بعد أن حل رابعا في محطة آيوا، وخامسا في نيوهامبشر، يمكن القول إنه آن الأوان لإلقاء نظرة متمعنة على نائب الرئيس السابق جو بايدن، المرشح «الديمقراطي» الذي كان مهيمنا أمس وبات متعثرا اليوم.
إن حلول المرء في المرتبة الرابعة والمرتبة الخامسة لا يمثل بحال من الأحوال تقدما في السباق. وبالطبع، فإن الأمور يمكن أن تتغير بعد محطة كارولاينا الجنوبية، هذه هي العبارة التي تصدر عن حملة بايدن. صحيح أن محطتي آيوا ونيوهامبشر لا تعكسان بالضرورة الاتجاه الذي قد تأخذه الانتخابات التمهيدية في بقية الولايات، إلا أنه يبدو أن بايدن ليس مجرد «غير قابل للانتخاب»، بل هو ضار بحزبه أيضا.
فقد شوّه بايدن دورة الانتخابات التمهيدية 2020 بأكملها، إذ تصدر نتائج استطلاعات الرأي باعتباره المرشح الأوفر حظا لعدة أشهر، وفي الأثناء، استحوذ على دعم (خمسة سيناتورات، وأكثر من 24 عضوا بمجلس النواب، ومسؤولين منتخبين على مستوى الولايات)، والتبرعات المالية التي كان يمكن أن تذهب إلى مرشحين آخرين انتهى بهم المطاف، بدلا من ذلك، إلى الانسحاب من السباق بسبب نقص المال ودعم المؤسسة الحزبية. ثم بعد ذلك، خسر الانتخابات في آيوا ونيوهامبشر. على أنه فقط منذ أن بدأ وضع «المرشح الأوفر حظا» يفلت منه، أصبحت لدى المرشحين الوسطيين الآخرين فرصة.
والواقع أن وعد «قابلية انتخاب» بايدن، أثنى عمدة نيويورك السابق مايك بلومبيرج عن دخول السباق حتى شهر نوفمبر، ومثلما كتبت مجلة «نيويورك»: «كاد يوقف نمو كل بديل آخر من يسار الوسط». فقد أخذ بايدن المكان الذين كان يمكن أن تشغله إيمي كلوباتشر أو بيت بوتيجيج أو كوري بوكر أو كمالا هاريس، قبل أن يثير بيرني ساندرز الهلع بين أعضاء الحزب من خلال فوزه في المحطتين الأوليين.
والواقع أنه بدا لفترة من الفترات كما لو أن اختياره من قبل باراك أوباما قد يكون كافيا للنجاح، في وقت انخرط فيه ساندرز وإيليزابيث وارن في تدمير تقدمي متبادل. لكن بايدن لم يكن يفعل ما كان ينبغي فعله في حملة انتخابية حديثة؛ إذ لم يذهب إلى برنامج رايتشل مادو، ولم تلتقط له صور «سيلفي» مع الناس في الشارع، ولم يفعل أيّا من الأشياء التي فعلها المرشحون الحديثون الآخرون.
الآن تفصلنا عن «الثلاثاء العظيم» 19 يوما، وقد أثبت بايدن ما كان يتوقعه كثيرون منا (نحن «الديمقراطيين») منذ البداية: حتى يكون المرء قابلا للانتخاب، عليه الفوز بانتخابات. وعلى نحو مفاجئ، يسارع الحزب الديمقراطي الآن لإيجاد مرشح أوفر حظا من الوسط، يستطيع شغل ما كان يسمى، حتى الأسابيع القليلة الماضية، مسار جو بايدن.
ربما فات الأوان بالنسبة للوسطيين، فمع تراجع وارن، ربما أضاع المعتدلون فرصتهم في الترشيح بينما تجتاحهم موجة ساندرز. ومع ذلك، نستطيع القول إن أفضل شيء يمكن لبايدن فعله من أجل الحزب، هو الانسحاب قبل أن تصبح الطريقة الوحيدة التي يمكن للناس أن يوقفوا من خلالها ساندرز، إن أرادوا، هي دعوة المندوبين الكبار في ميلوكي (ولاية ويسكونسن) وجعلهم يصوّتون لصالح الملياردير الجمهوري السابق. قال بايدن في نيوهامبشر: «لم أُعِر الكلام حول المرشحين الأوفر حظا أي اهتمام منذ أن دخلت السباق». ويا ليت أي أحد آخر لم يعرها اهتماما أيضا، حينها ما كنا سنكون وسط هذه الفوضى.
(الاتحاد الإماراتية)