ملفات وتقارير

هذه أسباب التصعيد بين واشنطن والمليشيات الشيعية بالعراق

قتل قصف كتائب حزب الله العراقي جنديين أمريكيين ومتعاقد بريطاني - أرشيفية

فتح التصعيد الجديد بين المليشيات المسلحة الموالية لإيران والولايات المتحدة في العراق، باب التساؤل واسعا حول دلالات التوقيت وإلى أي مدى يمكن أن يصل الصراع بين الجانبين، ولاسيما أن طبيعة الرد لكلا الطرفين باتت غير متوقعة، بحسب مختصين.

وقصفت الولايات المتحدة، الجمعة، خمسة مواقع تابعة لمليشيات كتائب حزب الله في العراق، ردا على  استهداف قاعدة التاجي العسكري شمال بغداد بـ 10 صواريخ، أوقع قتيلين من الجيش الأمريكي ومتعاقدا بريطانيا، وإصابة 12 آخرين بجروح.

"ثأرا للمهندس"

وفي حديث لـ"عربي21" فسر المحلل السياسي العراقي الدكتور أمير الساعدي التصعيد الأخير، بأنه يأتي في سياق الرد الذي توعدت به الفصائل المسلحة العراقية على مقتل نائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في 3 كانون الثاني/ يناير الماضي.

وقال الساعدي إن "الولايات المتحدة بتنفيذها لعملية اغتيال المهندس أعطت مبررا لهذه الفصائل بأن تعزز قوتها وقدراتها الدفاعية وتوجد الحجة القانونية فيما بعد لعملية إخراج الأمريكان من الأرض العراقية، ولا سيما بعد قرار البرلمان الذي يقضي بإجلاء تلك القوات، وأحرج واشنطن".

وأوضح أن "الولايات المتحدة لم تستطع الخروج من الموقف إلا باللجوء إلى حلف الناتو لتبرر وجودها خارج إطار قرار برلمان العراق تحت مشروعية عملية التدريب، وبذلك حاولت الالتفاف على قرار خروجها وأرسلت المزيد من القوات التي كانت في سوريا".

 

اقرأ أيضا: بعد زيارة شمخاني.. "لجنة سباعية" لاختيار رئيس حكومة للعراق

ورأى الساعدي أن "الفصائل المسلحة نفذت تهديداتها بعد مرور أقل من أسبوعين، وأنها أرادت أن تثبت للولايات المتحدة أنها مع نيتها نشر منظومة صواريخ الباتريوت، فإنها لن تستطيع التصدي للرد على استهداف أبو مهدي المهندس الذي كان يمثل خرقا لسيادة العراق".

وأشار إلى أن "عدم تعاطي الولايات المتحدة مع الدولة العراقية، بخصوص استهداف قواتها في العراق، والرد بنفسها، أعطى المبرر لتلك الفصائل لاستهدافها"، لافتا إلى أنه "عندما كانت واشنطن تستهدف هذه الفصائل في سوريا خارج حدود البلاد لم نر ردا عليها داخل العراق".

وبخصوص توقيت قصف معسكر التاجي، قال الساعدي إن "قرار الكونغرس الأمريكي بالحد من صلاحيات ترامب لشن حرب على إيران، في يوم قصف قاعدة التاجي، قد يكون أحد العوامل المساعدة لتلك الفصائل باستثمار القرار وشن الهجوم".

ورأى الساعدي أن "عدم التزام الولايات المتحدة بقرار برلمان العراق والخروج من البلد، جعلها بمثابة هي من أطاح بالحلول السياسية والدبلوماسية، وبالتالي فإن لهذا الأمر ارتدادات أعطت المبرر للفصائل المسلحة للتحكم حتى بالوضع السياسي العراقي".

"دفع للتفاوض"

من جهته، قال الخبير الأمني أحمد الشريفي إنه "بعد انهيار الاتفاق النووي الإيراني الذي كان بمثابة نزع فتيل أزمة قد تنذر بحرب بين الولايات المتحدة وإيران، انطلق نشاط حلفاء طهران تجاه النفوذ والمصالح الأمريكية في العراق، إذ أنه بدأ إعلاميا وسياسيا ووصل إلى حد العمليات العسكرية المتبادلة".

وأضاف الشريفي في حديث لـ"عربي21" أنه "مع استهداف الولايات المتحدة الأمريكية لتلك الفصائل المسلحة، هناك مسار سياسي لواشنطن يستهدف القوى السياسية التي تقدم دعما لوجستيا للفصائل".

وأوضح أن "المسار السياسي الذي ستسير فيه الولايات المتحدة، هو إصدار قرارات أممية سواء كانت فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان والمتظاهرين وانتهاء بملفات فساد، فالأيام المقبلة سيكون فيها أحداث متسارعة".

ورجح الشريفي أن "الضربات التي تشنها فصائل موالية لإيران ضد الولايات المتحدة، هدفها الدفع للتفاوض مع طهران، وليس تسريع الانسحاب الأمريكي من العراق".

 

اقرأ أيضا: تدهور أسعار النفط ينذر بكارثة كبيرة على الاقتصاد العراقي

وتابع: "لأن كل الأطراف العراقية تعلم أن الولايات المتحدة لم تدخل العراق لتنسحب بسهولة، لذلك هناك ضغط على الأمريكان للتفاوض أما في قضية 5 + 1 بموضوع النووي، أو لرفع الحصار عن إيران".

وبحسب الشريفي، فإن "الرد العسكري الأمريكي هو بمثابة رفض التفاوض مع إيران، وعلى الجانب الآخر فإن طهران على مستوى الإعلام الرسمي أيضا ترفض التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، فالمسألة معقدة، لكن ما يعنينا أن العراق بات مسرحا لتصفية الحسابات بين الطرفين".

وفي السياق ذاته، أعلن قائد القوات المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي، الجمعة، أن الضربات الأمريكية في العراق دمرت خمسة مواقع تابعة لميليشيا كتائب حزب الله، محذرا إيران ووكلاءها من أن واشنطن سترد بقوة على أي استهداف لقواتها.

وأضاف ماكنزي: "نحن على تواصل مستمر مع الاستخبارات العراقية لمعرفة مواقع حزب الله، هناك الكثير من مستودعات تخزين السلاح، لكن الاقتصار على استهداف المواقع الخمسة هو لإيصال رسالة ردع، وإذا لم تصل الرسالة فسنستمر".

وأكد القائد الأمريكي أن "بلاده تعمل مع حكومة العراق لملاحقة هذه المواقع طوال الوقت، وهناك الكثير من المواقع التي يمكن قصفها ولكن هذا سيؤدي لمقتل الكثير من المدنيين".

وبخصوص نصب منظومة صواريخ باتريوت، قال ماكنزي: "بدأنا في وضع المواد الإعدادية في مكانها، وبدأنا في وضع الأنظمة الدفاعية التي تدافع عن هذه الصواريخ"، مؤكدا أن "القوات الأمريكية تنتشر في العراق بناء على دعوة من الحكومة، ونود أن نعمل معها لتقليل الهجمات التي تستهدف قواتنا".