نشر موقع "بلومبيرغ نيوز" مقالا للكاتب ليونيد بيرشيدسكي، يقول فيه إن روسيا أصبحت بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني بحاجة لخطة "ب" للتعامل مع إيران.
ويقول بيرشيدسكي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "مقتل سليماني يوم الجمعة قرب مطار بغداد الدولي غير الحسابات بالنسبة لتركيا وروسيا والنظام السوري، وكان سليماني وراء إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل عسكريا في سوريا في عام 2015، وهو زعم ينكره الكرملين، ومهما كانت صحة هذا الزعم فإن مقتله واحتمال تصعيد إيران للمواجهة مع أمريكا سيغيران من حسابات بوتين في المنطقة".
ويشير الكاتب إلى أنه في تعليق على مقتل سليماني أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى "مساهمته التي لا تنكر" في هزيمة تنظيم الدولة في سوريا، وقالت الوزارة إن سليماني كان أول من نظم جماعات معادية لتنظيم الدولة قبل إنشاء الولايات المتحدة تحالفها المناهض لمواجهة التنظيم.
ويقول بيرشيدسكي: "بالتأكيد لولا ما يطلق عليه (محور المقاومة) الذي يضم حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى فلم تكن روسيا لتتخذ قرارها وتدخل في النزاع السوري، وقدم حزب الله والقوات الإيرانية التي قادها سليماني الجنود المشاة الذين لم يكن الروس يريدون تقديمهم لدعم قوات بشار الأسد الضعيفة والمنهكة لهزيمة القوات المعارضة للنظام، بما فيها قوات سوريا الديمقراطية التي دعمتها الولايات المتحدة، وكان من المهم بالنسبة لبوتين ألا يكون الأسد وحيدا، ولو كان هذا هو الحال لكان من السهل التخلص منه".
ويلفت الكاتب إلى أن بعض المحللين يرون أن روسيا كانت معنية دائما بالحد من دور إيران في سوريا؛ لأن الكرملين لا قدرة له على التحكم بها أو بجماعتها الوكيلة حزب الله، مشيرا إلى أن بوتين من جانبه لم يكن معنيا بتحمل الأزمة السورية وحده، لكنه كان راغبا في تقوية القوى التي تقدم المصالح الاقتصادية والعسكرية الروسية على حساب مصالح الولايات المتحدة، وهذا يعني بالنسبة له الحفاظ على الوضع كما هو.
ويفيد بيرشيدسكي بأن موسكو تنظر إلى محور المقاومة، وليس الأسد، باعتباره الوضع القائم، مشيرا إلى قول السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين في مقابلة له عام 2019: "أقولها بصراحة: يجب عدم تقييد التأثير الإيراني على النظام السوري، ويجب أن تظل علاقة قوية لا تهتز بين محاور دمشق وطهران وحزب الله، وهي طريق المستقبل".
وينوه الكاتب إلى أن الدبلوماسيين الروس وبوتين تجنبوا في الوقت ذاته وصف إيران بالدولة الحليفة لموسكو، فهي بالنسبة لهم جزء مركزي في الترتيبات الجيوسياسية التي لا يرغبون بأن تستبدل بترتيبات مؤيدة لأمريكا، مشيرا إلى أنه في محاولة لوضع نفسه وسيطا في الشرق الأوسط بدلا من الاصطفاف مع واحد من معسكراته، فإن بوتين تعاون مع عدوة إيران، إسرائيل، ومع تركيا التي تتصادم طموحاتهما الإقليمية مع إيران.
ويجد بيرشيدسكي أن "وفاة سليماني لم تغير شيئا من هذه الترتيبات الأساسية كلها، وكل ما شعرت روسيا أنها مجبرة على عمله هو تقديم العزاء لإيران، وهو ما فعله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وعبر عنه بوتين، ودعمت روسيا خليفة سليماني إسماعيل قآني، فيما لن يدعم بوتين أي عملية انتقامية إيرانية ضد أمريكا، لكنه يحتاج للرد لو انتقمت إيران وخرجت الأمور عن السيطرة"
ويذكر الكاتب أن المحلل الروسي بافيل فلاغينهور شبه مقتل سليماني بمقتل الأرشيدوق فرانس فرديناند في سراييفو عام 1914، وهي الحادثة التي أشعلت الحرب العالمية الأولى، "فواحد من السيناريوهات هو انتقام إيران بضربة موجهة لإسرائيل، ترد فيها الأخيرة على مواقع إيرانية وجماعات وكيلة في سوريا، بشكل يهدد مصالح روسيا وقواتها في هذا البلد، ويخطط بوتين لزيارة إسرائيل هذا الشهر، ويعد خفض التصعيد في سوريا واحدا من أهم الموضوعات التي سيبحثها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
ويبين بيرشيدسكي أنه "على المستوى الاستراتيجي فإن الرد الإيراني قد يؤدي إلى تخريب التوازن الاستراتيجي الذي عملت روسيا على الحفاظ عليه من خلال التدخل، ولهذا سيحاول بوتين الحفاظ عليه وبمساعدة من القادة الأوروبيين، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل".
ويقول الكاتب إن "بوتين لا يستبعد حربا شاملة بين إيران وأمريكا لا يمكن لطهران الانتصار فيها، ولهذا يحتاج بوتين لترتيب يسمح له بنشر مزيد من القوات الروسية في سوريا، ومنع نشوء نظام قريب من الولايات المتحدة، والبحث عن محاور جديدة تسمح له بالحفاظ على القواعد العسكرية هناك".
ويستدرك بيرشيدسكي بأن "خيارات بوتين في الوضع الحالي محدودة، وتقتصر حاليا على العمل مع تركيا، وهي اللاعب القوي الآخر في المنطقة، وتبقى حليفا ليس قويا لأمريكا، وسيزور بوتين أنقرة اليوم الأربعاء، وستكون هناك موضوعات لمناقشتها مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، غير بناء خط غاز جديد، ورغم أن أردوغان وبوتين يدعمان الطرفين المتحاربين في ليبيا، إلا أنهما أثبتا قدرة على التعاون، كما في سوريا".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الأسد سيكون الخاسر في أي خطة روسية بديلة، فأردوغان يفضل رحيله، ومن هنا فإنه في ظل غياب الدعم الإيراني فإن بوتين سيحاول البحث عن تسوية في سوريا بدلا من استمرار دعم الرئيس الحالي، وعليه فإنه يجب على الأسد أن يدعو الله متضرعا لئلا تعجل إيران للمواجهة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
FT: هذه المخاطر الناجمة عن اغتيال سليماني في بغداد
هكذا تناولت صحف أمريكية اغتيال "سليماني"
الغارديان: كيف كان 2019 عام انهيار سياسة أمريكا الخارجية؟