بعد عمليات عسكرية قام بها النظام بريف إدلب الجنوبي والشرقي، والتي تزامنت مع قصف جوي وبري عنيف أدى إلى نزوح حوالي 700 ألف مدني من مناطقهم، نقل النظام عملياته الجوية والبرية إلى ريف حلب الغربي، الأمر الذي أدى إلى نزوح آلاف المدنيين باتجاه الحدود السورية التركية.
وأعلنت صفحات مقربة من النظام، بأن قواته ستتجه بعملياتها العسكرية إلى ريف حلب الغربي من أجل حماية حلب المدينة.
وحول هذا الموضوع، يرى الصحفي السوري حسين الخطيب، أن نقل المعركة من ريف إدلب إلى ريف حلب الغربي والجنوبي، هي محاولة لتغيير استراتيجية النظام العسكرية بعد فشله في التقدم البري على محور إدلب، وهذا المحور أرض زراعية مكشوفة، أما في ريف حلب ترتبط المراكز السكانية بالمدينة مما يساعد قواته على الزحف في المنطقة والسيطرة في الوقت ذاته على اتستراد حلب غازي عنتاب الدولي.
وقال الخطيب في حديث لـ "عربي 21": "النظام سيحقق من معركة ريف حلب أمرين، الأول السيطرة على الطريق الدولي، والثاني إبعاد قوى المعارضة عن مدينة حلب الواقعة تحت سيطرته، لكن معركة حلب بالنسبة للمعارضة تحقق مكاسب كبيرة، وخاصة أن البلدات في ريف حلب متاخمة لبعضها البعض، مما سيمكن المعارضة من الثبات لفترة أطول واستنزاف النظام، وخاصة أنها تحتوي على أرضية بإمكانها أن تحمي عناصر المعارضة وتحدث حرب شوارع".
اقرأ أيضا: استمرار سقوط القتلى بالقصف الروسي على إدلب وحلب
وأوضح أن هدف إيران من معركة ريف حلب يكمن بالحفاظ على "أمن وسلامة بلدتي نبل والزهراء كونهما بلدتان شيعيتان، إضافة إلى أن هذه المنطقة كلفت إيران ثمناً باهظاً في عام 2016 عندما تقدمت نحو نبل والزهراء، وتكبدت خسائر كبيرة، واقتراب المعارك إلى جانبها سيدفعها للمشاركة فعلياً في المعركة، وذلك لحماية مشروعها الشيعي في حلب".
ويعتقد الصحفي، أن إيران ستشارك بهذه المعركة بقوة خاصة أنها تسعى للرد أو الثأر على مقتل قاسم سليماني.
واستطرد قائلا: "من المرجح أن يقوم النظام بالتمدد وفصل إدلب عن درع الفرات وغصن الزيتون لحصارها، وفي الوقت ذاته يجبر الفصائل وسكان المنطقة على القبول باتفاقية للخروج من المنطقة نحو درع الفرات وغصن الزيتون وهذا ما حصل فعلياً في الكثير من المناطق السورية المحررة جنوباً، هذا في حال لم تقم المعارضة بالمبادرة وتحقيق تقدم في حلب مجدداً ستخسر الكثير لأن موقفها ضعيف جداً وخاصة أنها أصبحت في محطة انحسار لمناطقها ونفوذها".
من جانبه، يرى المحلل العسكري العميد أحمد رحال، أن هناك اتفاقا سابقا بين تركيا وروسيا لتسليم وفتح الطرق الدولية، وبالتالي تريد روسيا السيطرة على ريف حلب الغربي من أجل هذا الموضوع، ودخول الجيش الوطني إلى إدلب هو لكي يستلم أماكن تحرير الشام، لكن خرق الهدنة من قبل روسيا خلط الأوراق.
ويقول العميد رحال لـ"عربي21": إن "الفصائل العسكرية لديها مشكلة في إرادة القتال واستقلال القرار، فالثابت لديهم يعتمد على قرار الراعي وهي تركيا التي أعطت ضوءا أخضرا لتخريب كل ما أنجزه الروس، علما أن الملشيات الإيرانية لم تشارك للآن ربما بسبب ضغط روسي عليهم لكي لا يغضبوا الغرب من جهة، أو أن إيران لا تريد أن تغضب تركيا، لذا لن يشاركوا بمعارك ريف حلب الغربي".
الصحفي الميداني مهند درويش، يذهب إلى أن غاية النظام من فتح معركة ريف حلب الغربي تندرج ضمن سلسلة من العمليات التي تهدف بمجملها إلى السيطرة على كامل منطقة إدلب والمناطق المحررة الملاصقة لها، خاصة أن منطقة الريف الغربي تعد خاصرة مزعجة جدا للنظام في مدينة حلب، فهذه المنطقة مهمة جدا للثوار حيث أنها ملاصقة لمدينة حلب، ويمكن أن تشكل منطلقا لهجوم الفصائل على المدينة، كما أن المنطقة أيضا تقع على طريق دمشق حلب الدولي، حيث يدور الحديث حول إعادة افتتاحه وفق الاتفاق الروسي التركي.
اقرأ أيضا: مقتل 50 مدنيا بهجمات للنظام بإدلب خلال الـ10 أيام الأخيرة
ويقول الصحفي في حديث لـ"عربي21": إن قوات النظام السوري لن تتمكن مطلقا من فرض سيطرتها على ريف حلب الغربي خصوصا أنها مضطرة لاقتحام مناطق مثل الراشدين وخان العسل وهي أشبه باحياء سكنية ملاصقة لمدينة حلب وهي منطقة محصنة بالنسبة للفصائل، كما أن نوعية التدشيم وكمية المقاتلين المتواجدين في الريف الغربي أكبر مما هو الحال في ريف إدلب الشرقي، يضاف إلى ذلك أن الأراضي المفتوحة التي استفادت فيها قوات الأسد للتقدم في إدلب غير موجودة غربي حلب.
واعتبر درويش، أن هناك أوراقا تملكها المعارضة تتمثل بإمكانية الضغط على مواقع النظام في مدينة حلب، والتي لاتزال تقبع تحت سطوة نيران المعارضة.
في السياق ذاته، أكد النقيب ناجي المصطفى لـ"عربي21"، أن فصائل المعارضة أرسلت تعزيزات لهذه المنطقة، ووضعت الخطط الدفاعية والهجومية لمواجهة قصف قوات النظام وتقدمها.
النقيب في "الجيش الحر" عبد السلام عبد الرزاق، يؤكد أنه في الفترة الاخيرة وبعد الخسائر الكبيرة لميليشيات روسيا ونظام الأسد دخلت ميليشيات إيران إلى المعارك بقوة، حتى في ريف إدلب دخل لواء القدس، وكانت خسائره كبيرة وأعلى من المتوقع، وكامل جبهات حلب الآن هي لميليشيات إيران وهناك تنسيق عال بالفترة الأخيرة مع الروس بعد مقتل سليماني.
ويستبعد النقيب في حديثه لـ"عربي21"، أن يحاول النظام التقدم لفصل ريف حلب الشمالي عن الغربي كونه يعرض قوات النظام للحصار والاستنزاف.
لهذا انتقلت هجمات النظام إلى حلب.. هل انتهى من إدلب؟
هكذا تغيرت نسب النفوذ في سوريا مع نهاية 2019 (خريطة)
نقاط المراقبة التركية بقلب معارك إدلب.. ما مصيرها؟ (خريطة)