أدتّ غارة جوّية أول أمس إلى مقتل وجرح حوالي 65 جنديا تركيا في إدلب في أعلى حصيلة من الخسائر تشهدها تركيا في يوم واحد على الإطلاق. وبالرغم من أنّ العملية نُسبت إلى نظام الأسد، إلاّ أنّه لا يوجد أدنى شك في أنّ الذي قام بتنفيذها هو روسيا وليس النظام السوري الذي لا يمتلك أدنى فرصة للقيام بمثل هذا النوع من المهام. العملية تمّت ليلاً، واستخدم فيها أسلحة دقيقة لاستهداف مجموعة من القوات التركية في موقع محدد. النظام الذي يلقي البراميل على السوريين ليس لديه القدرة على الطيران ليلاً أو إلقاء قنابل دقيقة الإصابة فضلاً عن الإحداثيات اللازمة.
حسابات أنقرة وموسكو
لم تتّهم تركيا روسيا بهذا الأمر وتنصّلت الأخيرة من مسؤوليتها، مشيرة إلى أنّها لم تقم بمهام جوّية في تلك المنطقة آنذاك. لكلا الطرفين مبرّراتهما في نسب العملية لنظام الأسد. بالنسبة إلى روسيا، هي لا تتبنى العملية لأنّ ذلك سيكون بمثابة إعلان حرب على دولة عضو في الناتو، وهذا سيمكن أنقرة من استدعاء المادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتي تقول إنّ الاعتداء على دولة عضو هو اعتداء على الناتو ممّا يعني أنّ الأخير سيصبح طرفاً في معركة لا قِبَل لروسيا بها.
في المقابل، فإنّ تركيا لا تريد اتّهام روسيا لأنّ ذلك، إن حصل، سيكون عليها أن تقوم بأمرين: الأوّل هو الإعلان أنّ ضرب موسكو لقوات تركيّة لم تكن في معركة ضد روسيا هو بمثابة إعلان حرب. أمّا الثاني، فهو أنّه يجب الرد على هذه العملية بضرب أهداف لروسيا. في هذه الحالة، تكون تركيا قد دخلت في مواجهة مع روسيا بدلاً من نظام الأسد، وفي معركة من هذا النوع، اليد العليا ستكون على الأرجح لروسيا خاصّة إذا لم يتم تقديم أي دعم لتركيا من قبل الولايات المتّحدة أو الناتو أو أوروبا.
لم تتّهم تركيا روسيا بهذا الأمر وتنصّلت الأخيرة من مسؤوليتها، مشيرة إلى أنّها لم تقم بمهام جوّية في تلك المنطقة آنذاك. لكلا الطرفين مبرّراتهما في نسب العملية لنظام الأسد.
تركيا ومهمة تحييد روسيا في إدلب
وفقاً للتقديرات الروسية، من الممكن التغلّب على التعنّت التركي وموقف أنقرة المدعوم بحشد عسكري في إدلب بعدّة طرق إحداها رفع التكلفة البشرية على أنقرة ونقل تداعيات ذلك إلى الداخل التركي. هذا التصوّر يعزّز من معركة عض الأصابع الحاصلة الآن بين الطرفين. بالنسبة إلى الجانب التركي، فإن نظام الأسد، الذي لا يمتلك ما يخوّله الحفاظ على الأرض في ظل افتقاده إلى القوة البشرية، سينهار سريعاً ما أن تبدأ المعركة معه، إلا أنّ المعضلة الأساسية لتركيا هي كيف من الممكن تحييد روسيا دون الاصطدام معها؟
إنّ الأطراف التي باستطاعتها ترجيح كفّة تركيا لا تزال صامتة، فباستثناء بعض التصريحات هنا وهناك، لا يوجد حتى هذه اللحظة خطوات عمليّة لدعم تركيا لا من قبل الولايات المتّحدة ولا من قبل حلف شمال الأطلسي
التوتر التركي- الروسي وإمارة الجولاني في إدلب