ظهر فيروس
كورونا في مدينة ووهان الصينية، وسرعان ما
انتشر حول العالم بشكل مخيف، مع تزايد عدد المصابين به والمتوفين بسببه، ولكنه لم
يصل إلى
تركيا إلا متأخرا، بفضل الله أولا، ثم بفضل التدابير الصارمة التي اتخذتها
وزارة
الصحة التركية منذ بداية الأزمة في كافة أنحاء البلاد.
أعلن وزير الصحة التركي فخر الدين كوجا، في مؤتمر
صحفي عقده بعد منتصف الليل،
تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا الجديد في تركيا، وهي
لمواطن أصيب بالفيروس خلال وجوده في أوروبا، مشيرا إلى أن "حالته الصحية
العامة جيدة، وتم وضع أفراد عائلته وكل المحيطين به تحت الملاحظة".
تركيا أجلت بطائرة عسكرية مواطنيها ومواطني بعض
الدول الصديقة من
مدينة ووهان الصينية، بؤرة انتشار فيروس كورونا، ووضعتهم في
الحجر الصحي لمدة 14 يوما، لتتأكد من عدم إصابتهم بالفيروس. وأغلقت حدودها مع إيران،
كما علقت الرحلات الجوية منها وإليها. وأعلنت أن نتائج الحجر الصحي الذي خضع له
العائدون من إيران في العاصمة أنقرة أثبتت خلوهم من الفيروس المنتشر في الجارة.
وزارة الصحة التركية تتعامل مع أزمة فيروس كورونا
بكل شفافية. وبالتوازي مع التدابير اللازمة التي حالت دون ظهور الفيروس في البلاد
حتى الأمس، يخرج وزير الصحة التركي أمام الكاميرات كل يوم ليقدم كافة المعلومات
الجديدة حول التطورات في الأزمة، بالإضافة إلى نفي الشائعات والأخبار الكاذبة.
تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قبل
يوم خبرا يفيد بتسجيل إصابة مواطنة أمريكية ذات 86 عاما بعد وصولها إلى الولايات
المتحدة قادمة من تركيا، إلا أن وزير الصحة التركي كشف أن تلك السيدة الأمريكية لم
تزر تركيا، ولم تدخل البلاد، بل زارت ألبانيا، وعادت من تيرانا إلى واشنطن مرورا بمطار
إسطنبول دون أن تخرج منه. وأشار كوجا إلى أن دول الجوار وأوروبا تأخرت في اتخاذ
التدابير الوقائية لمواجهة فيروس كورونا، ودعا القادمين إلى البلاد من الخارج إلى الالتزام بالقواعد المعلنة، كما طلب من المواطنين تجنب السفر إلى الخارج إلا عند
الضرورة.
تركيا مستعدة للتعاون مع أي دولة تطلب منها التشاور
وتبادل المعلومات والخبرات في مكافحة فيروس كورونا، وأعربت 26 دولة رغبتها في
التعاون مع تركيا من أجل التصدي لخطر انتشار الفيروس. وكانت وزارة الصحة التركية
قدَّمت إلى السلطات الإيرانية نصائح في بداية الأزمة، وأشارت إلى ضرورة عزل مدينة
قم من المناطق الأخرى، إلا أن المسؤولين الإيرانيين لم يأخذوا تلك النصائح بعين
الاعتبار.
الجهود المكثفة التي تبذلها وزارة الصحة التركية في
مكافحة فيروس كورونا، تلقى تقديرا من جميع المنصفين من أنصار حزب العدالة والتنمية
الحكم والأحزاب المعارضة، إلا أن هناك معارضين لا تعجبهم تلك الجهود الناجحة، ولا
يخفون انزعاجهم من التدابير الصارمة التي تتخذها وزارة الصحة التركية، لأنها لا
تفسح لهم المجال لتحريض الشارع ضد الحكومة بهذه المناسبة، وانتقادها بالتقاعس.
هؤلاء يشككون في تصريحات وزير الصحة التركي، ويتمنون
انتشار الفيروس في تركيا في أقرب وقت. ولا تقتصر هذه المشاعر العدائية والنفسية
المريضة على معارضين أتراك فحسب، بل يشاركهم فيها أبواق الأنظمة الدكتاتورية
المعادية لتركيا بسبب مواقفها المشرفة من الربيع العربي وتطلعات الشعوب.
الحكومة التركية لا تخفي أي معلومة حول فيروس
كورونا، ولا تستطيع أن تخفيها، في ظل وجود أطباء في كافة المستشفيات ينتمون إلى
المعارضة، كما أن وسائل الإعلام التركية المعارضة لن تتردد في نشر تسجيل أي إصابة
بالفيروس. ومن المؤكد أن وزارة الصحة التركية ستعلن للرأي العام مباشرة التطورات الجديدة
في الأزمة، كما أعلن كوجا تسجيل أول إصابة في البلاد، في مؤتمر صحفي عقده بعد
منتصف الليل دون أن ينتظر الصباح.
تركيا حققت في السنوات الأخيرة نجاحات كبيرة وثورة
باهرة في شتى المجالات تحت حكم حزب العدالة والتنمية. ولعل الصحة تأتي على رأس تلك
المجالات التي شهدت نقلة نوعية قل نظيرها، وبُنِيَتْ فيها عشرات من المستشفيات
الحديثة والمدن الطبية، سواء الحكومية أو الأهلية. وأعلن وزير الصناعة
والتكنولوجيا التركي مصطفى وارانك، أن الحكومة ستنشئ في أنقرة "وادي
تكنولوجيا الصحة" لتطوير التكنولوجيا المستخدمة في الطب، لتكون العاصمة التركية
من أهم المراكز في هذا المجال.
فيروس كورونا يواصل انتشاره حول العالم، وتجاوز عدد
الوفيات بسببه أربعة آلاف شخص. وبعد ثلاثة أشهر من ظهور
الفيروس الجديد في الصين،
تم تسجيل أول إصابة به في تركيا، إلا أن وزارة الصحة التركية التي تعاملت مع
الأزمة منذ بدايتها بكل جدية وشفافية وصرامة، ستتخذ كافة التدابير اللازمة من أجل عدم
انتشار الفيروس، ومحاصرته بتلك الحالة المسجلة.