نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفي آدم تايلور، يقول فيه إن إيران تضررت بشدة من فيروس كورونا، وبأن الأمور قد تزداد سوءا.
ويشير تايلور في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن مراسلا تلفزيونيا، وهو طبيب أيضا، حذر يوم الثلاثاء من أن عدد الوفيات قد يصل إلى "الملايين"، في الوقت الذي قام فيه الزوار الدينيون بدخول مزارات شيعية مغلقة.
ويعلق الكاتب قائلا، إن "تلك التقديرات ليست من فراغ، فقد تجاوز عدد الوفيات في إيران يوم الأربعاء ألف شخص، بعد وفاة أكبر عدد في يوم واحد منذ تفشي وباء كوفيد-19 في إيران، وكانت مؤسسة (دوتش ويلي) الإخبارية الألمانية، قالت في تقرير لها هذا الأسبوع بأن الباحثين في جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، قاموا ببرمجة برنامج محاكاة على الحاسوب لتحليل السيناريوهات المحتملة".
وينقل تايلور عن الباحثين، قولهم إنه في ظل الظروف الحالية، فإن حالات الإصابة لن تصل إلى ذروتها إلا في أيار/ مايو، وبأن عدد الوفيات قد يصل إلى 3.5 مليون.
ويعلق الكاتب قائلا، إن "ذلك الرقم يجعل أي شخص يتوقف عنده، لكن أمريكا أعلنت هذا الأسبوع بأنها ستوسع العقوبات على إيران، وعلى الكيانات التي تساعد الحكومة الإيرانية في تسويق البتروكيماويات، وغير ذلك من النشاطات المحظورة، وهذه استراتيجية تقلق الصديق والعدو".
ويلفت تايلور إلى أن صحيفة "الغارديان" ذكرت في تقرير لها يوم الأربعاء، بأن بريطانيا تقوم سرا بالضغط على أمريكا لتخفيف العقوبات عن إيران وسط هذه الأزمة، في الوقت الذي دعت فيه الصين علنا لرفع أمريكا عقوباتها عن إيران.
ويستدرك الكاتب، بأن أمريكا التي أعادت فرض العقوبات على إيران، بعد أن انسحب الرئيس ترامب من جانب واحد من الاتفاقية النووية مع إيران ودول أخرى في 2018، رفضت ذلك، في الوقت الذي دعا فيه وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، يوم الثلاثاء، إيران إلى إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين المحتجزين هناك، "كبادرة إنسانية، خاصة بالنظر للخطر الذي يشكله" وباء كورونا.
ويقول تايلور: "ما من شك أن العقوبات الأمريكية تعطل التجاوب الإيراني مع الفيروس، فجعلت حكومة تعاني من الخلل أصلا تحاول الحصول على إمدادات، وجعلت المسؤولين يتجنبون اتخاذ إجراءات اجتماعية، قد تؤذي الاقتصاد الذي هو في حالة سقوط حر.
وينوه الكاتب إلى أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" حذرت العام الماضي من أن العقوبات الأمريكية على إيران، أدت إلى "الحد من إمكانيات البلد بشكل كبير لتمويل الواردات الإنسانية، بما في ذلك الأدوية، وهو ما يتسبب بالصعوبات للإيرانيين العاديين، ويهدد حقهم في الصحة الجيدة".
ويذكر تايلور أنه قد تم الإعلان عن الحالات الأولى من الإصابة بفيروس كورونا في 19 شباط/ فبراير في قم، حيث قال المسؤولون إن من تسبب بها ربما كان رجل أعمال قد عاد بالمرض من الصين، وانتشر الفيروس منذ ذلك الوقت في أنحاء البلد، فوصل الرقم إلى أكثر من 17 ألف حالة إصابة مؤكدة، وهو عدد يعتقد على نطاق واسع بأنه أقل من الرقم الحقيقي.
ويشير الكاتب إلى أن الفيروس أصاب أشخاصا من النخبة السياسية، فكان من بين المصابين عشرات المسؤولين وأعضاء البرلمان، بالإضافة إلى أن مستشارا للمرشد الأعلى توفي بعد إصابته بالفيروس، لافتا إلى أن وزير الخارجية، جواد ظريف، ألقى باللوم على "العقوبات الأمريكية غير الشرعية"، وقال إن تلك العقوبات تقتل الناس بكل ما للكلمة من معنى.
