براغماتي، عقائدي متطرف، يعشق السلطة بأي ثمن، يوصف بـ"شعبوي الهند"، أو "النسخة الآسيوية" من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واليمين المتطرف في أوروبا.
تشرب الأيديولوجية القومية الهندوسية أيام شبابه حين انضم إلى "المنظمة القومية الطوعية" التي تعتمد أساليب شبه عسكرية، وأمضى في شبابه عدة سنوات في الهيميلايا قبل أن ينخرط في السياسة.
يرى أنصاره أنه شخص عصامي لا يهمه كثيرا وضع الأقليات في البلاد وعلى رأسها المسلمة التي يبلغ عددها 200 مليون نسمة.
تلقى ناريندرا مودي المولود عام 1950 تعليمه في جامعة "غوجارات"، وتخصص في العلوم السياسية، وحصل على شهادة الماجستير من "جامعة دلهي" في العلوم السياسية أيضا.
لم تكن لابن صاحب كشك لبيع الشاي في موقف للباصات والقطارات أية روابط قوية مع عائلته أو الأصدقاء، فترك مدينته في مرحلة مبكرة من شبابه، وانضم إلى "فيلق المتطوعين الوطنيين" القومي اليميني والذي يعتبر على نطاق واسع المنظمة الأم لحزب "بهاراتيا جاناتا" الهندوسي المتطرف المعادي للمسلمين، وتفرغ للعمل في هذا "التنظيم".
وأسس "الفيلق" عام 1925 ويؤمن بوحدة الهند والدفاع عن القومية الهندوسية ويعتبر الدعامة الأساسية للقومية الهندوسية منذ أيام الحكم البريطاني، وقام "التنظيم" باغتيال المهاتما غاندي عام 1948 على يد عضو سابق فيه.
ويعد حزب "بهاراتيا جاناتا" الذي يرأسه مودي الواجهة السياسية لـ"الفيلق" ويؤمن بـ"الهندوتفا"، وهي أيديولوجية تسعى إلى ترسيخ سيادة الهندوس وطريقة الحياة الهندوسية.
قاده الصوت الهندوسي إلى ترأس حكومة ولاية غوجارات ما بين عامي 2001 و2014، وكانت تلك الفترة الأكثر دموية ضد المسلمين في الهند فقد اتهم مودي بعدم بذل ما يكفي من جهود لوقف أعمال العنف الديني في عام 2002 عندما قتل أكثر من ألف مسلم.
وقد زاد من النقمة عليه في صفوف خصومه رفضه تقديم اعتذارات، وقد قاطعته الولايات المتحدة وأوروبا على مدى عقد قبل أن تستأنفا الاتصالات معه.
واتهمته عدة جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان بأنه شجع ضمنا أعمال العنف الدينية في غوجارات، ومع أنه لم يلاحق قضائيا فإن اسمه مرتبط منذ ذلك الحين بتلك المرحلة المؤلمة التي تركت آثارها في أوساط المسلمين والمدافعين عن العلمانية.
اقرأ أيضا : هل ساهم "استقلال" باكستان بزيادة اضطهاد مسلمي الهند؟
في عام 2005 ألغى زيارة إلى بريطانيا خوفا على سلامته وجاء الإعلان بعد أسبوع فقط من رفض الولايات المتحدة منحه تأشيرة لزيارتها.
وقال مسؤولون هنود إن ثمة مخاوف على سلامته في بريطانيا بعد إعلان جماعات إسلامية وأخرى داعمة لحقوق الإنسان نيتها القيام بحملة ضد الزيارة.
وكان مودي قد شبه عام 2013 المسلمين الذين سقطوا ضحايا أعمال عنف واشتباكات مع الهندوس بـ"الجراء التي تدهسها سيارة".
فاز العام الماضي بغالبية كبيرة في البرلمان بعد أن حقق حزبه الهندوسي المتطرف "بهاراتيا جاناتا" نجاحه الثاني في الانتخابات التي أجريت العام الماضي مقارنة بانتخابات عام 2014 التي سمحت له بتشكيل حكومته الأولى ليزيح حزب "المؤتمر الوطني" الذي حكم الهند منذ عام 1947.
