كثّفت الصين خلال الساعات الأخيرة جهودها لاحتواء فيروس كورونا المستجدّ، فعزلت أكثر من أربعين مليون شخص الجمعة، بينما أُلغيت احتفالات كانت مقرّرةً السبت لمناسبة السنة القمريّة الجديدة وأُغلِقت مواقع شعبيّة تلقى إقبالا.
وتضاعفت السبت الحصيلة الرسميّة لضحايا الفيروس الذي ظهر في كانون الأوّل/ديسمبر في سوق بمدينة ووهان، مع تأكيد وفاة 41 شخصا في الصين بين نحو 1300 مصاب بالفيروس في داخل البلاد.
أمّا في الخارج، فسُجّلت إصابة ثانية بالفيروس في الولايات المتّحدة، وثلاث إصابات في فرنسا، للمرّة الأولى في أوروبا.
وأشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة بجهود بكين لمحاولة احتواء انتشار الفيروس، مثنيا على "شفافيّتها" في المعركة ضدّ كورونا.
وكتب ترامب على تويتر "الصين تعمل بجدّ لاحتواء فيروس كورونا. الولايات المتحدة تُقدّر حقا جهودهم وشفافيّتهم"، مبديا قناعته بأنّ الأمور "ستسير على ما يرام".
في ووهان الصينيّة التي تعدّ 11 مليون نسمة ووُضعت بحكم الأمر الواقع تحت الحجر الصحي منذ الخميس، يقول سائق سيّارة أجرة: "هذا العام، عامنا الجديد مخيف جدا... لا نجرؤ على الخروج بسبب الفيروس".
في العاصمة الصينيّة، ارتدى موظّفو المترو أزياء مخصّصة لحماية أنفسهم وقياس حرارة أجسام المسافرين عند مدخل محطّة بكين.
إغلاق
ويزداد إلغاء الاحتفالات وإغلاق المواقع منعا لانتشار الفيروس. وتبدأ العطل الطويلة للعام الصيني الجديد الجمعة، عشيّة بدء سنة الفأر في 25 كانون الثاني/يناير. ويتنقل خلال هذه العطلة مئات الملايين، وهو ما يُفاقم العدوى.
وفي مؤشّر إلى القلق الذي ساد كلّ أنحاء الصين، أعلنت السلطات إغلاق أقسام من سور الصين العظيم ومواقع رمزيّة مثل مقابر مينغ. وسيُبقي استاد بكين الوطني الذي شُيّد للألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، أبوابه مغلقة حتى 30 كانون الثاني/يناير.
اقرأ أيضا: الصين تبني مستشفى بسعة 1000 سرير بـ6 أيام لمواجهة كورونا (شاهد)
وأغلقت "المدينة المحرمة" وهي القصر الامبراطوري القديم، أبوابها منذ الخميس حتّى إشعار آخر وأُلغيت احتفالات رأس السنة الجديدة التي تجمع عادة مئات ملايين الأشخاص في الحدائق للاحتفال.
في شنغهاي، أعلنت مدينة ملاهي "ديزني لاند" إغلاق أبوابها. ومن مونتريال، ألغى "سيرك دو سولاي" الكندي عرضا كان مقرّرا في بكين، بناء على طلب السلطات.
وفي مواجهة الأزمة، اتّخذ النظام الشيوعي الخميس قرارا غير مسبوق بمنع كلّ القطارات والطائرات من مغادرة ووهان، وبإغلاق الطرق السريعة.
وتوجّه عدد قليل من الطائرات إلى المدينة خلال النهار. وتلقّت الحافلات والسفن عند نهر يانغتسي، أطول نهر في الصين وتقع ووهان على ضفافه، الأمرَ بالتوقّف في الاتّجاهين.
لليوم الثاني على التوالي، كانت شوارع ووهان مقفرة والمتاجر مُغلقة وحركة السير خفيفة. وصار ارتداء الأقنعة الواقية إلزاميّا تحت طائلة تسطير محضر ضبط بحقّ المخالف.
رغم ذلك، لا خشية من تسجيل نقص في الأغذية، إذ أقدم كثُر على تخزينها استعدادا للعام الجديد.
وفي مستشفيات زارتها وكالة فرانس برس، كان مرضى ينتظرون ممرّضة ترتدي بزة حماية، من أجل قياس حرارة أجسامهم.
وقال رجل يبلغ 35 عاما اسمه لي: "لديَّ حرارة وسعال، أخشى أن أكون التقطت العدوى".
