نشرت صحيفة "الدياريو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن استضافة المملكة العربية السعودية لكأس السوبر الإسباني قبل أيام، والذي توج فيه ريال مدريد في مدينة جدة.
وقالت الصحيفة، إن السعودية أرادت من هذه الاستضافة نصب فخ لمنتقديها، وسعت إلى تلميع صورتها.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد سبق أن اتبعتها دول أخرى مثل البحرين والإمارات العربية المتحدة وأذربيجان وإسرائيل.
وعلى حد تعبير محافظ مدريد إيزابيل دياز أيوسو، فإنه "لمن الفخر اتخاذ المملكة العربية السعودية خطوات لتحقيق المساواة بين الجنسين".
وذكرت الصحيفة أن صورة إيزابيل دياز أيوسو وهي تسلم جوائز كأس السوبر الإسبانية، التي انعقدت في جدة حظيت بترحيب من جانب الحزب الشعبي والعديد من المواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي لأنها تظهر خروج المرأة إلى الشارع دون حجاب. وهي لفتة قيل عنها إن فيها "جرأة" و"تحد نسوي" في سبيل الدفاع عن حقوق المرأة في بلد يعترف بإلزامية الحجاب في إطار نظام الوصاية الأبوي، على حد قولها.
وأوردت الصحيفة أن إيزابيل دياز أيوسو "التي تطالب بالحرية"، لم تتحد القانون السعودي عندما ظهرت للعلن دون حجاب. ففي الواقع، الحجاب ليس إلزاميا بالنسبة للنساء الأجنبيات اللاتي زرن السعودية منذ بضعة أشهر، وذلك في إطار إصلاحات تعطي انطباع الانفتاح على العالم الخارجي. أما العامل الآخر الذي ساهم في تلميع صورة السعودية هو كيفية تعاملها مع الجدل الذي تثيره في تسيير أعمالها الدولية، على غرار الاحتفال بكأس السوبر الإسباني الذي ينظمه الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم.
وأشارت الصحيفة إلى أن المراسلة مونيكا ميرشانت تعرضت لانتقادات على إثر تصريحها بأنها "تعمل بطريقة طبيعية"، وتأكيدها أن "هذه هي بداية التغيير"، حيث اعتبر الكثيرون ذلك طريقة لـ "تلميع" وضع النساء في مجتمع محافظ.
وبدوره احتفل الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم في تغريدة له بأن المرأة دخلت الملعب دون قيود، واصفا بأنها "لحظة تاريخية" تعبر عن المساواة في هذا البلد.
وأوضحت الصحيفة أنه في حين حاول النظام السعودي طيلة أربعة أيام تلميع صورته أمام العالم من خلال تنظيم حدث رياضي كبير، تقبع في السجن إحدى أبرز الناشطات السعوديات منذ شهر أيار/ مايو 2018، لجين الهذلول، التي كانت من بين النساء اللواتي طالبن بحقهن في القيادة ووضع حد لنظام الوصاية.
حسب وسائل الإعلام الإسبانية، منذ الإعلان عن استضافة السعودية المتنافسين على لقب كأس السوبر الإسباني، الذي سيقام أيضًا خلال العامين المقبلين مقابل 40 مليون يورو لكل موسم، كان على الاتحاد الوطني الإسباني لكرة القدم التعامل مع الانتقادات الموجهة إليه على خلفية اختيار بلد ينتهك حقوق الإنسان بشكل متواصل.
وأفادت الصحيفة بأن كأس السوبر الإسباني يعد الحدث الدولي الأخير الذي تمكنت هذه الدولة الخليجية من احتكاره بحثًا عن اهتمام العالم. فقد حددت وسائل الإعلام على غرار صحيفة "الغارديان" نقطة انطلاق السعودية في "الاهتمام الاستراتيجي" بالأحداث الرياضية منذ سنة 2016، عندما أمر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإنشاء صندوق لتطوير الرياضة لتعزيز هذه الأنشطة في السعودية. ومنذ ذلك الحين، استضافت المملكة مباراة الملاكمة بين البطل أنتوني جوشوا وأندي رويز، إلى جانب كأس السوبر الإيطالية وبطولة الغولف الأوروبية.
حيال هذا الشأن، قال المتحدث باسم منظمة العفو الدولية: "إن هذا النوع من الفعاليات أداة تستخدمها السلطات السعودية لتلميع صورتها. إنها عبارة عن صورة عن الإصلاح والانفتاح، لا علاقة لها بالواقع في البلاد".
نوهت الصحيف بأن هذه الممارسة ليست جديدة، ذلك أن وسائل الإعلام على غرار "بي بي سي"، أشارت إلى سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لتنظيم مثل هذه الفعاليات. في سنة 2015، نظمت أذربيجان حملة رياضة من أجل حقوق الإنسان في مدينة باكو، علما بأنه وجهت لها انتقادات بشأن قمع الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين والناشطين في البلاد.
في سنة 2018، أقيمت جولة جيرو دي إيطاليا في إسرائيل، التي أثارت غضب الكثيرين بسبب الانتهاكات الموثقة ضد الفلسطينيين لذلك أطلق نشطاء من جميع أنحاء العالم دعوة إلى مقاطعة دورة الدراجات الإيطالية. وحيال هذا الشأن، قالت كيت ألين، مديرة منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة: "إن الانطلاق من القدس من شأنه أن يسلط الضوء على سجل إسرائيل في انتهاك حقوق الإنسان. يبدأ السباق بالقرب من القدس حيث يواجه الفلسطينيون إجراءات قمعية من قبل الجيش الإسرائيلي على غرار هدم المنازل، وبناء مستوطنات غير شرعية وفرض سلسلة من القيود التي تشل حركتهم".
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن الانتقادات طالت أيضا البحرين والإمارات التي نظمت سباقات الجائزة الكبرى في الفورمولا وان. ولا يقتصر تلميع الصورة على تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى فحسب، بل يشمل أيضًا الاستثمار في الرعاية التجارية على غرار رياضة ركوب الدراجات في البحرين، التي وقع التشكيك في مشاركتها في دورات مثل "تور دو فرانس"، أو أندية كرة القدم الأوروبية الرئيسية على غرار ريال مدريد وهو نادي إسباني تحت إشراف الخطوط الجوية الإماراتية، ونادي مانشستر سيتي والعلاقة التي تربطه بأبوظبي، ونادي باريس سان جيرمان التابع لدولة قطر.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)
اقرأ أيضا: الجبير يستقبل الحاخام شناير.. "وسيط" بين الخليج واسرائيل
كيف تسعى الأنظمة العربية لتحسين صورتها عبر الرياضة؟
الغارديان: كيف كان 2019 عام انهيار سياسة أمريكا الخارجية؟
معارضة سعودية: السنة الجديدة تجلب للمملكة آفاقا قاتمة