واصل مودي سياسته العنصرية ضد المسلمين وتجلى ذلك بإقرار قانون يسمح للهندوس والمسيحيين وبعض الأقليات الدينية الأخرى (السيخ والجاينية والزردشتيين والبوذيين)، الموجودين في الهند بشكل غير شرعي الحصول على الجنسية الهندية إذا كانوا وصلوا الهند قبل 31 كانون الأول/ ديسمبر عام 2014، وإذا كانوا يقيمون في الهند منذ ما لا يقل عن خمس سنوات، ويستثنى المسلمون من القرار.
القانون الاستفزازي والموجه ضد المسلمين أثار القلق بين مسلمي الهند، وأيضا على خلفية إزالة الحكام المسلمين من الكتب التي تصدرها الدولة.
ويرى منتقدو القانون أنه يعد انتهاكا لدستور الهند العلماني، ويصفونه بأنه أحدث محاولات حكومة مودي، لتهميش المسلمين الهنود، الأمر الذي نفاه مودي مرارا، متهما حزب "المؤتمر الوطني" المعارض باستخدام مختلف الخطط بغرض الإطاحة به من السلطة.
واتهم مودي معارضيه بـ"نشر شائعات مفادها أن جميع المسلمين سيتم إرسالهم إلى معسكرات اعتقال"، مضيفا أن "كل هذه الروايات عن معسكرات الاعتقال ليست سوى أكاذيب وأكاذيب".
وتمضي الهند مع مودي وحكومة "بهاراتيا جاناتا" في تدعيم وترسيخ نظام عرقي عنصري يهدف إلى منح التفوق للهندوس وإقصاء المسلمين، فقد طبق مودي مذهبه الأيديولوجي القاضي بتعميم الهندوسية، والتي تنص على أن الهند هي ملك للهندوس.
اقرأ أيضا : فورين بوليسي: المسلمون في الهند بخطر جسيم.. ما السبب؟
وقد بدأ مودي ولايته الجديدة بسياسة فرض القوة في إقليم كشمير المتنازع عليه مع الجارة باكستان العام الماضي، عندما حرم هذه المنطقة ذات الأغلبية المسلمة من الحكم الذاتي، الذي كانت تتمتع به منذ الاستقلال، وقمع الاحتجاجات بوحشية أثارت الرأي العام الهندي والعالم ضده.
ويغض مودي الطرف عن الجماعات الهندوسية المتشددة التي تستهدف المسلمين، وتقوض المبادئ العلمانية للدستور الهندي دون أن يحاول ولو شكليا كبح جماحها.
وبينما كان الرئيس الأمريكي ترامب يصف مودي بـ"الزعيم الاستثنائي"، وتفتح دول الخليج العربي أبوابها لمودي وتكرمه بالأوسمة والنياشين، وتعقد معه الصفقات وتشيد بجهوده وتبني معابد للهندوس على أراضيها، كان يرفرف علم هندوسي فوق مسجد أحرقه أنصار مودي، وكان "الهمج" يخربون ويحرقون المساجد ويشعلون النيران في ممتلكات المسلمين، ويظهر في لقطات فيديو رجال يتسلقون المئذنة لنزع مكبر الصوت ووضع العلم، بينما كانوا يهتفون "جاي شري رام"، وهي ترنيمة هندوسية تحولت إلى شعار عنصري ضد المسلمين.
تغرق البلاد في حالة اضطراب عرقي وتراجع اقتصادي وتهور سياسي ضحيته الأولى ما يسمى "الأقلية المسلمة" التي تستنزف بكل الأدوات منذ أن وصل مودي إلى السلطة وسط صمت عربي وإسلامي ودولي .
يجلس مودي في مقر إقامته في المدينة الهندوسية "المقدسة" بنارس على ضفاف نهر "الغانج" المكرس أيضا لـ"الإله الهندوسي شيفا"، فيما تغادر مئات العائلات المسلمة نيودلهي إلى مدن أكثر أمنا خوفا من هجمات المتطرفين الهندوس، في وقت يواصل فيه مودي وأعضاء حكومته إلقاء خطابات الكراهية، واصفين المسلمين بـ"الخونة" وأنه "يجب إطلاق النار عليهم" بحسب خطابات ألقاها أكثر من مسؤول هندي أخيرا.