نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعدته مراسلة شؤون الشرق الأوسط بيثان ماكرنان، تقول فيه إن عائلة الناشطة الحقوقية
لجين الهذلول، التي سجنت منذ عام 2018، تعهدت بمواصلة الكفاح حتى يتم تحريرها من الاعتقال، بعدما قررت المحكمة إلغاء جلسة اجتماع كانت مقررة يوم الأربعاء.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن لجين اكتشفت وهي في سن الخامسة من عمرها أن التحدث علنا سيحدث فرقا، لافتا إلى أن والدها كان ضابطا مخضرما في البحرية، فأراد أن يكون أولاده أقوياء، وأخذها إلى مسبح قريب من بيتها، فانتقده الزوار للمسبح لإحضاره فتاة صغيرة في لباس سباحة إلى منطقة مخصصة للذكور.
وتنقل ماكرنان عن أخت لجين، لينا، قولها: "أخبرهم أنهم لو كانوا غير مرتاحين لما ترتديه فتاة صغيرة لا تتجاوز الخامسة فتلك هي مشكلتهم.. بعد ذلك بدأ الكثير من الآباء يأخذون بناتهم الصغيرات للسباحة".
وتقول الصحيفة إن لجين اعتقلت واحتجزت عدة مرات لأنها تحدت الحظر السعودي على قيادة المرأة للسيارة، ولمطالبتها السلطات برفع قانون وصاية الرجل على المرأة، مشيرة إلى أنها اعتقلت مع عدد من الناشطات في أيار/ مايو 2018، وتعرضن للتعذيب، ووجهت لهن اتهامات بمحاولة زعزعة الأمن القومي، والتعامل مع كيانات أجنبية ضد الدولة.
ويلفت التقرير إلى أنه بعد عامين تقريبا على اختطافها واعتقالها وتأجيل محاكمتها مرات عدة، فإن عائلة الهذلول تناشد المملكة بالإفراج عنها وإنهاء حملات الاعتقال ضد نقاد ولي العهد
محمد بن سلمان، وقد تم تأجيل جلسة استماع في 10 آذار/ مارس، دون إبداء أسباب، وتم إلغاء الجلسة التي كانت مقررة يوم الأربعاء أيضا بعد مطالب والديها اللذين يقومان بتمثيلها قانونيا أمام المحكمة، مشيرا إلى أنه تم تأجيل الجلسة وجلسات المحاكم في البلاد كلها نظرا للمخاوف من انتشار الإصابة بفيروس كورونا.
وتورد الكاتبة نقلا عن لينا، التي تعيش في بروكسل في بلجيكا، قولها: "لجين قوية جدا، وتعلم أنها لم تنس مع أن النظام القانوني والسجن في
السعودية صمما من أجل تركيعها"، وتضيف: "تحاول الحكومة الترويج لخطاب الإصلاح، وإظهار أن المملكة أصبحت ليبرالية أكثر، وأفضل طريقة لعمل هذا هي بالاعتراف بأن الناشطات المعتقلات لسن مجرمات، والإفراج عنهن".
وتلفت الصحيفة إلى أنه عندما أطاح محمد بن سلمان بابن عمه الذي عينه والده وليا للعهد عام 2017، وعد بإصلاحات اقتصادية واجتماعية في البلد المحافظ الذي تحكمه ملكية مطلقة، مستدركة بأنه رغم حدوث بعض التغيرات سمحت للمرأة بالخروج من البيت، والمشاركة في المناسبات العامة، والسفر دون إذن والدها، إلا أن هذه الإصلاحات ترافقت مع حملات قمع ضد من نظر إليه على أنه تهديد لسلطة ولي العهد.
ويفيد التقرير بأن لجين دافعت عن حقوق المرأة، خاصة حقها بقيادة السيارات، وسجنت قبل تغير القانون، مشيرا إلى قول لينا إن الرسالة كانت هي بأن التغيير يأتي فقط من الأعلى، وأضافت: "هناك بالتأكيد مناخ من الخوف في السعودية.. تعودنا على الحياة في ظل نظام قاس، لكننا كنا نعرف حدود ما هو مسموح به، أما اليوم فإننا لا نعرف ما يسبب مشكلات مما لا يفعل ذلك، فيدعون موسيقيين غربيين لإحياء حفلات، لكن النساء اللاتي يحضرنها يتعرضن للاعتقال بسبب الرقص فيها".
وتنوه ماكرنان إلى أن لجين عانت وهي في السجن من
التعذيب، وكانت المعاملة السيئة بمثابة تحذير شديد لها، وعندما سمح لوالديها بزيارتها في كانون الأول/ ديسمبر 2018 كشفت عن أماكن التعذيب والكدمات الزرقاء على فخذيها بسبب الصعقات الكهربائية، وقالت إنها تعرضت للجلد والضرب، ومورس عليها أسلوب الإيهام بالغرق والاعتداء الجنسي من المحققين الذين حاولوا تعريتها من ملابسها وراقبوها وهي في فراشها.
وتقول الصحيفة إنه بسبب اليأس من النظام القانوني السعودي، فإن عائلتها قررت التحدث علنا عن مأساة ابنتها لجين، مشيرة إلى أن الحكومة السعودية نفت اعتقال لجين بطريقة غير قانونية، أو أنها تعرضت للتعذيب.
وينقل التقرير عن لينا، قولها: "لم يسمح لي بالحديث مع لجين مباشرة خوفا على حياتي وحياتها، وما فهمته أن التعذيب الجسدي توقف لكنها لا تزال تحت ضغط نفسي شديد.. بعد حجز انفرادي طويل فإنها تشعر بالانزعاج من أي صوت".
وتبين الكاتبة أن ما يقلق عائلة الهذلول أيضا هو الاتهامات الموجهة لها، التي لا تصدق، مثل التحاور مع صحافيين أجانب، والتقدم بطلب وظيفة في الأمم المتحدة.
وتشير الصحيفة إلى أن محمد بن سلمان قال في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، إن الناشطات المعتقلات متهمات بالتجسس، وكن يعملن لزعزعة استقرار المملكة، وبأن لدى السلطات الأمنية تسجيلات لتؤكد هذا الأمر، وقال في مقابلة مع محطة تلفزة أمريكية العام الماضي، إن النظام القضائي مستقل وألا علاقة له بقضية الناشطات.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه بمواجهة نظام قضائي فإن منظمة "أمنستي إنترناشونال" قالت إنه لا يزال يعتمد على انتزاع الاعترافات عبر التعذيب، فليست أمام عائلة لجين إلا مواصلة الحديث علنا عن حالتها، وقالت لينا: "رفضت أختي التوقف حتى تتحسن حياة المرأة السعودية.. لن نتوقف حتى يتم الإفراج عنها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)