وبما أنّ المستشفيات مكتظّة، بوشر بناء مستشفى مخصّص لاستقبال ألف مصاب بالفيروس في غضون عشرة أيام. ويُفترض أن يفتح أبوابه في الثالث من شباط/فبراير، وفق وسائل إعلام رسمية.
وأعلن التلفزيون الصيني إرسال 40 طبيبا عسكريّا إلى ووهان.
وبالإجمال، ثمة 13 منطقة مقطوعة عن العالم، وتضمّ 41 مليون شخص، أي ما قد يوازي سكّان بولندا أو كندا.
تجارب طبية
عقب اجتماع امتدّ على يومين في مقرّها في جنيف، أقرّت منظّمة الصحّة العالمية الخميس بوجود "حالة طوارئ في الصين"، لكنّها اعتبرت أنّ "من المبكر جدا" التحدّث عن "حالة طوارئ صحّية عالميّة".
ولم تستخدم المنظّمة حتّى الآن مصطلح حالة الطوارئ العالميّة إلا في حالات وباء نادرة تتطلّب استجابة دوليّة حازمة، مثل أنفلونزا الخنازير "إتش 1 إن 1" عام 2009 وفيروس "زيكا" عام 2016 وإيبولا الذي اجتاح قسما من غرب أفريقيا بين عامي 2014 و2016 وجمهورية الكونغو الديموقراطية عام 2018.
تؤكّد المنظّمة أن لا دليل حتّى الآن على انتقال العدوى من إنسان لآخر خارج الصين، مضيفة: "يبدو أنّ الأمر يقتصر حتى الآن على مجموعات أسريّة وعلى العاملين في مجال الرعاية الصحية".
ولا تطلب المنظمة فرض قيود على السفر، إنما إخضاع المسافرين لفحوص في المطارات. وتطالب أيضا "كل الدول" بوضع إجراءات لكشف حالات الإصابة بالفيروس الذي لا يوجد حاليا علاج له أو لقاح للوقاية منه.
في دافوس حيث يُعقد المنتدى الاقتصادي العالمي، أعلن التحالف من أجل ابتكارات تحسبا من الأوبئة الخميس، أنّ التجارب الطبية المتعلّقة بإعداد أول لقاح يمكن أن تحصل "بدءا من الصيف".
وتمّ الإعلان عن إصابات في دول آسيوية (هونغ كونغ وماكاو وتايوان وكوريا الجنوبية واليابان وتايلاند وسنغافورة وفيتنام) وأيضا في الولايات المتحدة وفرنسا.
ويثير المرض خشية من تكرار ما حصل مع فيروس سارس المماثل الذي أدى إلى مقتل 650 شخصا في الصين القارية وهونغ كونغ بين عامي 2002 و2003.
الرعايا الاتراك
الى ذلك دعت السفارة التركية في العاصمة الصينية بكين، رعاياها المقيمين في مقاطعة "خوبي" التي ظهر فيها فيروس "كورونا الجديد"، والراغبين بمغادرتها، لمراجعتها أو مراجعة القنصلية.
وقالت السفارة التركية في حسابها على "تويتر"، السبت، بأنه يجب على المواطنين الأتراك المقيمين في مدن ووهان، وهوانغ غوانغ، وإيجو، وتشيبي، والتابعة لمقاطعة "خوبي"، بتزويد السفارة ببياناتهم الشخصية، من خلال البريد الإلكتروني أو الهاتف.
وأشارت إلى أن إجراءات مغادرة الأتراك من المنطقة، تجري بالتنسيق مع كل من وزارة الخارجية الصينية، والإدارة المحلية في مقاطعة "خوبي" (وسط).
وفي وقت سابق اليوم السبت، أعلنت اللجنة الطبية الوطنية في الصين، بأن 41 شخصا توفي حتى الآن جراء الفيروس، بينما وصل عدد المصابين إلى ألف و287 شخصا، 237 منهم في حالة خطرة.
وفيروس كورونا الجديد الذي بات يسمى بـ "فيروس ووهان" نظرا لاكتشاف أول حالة إصابة بالفيروس بهذه المدينة، ينتقل عن طريق الجو في حالات التنفس والعطس والسعال.
وأول أعراض الإصابة بالفيروس، ارتفاع درجة حرارة الجسم، وألم في الحنجرة، والسعال، وضيق في التنفس، والإسهال، وفي المراحل المتقدمة يتحول إلى التهاب رئوي، وفشل في الكلى، قد ينتهي بالموت.
ما علاقة "حساء الخفافيش" بانتشار "كورونا" في الصين؟ (فيديو)
مروّع.. جثث ضحايا كورونا بالصين ملقاة بممرات المشافي (شاهد)
الإعلان عن عدد سكان الصين خلال عام 2019