المنافسة الجيوسياسية العالمية والصراعات السياسية لا معنى لها في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد
أولئك الذين يعيشون في حرب عنيفة وأوضاع كارثية ويشهدون انهيار دول، معذورون حينما يعتقدون أنه لا يمكن أن يعيشوا أسوأ مما هم فيه. أما من يعيشون في مناطق مسالمة مرفهة، قد يعتقدون أنه لا يوجد هناك ما يمكنه إلحاق الضرر بهم، وشغلهم الشاغل مواصلة حياتهم السعيدة على الشاكلة نفسها.
ولكن ما نشهده حاليا من وباء قاتل، وصل لدرجة أنه لم يعد هناك مجتمع يعتقد بأنه بعيد عنه وفي مأمن منه. وبتنا في ظل هذا الفيروس نبعد أنفسنا عن الآخرين وعن التفاعل الاجتماعي للحيلولة دون تفشي هذا المرض.
لم نرَ بَعْدُ النور بنهاية النفق
فيروس كورونا تفشى في جميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وعدد الإصابات والوفيات جرّاء الإصابة به آخذ في الازدياد.
يؤمر أكثر من ثلث البشرية بالبقاء في المنازل، ولسوء الحظ ، ستكون هناك وفيات جديدة تضاف إلى من فقدناهم بأعداد كبيرة حتى الآن.
التكلفة الاقتصادية لتفشي الفيروس مخيفة أيضا. ومن المتوقع كذلك أن يكون لها آثار طويلة المدى، وسيؤثر ذلك بالتأكيد على الحكومات في جميع أنحاء العالم.
لم نر النور في نهاية النفق حتى الآن، ولا ينبغي أن ننتظره. إنها لحظة تفكير ولحظة قيادة وعمل.
النظام العالمي كان يعاني قبل كورونا العديد من الصعوبات. تركيا كثيرا ما دأبت على القول بضرورة إصلاح ذلك النظام، وليس هذا فحسب، بل وقالت إن طريقة تشكيل مجلس الأمن قد عفا عليها الزمن، إذ إن العالم أصبح أكبر من خمسة (في إشارة للدول دائمة العضوية بالمجلس).
نحن نعرف أن ذلك النظام لا يعمل كما ينبغي، ندرك ذلك بحكم كوننا دولة أجبرتها الظروف المحيطة أن تصبح وجها لوجه مع صراعات لا تنتهي بالمناطق المجاورة، ومع بؤس بشري، وبحكم كوننا دولة تعد الأكثر استضافة للاجئين والمهاجرين حول العالم.
العالم سبق أن اهتزت أركانه عام 2008 بسبب "الجائحة الاقتصادية"، و"مجموعة العشرين قدمت آنذاك شعورا بالاستقرار للاقتصاد العالمي المترنح.
النظام العالمي عمل آنذاك، لكن علينا الآن تقديم الدعم اللازم من أجل التخفيف من التأثير الاقتصادي للأزمة الراهنة، والتأكد من أن النظام يعمل حتى عند إجراء التصحيحات والتغييرات اللازمة.
الأولوية القصوى حاليا تتمثل في حماية صحة الناس وسلامتهم من فيروس كورونا. نحن نؤيد البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين الأخيرة (انعقدت افتراضيا يوم 26 آذار/مارس)، الذي جاء في الوقت المناسب، حيث التزم القادة بالتضامن في مكافحة هذا الوباء وحماية الاقتصاد العالمي وإزالة القيود التجارية.
أحد الإجراءات المهمة التي اتفقت عليها مجموعة العشرين هو توسيع اتفاقيات المبادلة.
حماية اللاجئين باتت أمرا ذا أهمية
العديد من الدول وعلى رأسهم تركيا، اتخذت العديد من التدابير القوية في ظل هذه الأزمة، لكن الجهود الفردية لن تكون كافية. فهذا الاختبار العالمي يقتضي تدخلا عالميا فيما يتعلق بالصحة العامة ثم الاقتصاد.
وفي عملية التدخل هذه، سيقتضي الأمر على المدى الطويل إعادة تشكيل الدعم الذي تقدمه الدول والمؤسسات الدولية في هذا الصدد. فعلى المؤسسات الدولية المعنية الاضطلاع بدور فعّال بخصوص الدعم المالي ودعم المعدات الطبية.
حماية المجتمعات الهشة والمهاجرين غير الشرعيين واللاجئين ودعم البلدان المضيفة، أصبحت أكثر أهمية الآن عن ذي قبل؛ إذ يجب أن تعمل شبكات التوريد العالمية ونقل البضائع دون حواجز.
كما يجب إعادة تقييم العقوبات التي باتت أداة سياسية يتم استخدامها بشكل صارخ من منظور إنساني. إن العديد من العقوبات، بما فيها تلك التي تستهدف إيران، لا تضر الإيرانيين فحسب، بل تضر جيرانهم أيضا.
القضية التي تهم الجميع وتتطلب استجابة عالمية الآن، هي إنهاء الصراعات التي تجعل الناس، والأنظمة البيئية، والاقتصاد، والضمير، يدفعون الثمن باهظا.
ومن ثم، فإن هذا يقتضي تنحية المجتمع الدولي جميع النزاعات الدولية جانبا، بما في ذلك تلك التي في الشرق الأوسط، ومن ثم ندعو إلى إنهاء الصراعات والسعي الجاد للحوار والمصالحة.
ففي الوقت الذي نعلم فيه أن الجميع يعانون ويكافحون من أجل صحة العالم، تصبح المنافسة الجيوسياسية والخلافات السياسية لا معنى لها.
(عن صحيفة "ذا واشنطن تايمز" الأمريكية، ترجمة الأناضول التركية)
علامة استفهام (3): من منا سينجو؟
الإنكار والخوف والدكتاتورية: كارثة فيروس كورونا في مصر