نشرت صحيفة "أوبزيرفر" مقالا للمعلق فيها سايمون تيسدال، تحت عنوان "بعد سليماني ستضرب إيران بقوة وربما على عدة جبهات".
ويقول تيسدال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن المقابر الواسعة خارج طهران هي تذكير بالثمن الباهظ الذي دفعته إيران خلال حرب 1980 -1988 مع العراق، فقد قاتل ومات مئات الآلاف من الشبان الإيرانيين في الحرب الفظيعة ضد صدام الذي سلحته الولايات المتحدة، وكان من بين الجنود الإيرانيين الذي شاركوا في الحرب، قاسم سليماني.
ويشير الكاتب إلى أن "الحرب كانت بالمعاني كلها هي التي شكلت الرجل الذي وصل إلى أعلى المستويات في المؤسسة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، وكان ولاء سليماني للنظام الثوري الذي سيطر على إيران عام 1979 صلبا، وكذلك اعتقاده بأن أمريكا العنيدة هي العدو الأول لبلاده وقد كتب هذا الاعتقاد بالدم".
ويلفت تيسدال إلى أن "سليماني أصبح مهندس التوسع الإيراني في العراق، الذي بدأ على قدم وساق بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وساعدت أمريكا طهران في تحقيق السيادة على البلد بطريقة لم تكن قادرة على القيام بها من قبل، واستطاعت إيران وعلى مدى عقود توسيع سيادتها على سوريا ولبنان وغزة واليمن".
ويبين الكاتب أن "إرث سليماني الحقيقي سيكون هو المواجهة المستمرة بين بلاده وأمريكا، وسيحدد الطريقة التي سترد فيها إيران على مقتله، عندما أمر الرئيس دونالد ترامب باغتياله قرب مطار بغداد يوم الجمعة، معالم المواجهة".
ويرى تيسدال أن "ما أشار إليه البعض في أمريكا، من أن إيران ستتراجع وسترضى بما حدث، يكشف عن قلة معرفة الأمريكيين بطهران، فقد اعتبر الكثيرون في إيران مقتل قائد مهم بمثابة إعلان الحرب، ورأوا في سليماني شهيدا يجب الانتقام له، وعبر المرشد الأعلى آية الله خامنئي ووزير الخارجية محمد جواد ظريف عما سيحدث، وسيكون مقتل سليماني بمثابة نقطة الحشد لدعم النظام".
ويلفت الكاتب إلى أن "وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد عبر وبشكل واضح عن طبيعة الوجود الأمريكي في المنطقة، وبأنه يمثل أرضية خصبة للاستهداف، فلو قررت إيران شن هجوم شامل على أمريكا فستكون القاعدة العسكرية الأمريكية في البحرين مركز الأسطول الخامس الأمريكي هي الهدف الأول".
ويجد تيسدال أنه "من خلال التجارب السابقة فإن مواجهة واضحة ومباشرة ليست محتملة، فحلفاء أمريكا ومنشآتهم يظلان أمرا مختلفا، ففي المسرح الخليجي لدى إيران عدد من الخيارات، فقد تضرب مراكز إنتاج وتصدير النفط في السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما فعلت عندما استخدمت الصواريخ والطائرات المسيرة في أيلول/ سبتمبر، وربما اختارت إيران إغلاق مضيق هرمز بشكل تحدث فيه صدمة للنفط العالمي".
ويرى الكاتب أن "إسرائيل والقيادة العسكرية فيها لديهم أسبابهم التي تدعوهم للقلق، فقد استطاعت إيران وبجهود من سليماني بناء قواعد لجماعاتها الوكيلة في سوريا، وكان وجود هذه الجماعات المبرر الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشن غارات على سوريا والعراق".
ويفيد تيسدال بأنه "بالنسبة للمؤسسة الإيرانية المتشددة فإن إسرائيل تعد الذراع غير الشرعية للشيطان الأكبر، أي أمريكا، وتعرف هذه المؤسسة أن إسرائيل تعيش أزمة سياسية حادة، ولهذا فلا يمكن دفع الرغبة بضرب عدو مكروه لم يتوقف ترامب عن منحه الهدية تلو الأخرى".
ويقول الكاتب: "لو نفذت إيران وعدها بالانتقام من إسرائيل فسيأتي من لبنان، وعبر حزب الله الذي يمارس تأثيرا واسعا في البلد، ومع أنه تجنب الحرب مع إسرائيل منذ آخر حرب في عام 2006، إلا أنه أعاد بناء ترسانته العسكرية، وزودته إيران بصواريخ متقدمة ومن الأحجام كافة".
