الشيخ زايد رحمه
الله، وكانت تقدم المساعدات من وازع إنساني إسلامي، كان محمد،
ابن زايد الثالث،
مشغولا بجمع الرتب العسكرية في الجيش الإماراتي.
وبعد تصدره المشهد في الإمارات فتح خطوط
الاتصال مع قادة محاربة الإسلام في البلقان، ومنهم كوليندا غرابار كيتاروفيتش
رئيسة كرواتيا التي يذوب العرب في جمالها، ويدوسون تحت أقدامهم كرهها للإسلام
والمسلمين، لا تظن أن ذلك تطرفا أو تشددا، يكفيك أن تعرف أنها تنتمي إلى حزب التجمع
الديمقراطي الكرواتي القومي الذي مول ودعم كروات البوسنة لقتل واغتصاب مسلمي
البوسنة من 1993 إلى 1995.
قد تقول: مر على ذلك ربع قرن، ولم تكن كوليندا
رئيسة آنذاك، لكنها منذ وصولها إلى السلطة وهي تروج لتشويه صورة مسلمي البوسنة،
فمثلا أثناء زيارتها إلى إسرائيل العام الماضي نقلت جيروزاليم بوست على لسانها
"البوسنة يسيطر عليها المسلحون الإسلاميون الذين لهم علاقة بإيران"،
وبعد عودتها نفت ذلك.
وفي 2017 حذرت أوروبا "من الإسلام
الراديكالي بعد عودة الآلاف من عناصر تنظيم الدولة إلى البوسنة"، وفي 2016
قالت: "البوسنة فيها من خمسة آلاف إلى عشرة آلاف من السلفيين الجهاديين".
وزارة الأمن ورئيس العلماء في البوسنة فندا
هذه المزاعم وردا عليها، وهي تنفي ما قالته لكن ما في قلب كوليندا الجميلة من حقد
في القلب.
ومن قادة الإسلاموفوبيا ألكسندر فوتشيتش، رئيس
صربيا، الذي تربى في أوكار الحزب الراديكالي الصربي المتطرف الذي اشترك قادته في
الحرب ضد مسلمي البوسنة؟ ويكفي وأنت تراجع تاريخ الحزب أن فويسلاف شيشل، زعيم
الحزب وأستاذ فوتشيتش، حُكم عليه بالسجن عشر سنوات نظير جرائم ضد الإنسانية أثناء
الحرب في كرواتيا والبوسنة.
لكن فوتشيتش غيّر القناع من راديكالي إلى
ليبرالي ووصل إلى السلطة في صربيا، لكنه لم يتخل عن الإسلاموفيا، لذلك وصل إليه
محمد بن زايد بمساعدة محمد دحلان الذي اختبأ في صربيا عقب هروبه من غزة عام 2004،
وجلب الاستثمارات والقروض الإماراتية إلى فوتيشيتش، ثم توسط له بن زايد عند فوتشيتش
فمنحه الجنسية الصربية.
إيفيتسا داتيشيتش، وزير خارجية صربيا،
والمتحالف مع فوتشيتش، بعد الإعلان عن أن عدد
المسلمين في إحصاء السكان في البوسنة
عام 2013 تجاوز 50 في المئة، قال في مقابلة مع التلفزيون الصربي: "مسلمو
البوسنة يمكنهم الآن تأسيس دولة إسلامية، لكننا لن نسمح أبدا بقيام دولة إسلامية
في البوسنة".
اللافت أن إعلان نتيجة الإحصاء تأخر لسنتين
خوفا من ردود الفعل لأن نسبة المسلمين تجاوزت 50 في المئة، إذا إعلان هذه الدولة
الإسلامية المزعومة في البوسنة سيكون بعد مئتي سنة.
أما الجبل الأسود (72 في المئة أرثوذكس)
فوصلتها المساعدات الإماراتية عن طريق صديق ابن زايد، الملياردير اليوناني بيتروس
ستاتيس.
قد تقول لي: إسلاموفوبيا أو إسلامولوبيا، ابن
زايد حر في ماله يفعل فيه ما يريد.. اتفق معك، لكن لماذا لم يساعد محمد بن زايد
مسلمي البوسنة في مكافحة فيروس
كورونا وساعد الأرثوذكس والكروات؟
ألح مسلمو البوسنة في طرح هذا السؤال على رئيس
العلماء والمفتي العام هناك، حسين كفازوفيتش، فأجاب في بيان جمع بين الدبلوماسية
السياسة: "الأمر لا يتعلق بموقف الشعب الإماراتي، والمساعدات التي تصل إلى
دول الجوار ذات طبيعة رمزية، وأنه يتفهم امتعاض بعض البوسنيين من الرسالة السيئة
من الإمارات الشقيقة والصديقة، وأن السبب وراء ذلك هو سوء التفاهم المتبادل بين
السياسات".
من فضلك، أعد قراءة الجملة الأخيرة..
"السبب هو سوء التفاهم المتبادل بين السياسات".
سوء التفاهم الذي لم يجرؤ كفازوفيتش على ذكره؛
أن قادة مسلمي البوسنة تربطهم علاقات وثيقة مع الرئيس التركي أردوغان.
الإسلاموفوبيا والإسلاموفيليا لا يجتمعان في
مكان واحد حتى ولو كان البوسنة الصغيرة الفقيرة التي تصدت عبر التاريخ بمفردها
للاحتلال والحروب، فلم لا تتصدى لفيروس كورونا بدون كمامات وقفازات محمد بن زايد؟