ويفيد تايلور بأن آخرين يتفقون معه، فمثلا قارن الكاتب في "ذي إنترسبت"، مهدي حسن، بين عقوبات إدارة ترامب خلال أزمة فيروس كورونا وقرار إدارة بوش عام 2003 برفع العقوبات مؤقتا، بعد أن قتلت هزة أرضية 26 ألف إيراني، وقال في مقاله إن "الحكومة الأمريكية تدار من مرضى اجتماعيا".
ويستدرك الكاتب بأنه بالنسبة للكثير، فإن الطريقة التي أساءت فيها الحكومة الإيرانية التعامل مع الأزمة تؤكد مسؤوليتها، فرفضها ابتداء أن تفرض إغلاقات، ووجود أدلة على أنها لم تنشر أرقام وفيات دقيقة، يقوضان مصداقيتها.
ويلفت تايلور إلى أن مؤشرات صراع السلطة بين حكومة الرئيس حسن روحاني والمرشد الأعلى للثورة، آية الله علي خامنئي، ضاعفت الشعور بالخلل الذي أصاب البلد، مشيرا إلى أن أمريكا عرضت المساعدة لإيران من خلال سويسرا التي تمثلها دبلوماسيا في طهران، إلا أن المسؤولين الإيرانيين انتقدوا ذلك التحرك، ووصفوه بأنه مجرد إثارة "جلبة"، ليس أكثر.
ويقول الكاتب: "قد يكون التشكك في محله، فنشرت (الغارديان) تقريرا قالت فيه، إن بعض الدبلوماسيين البريطانيين يعتقدون أن العروض عن طريق القنوات السويسرية كانت مليئة بالشروط، وأن الكثير في أوروبا يخشون من قيام أمريكا بمعارضة طلب إيران قرضا بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي للمساعدة في حل الأزمة".
ويورد تايلور نقلا عن ريتشارد راتكليف، زوج المواطنة البريطانية المسجونة في إيران، نزانين زاغاري- راتكليف، قوله لـ"الغارديان"، بأن فيروس كورونا قد يشكل فرصة دبلوماسية، وأضاف راتكليف، الذي أطلق سراح زوجته مؤقتا بسبب فيروس كورونا: "سيكون هناك فرق كبير إن قامت المملكة المتحدة بتقديم المزيد من المساعدات الطبية والإنسانية والأدوية لإيران".
ويستدرك الكاتب بأن كلا من أمريكا وإيران تخشيان الاستسلام، فقال كل من روب مالي، الذي عمل على اتفاقية 2015 مع إيران في إدارة أوباما، وعلي فائز من مجموعة الأزمات، في مقال لهما في مجلة "فورين بوليسي" إنه في الوقت الذي قد ترى فيه إدارة ترامب أزمة إيران بأنها "إثبات لصحة استراتيجية الضغط الأقصى"، إلا أن فشلها سيزيد من مخاطر الصراع، وهو ما لا يريده أي من الجانبين.
ويؤكد تايلور أنه "بالرغم من انتشار فيروس كورونا في إيران، واغتيال القائد العسكري الجنرال قاسم سليماني، فإن مضايقة الجنود الأمريكيين في الشرق الأوسط تستمر من حلفاء طهران، فأدى هجوم في العراق هذا الأسبوع إلى إصابات خطيرة، وقال روحاني هذا الأسبوع بأن بلده تخطط لمزيد من عمليات الانتقام لاغتيال سليماني".
ويختم الكاتب مقاله بالقول، إن "حملة الضغط الأقصى ضد إيران، التي تقوم بها إدارة ترامب، لم تؤد إلى فوائد ملموسة، لكن في الوقت ذاته فإن تكاليف السياسة الأمريكية تتزايد، وإن نجحت الآن فهل كان الأمر يستحق ذلك؟".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
قناة أمريكية: ترامب رفض "الرد بقسوة" على إيران بسبب كورونا
بوليتيكو: هل تجاهلت إدارة ترامب تحذيرات أوباما من وباء مقبل؟
فورين أفيرز: هل يقضي فيروس كورونا المستجد على العولمة؟