ويرى تيسدال أن "العراق، الذي شهد اغتيال سليماني، وأغضب قرار ترامب قادته، قد يكون ساحة انتقام للقيادة الإيرانية، وتعرضت السفارة الأمريكية نهاية كانون الأول/ ديسمبر لهجوم من الجماعات الموالية لإيران، فيما ضربت الجماعات المسلحة القواعد العسكرية التي يعمل منها الأمريكيون، حيث تحتفظ واشنطن بـ5 آلاف جندي في العراق وسوريا".
وينوه الكاتب إلى أن "لدى طهران خيارات أخرى غير العمليات الواضحة، مثل القيام بعمليات تخريب ناقلات نفط، وهجمات صاروخية تبعد نفسها عنها، أو تفخيخ أهداف واستهدافها بشاحنات محملة بالمتفجرات، كما فعلت في عام 1983، حيث قتل 250 من جنود المارينز في بيروت".
ويعتقد تيسدال أن "أمريكا وحلفاءها في أوروبا والمنطقة، خاصة السعودية والإمارات، لديهم سبب للشعور بالقلق، فلم يستشر ترامب حلفاءه عندما أمر بقتل سليماني، وربما اندفع السعوديون، الذين لديهم أسلحة أمريكية متقدمة، للقيام بعملية وقائية بشكل يوسع النزاع".
ويقول الكاتب إن "هناك حاجة لحكومة بوريس جونسون، التي أظهرت موقفا متشددا تجاه إيران، أن تتجنب الوقوع في فخ المواجهة الحالية، فترامب يريد من جونسون دعمه، مهما كان موقف البرلمان والرأي العام، لكن جونسون ووزير خارجيته دومينك راب ليست لديهما خبرة، ولا يعرفان ماذا يفعلان لو تعرضت ناقلات أو قواعد بريطانية في الخليج للهجوم".
ويشير تيسدال إلى أن "طهران لديها وسيلة سياسية تحاول من خلالها التحكم في غضب العراقيين والقيادة السياسية، وتوجيه جهودهم لدفع الدبلوماسيين والمتعهدين والجنود الأمريكيين للخروج وبشكل كامل من العراق، فقتل سليماني حرف غضب العراقيين عن إيران إلى الولايات المتحدة".
ويلفت الكاتب إلى أن "لدى إيران أصدقاء مثل الصين وروسيا، وهما مستعدتان للدعم، ويخشى فلاديمير بوتين، الذي يتعاون مع طهران في سوريا، من تأثير القتل على جهوده في مكافحة تنظيم الدولة والجهاديين، فيما لن ترحب تركيا، التي تتميز علاقتها مع أمريكا بالتوتر، ولديها علاقات مع إيران، بأي جهد يزعزع استقرار حدودها الشرقية والجنوبية".
ويعتقد تيسدال أنه "ليس لدى الصين سبب يدعوها لمساعدة ترامب، التي تشبه سياسة الضغط القصوى على إيران ما فعله معها، وتعارض روسيا والصين التدخل الغربي في الخارج، وواصلتا علاقاتهما مع إيران".
ويقول الكاتب: "من الناحية النظرية فإن لدى إيران أداة قانونية ودبلوماسية، فقتل الولايات المتحدة مسؤولا حكوميا على أرض أجنبية يعد خرقا للقانون الدولي، وكذلك قانون صلاحية الحرب في الكونغرس، ويمكن رفع الأمر للأمم المتحدة وإلى المحاكم المحلية العراقية والإيرانية وحتى الأمريكية".
ويختم تيسدال مقاله بالقول إنه "لا يمكن توقع أي تصرف عقلاني من طرفي النزاع، فالمواجهة التي بدأت عام 1979 ساءت منذ وصول الرئيس ترامب إلى الحكم، وقراره الخروج من الاتفاقية التي وافقت عليها الأمم المتحدة للحد من نشاطات إيران النووية، في الوقت الحالي يتساءل الجميع: ماذا سيكون رد إيران؟ لكن السؤال الأكبر هو: كيف سيرد ترامب لو ضربت إيران وبقوة؟".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
MEE: إسرائيل تراقب بحذر رد إيران على مقتل قائدها
NYT: قاسم سليماني ألقى بظل طويل على الشرق الأوسط
NYT: هكذا قتل الأمريكيون قاسم سليماني في بغداد